فى مناقشة قضية فلسطين والقرار الذى أصدرته واشنطن، يتكرر الحديث عن إنشاء دولة فلسطين والاًصح هو الدعوة «للإعتراف» بالدولة الفلسطينية. فلسطين دولة كانت قائمة وستظل قائمة. وجودها يستند إلى نفس القرار الذى أنشأ دولة اسرائيل فهو لم يلغ فلسطين إنما قام بتقسيمها ليعطى جزءا منها إلى الصهاينة والتقسيم يقع على ما هو موجود. فلسطين قائمة منذ التاريخ كتب عنها هيرودوت مشيراً إلى المدن الفلستية حيث عاش الفلستيون من القرن ال12 بالساحل الجنوبى بين يافا ووادى العريش. وأطلق اسم فلسطين على منطقة ذات حدود سياسية معينة فى القرن الثانى للميلاد، عندما ألغت سلطات الإمبراطورية الرومانية ولاية يهوذا إثر التمرد اليهودى عليهم عام 132 للميلاد. أصبحت فلسطين فى عهد الخلافة الإسلامية تُسمى «جند فلسطين». حدودها التاريخية من النهر إلى البحرب حددتها وثائق متعددة تباينت حسب المفاوضات والاتفاقيات بين الإمبراطوريات التى سيطرت على الشرق الأوسط فى مطلع القرن ال 20 وصممت حدودها السياسية. كانت مطمعاً للغزاة إلى أن أصبحت تحت الإنتداب البريطانى. بعد الحرب العالمية الثانية طالبت هيئة الأممالمتحدة التى حلت محل عصبة الأمم، إعادة النظر فى صكوك الانتداب التى منحتها عصبة الأمم للإمبراطويات الأوروبية، واعتبرت حالة الانتداب البريطانى على فلسطين من أكثر القضايا تعقيدا وأهمية. بدأت فكرة تقسيم فلسطين فى تقريرين أحدهما من لجنة بيلت سنة 1937 والآخر من لجنة وودهد سنة 1938، اللتين تم تشكيلهما من قبل الحكومة البريطانية لبحث قضية فلسطين إثر الثورة الفلسطينية الكبرى التى اندلعت بين 1933- 1939. قامت هيئة الأممالمتحدة بمحاولة لإيجاد حل للنزاع العربي/اليهودى بتشكيل لجنة UNSCOP التى طرحت مشروعين أحدهما ينص على اقامة دولتين مستقلّتين بإنشاء دولة يهودية على جزء من فلسطين، وإدارة دولية لمدينة القدس، ويتفق الطرفان على مصير القدس والثانى على تأسيس فيدرالية تضم كلتا الدولتين. وافقت هيئة الأمم على مشروع التقسيم وطرحته للمناقشة. كان اعضاء الأممالمتحدة عندئذ 57 دولة. الدول المهزومة في الحرب العالمية الثانية - ألمانيا، اليابان وحلفاؤهما كانت خاضعة لسلطات الاحتلال ممنوعة من الانضمام إلى المنظمة الدولية. أغلبية الدول الإفريقية وجنوب شرق آسيا لم تكن مستقلة خاضعة للاستعمار. صدر قرار الجمعية العامة رقم 181 بتاريخ 29 نوفمبر 1947 بأغلبية بما فى ذلك الثلاث دول الكبار فرنسا - الاتحاد السوفيتى - الولاياتالمتحدةالأمريكية نص القرار على «تقسيم فلسطين» إلى 3مناطق، إحداها دولة عربية مساحتها نحو 11000كم2، والأخرى يهودية ومساحتها 15000 كم2. قوبل القرار برفض عربى رسمى وشعبي، اعتبره باطلا، سارت تظاهرات منددة به فى شوارع القاهرة. وصفته بالمجحفة فى حق الأكثرية العربية التى تمثّل 67% مقابل 33% من اليهود. فقد أعطى الاقتراح 56.5% من فلسطين لليهود الذين كانوا يملكون 7% فقط من التراب الفلسطيني. استحسن معظم اليهود مشروع القرار، إلا أن صهاينة متشددين منهم شامير ومناحيم بيجن رئيس منظمة الإرجون الصهيونية، وعضو عصابة الشتيرن الذى أعلن بطلان شرعية التقسيم وأن كل أرض فلسطين «بما فى ذلك شرق الأردن ملك لليهود وستبقى كذلك إلى الأبد». نشير إلى هذه التصريحات لتأكيد أن النية كانت مبيتة منذ البداية للاستيلاء على جميع اراضى فلسطين وعدم الإكتفاء بما حدده قرار التقسيم بغض النظر عما عقد من اجتماعات واتفاقيات سواء فى مدريد أو أوسلو أو غيرهما. وقعت بعد ذلك سلسلة من التطورات فى عدة ساحات قامت اسرائيل بالتوسع على اراضى فلسطين وبناء المستوطنات على الأراضى المحتلة والإستيلاء على القدس فى تحد كامل وسافر للقوانين الدولية. ارتكبت مئات الجرائم الوحشية من قتل واغتيال القيادات والمدنيين والإعتداء على الأطفال والمسنين وهدم المنازل. صدر عدد من القرارات الدولية والبرلمانية التى تدين ذلك الاحتلال والإنتهاكات والجرائم التى ترتكبها من قتل وتدمير فى حق شعب يسعى لتحرير ارضه. وفى 29 نوفمبر سنة 2012 منحت الأممالمتحدةفلسطين صفة دولة مراقب. وصلنا إلى حالة غير مسبوقة فى التاريخ انضمت إلى اسرائيل دولة كبرى لتدعم تطلعات اسرائيل بإزالة فلسطين واحتلال ارضها. دولة انتهكت المواقف الرسمية لحكومتها والمواثيق الدولية التى وافقت عليها دولة كان المفروض أن تكون وسيطاً محايداً وإذا بها تصبح طرفاً فى قضية التعدى على اراض محتلة. أصدرت واشنطن قراراً ظالماً رفضه مجلس الأمن ورفع الأمر للجمعية العامة استنادا إلى مادة 7 من الميثاق وللمرة الثانية رفضت أغلبية الدول ذلك القرار. أين نحن الآن؟ أصبح المناخ العالمى مهيئاً لإيجاد حل عادل لقضية طال أمدها واستثمار جهود تلك الدول الساعية للسلام والمنظمات والهيئات التى تساند العدل والحق للإعتراف بدولة فلسطين استناداً إلى نفس القرار الذى أنشأ اسرائيل والمواثيق الدولية ويتم التفاوض حول القدس بين الطرفين ولا يقصد بهما اسرائيل وأمريكا. تنص اتفاقية جنيف الرابعة حول الإحتلال فى م8 أنه الا يجوز حتى للأشخاص المحمية انفسهم التنازل عن حقوقهم كما تنص القوانين والتشريعات المتعارف عليها أنه بعد انتهاء الإنتداب يجب اعادة تسليم الأراضى إلى أصحابها الحقيقيين لكن أرض فلسطين تسلمتها دولة اغتصبت الأرض لتستورد لها مواطنين من دول العالم بناء على عقيدتهم. فلسطين دولة تعرضت لكثير من حالات الاستعمار من عدة دول منها الفراعنة، والآشوريون والفرس والإغريق والرومان والبيزنطيون، والخلافة العربية، والعثمانيون، والبريطانيون وأخيرا إسرائيل بعد نكسة 1948ثم استقروا فى أرض فلسطين فهل لهم جميعا المطالبة بها؟ ظلت توصف فى مجلدات التاريخ انها دولة عربية لقد آن اوان الإعتراف بها كدولة لها كيانها واستقلالها وعاصمتها قد يبدو الأمر صعبا لكن التاريخ لا يعرف المستحيل. تمكنت اسرائيل خلال 200 عام من اقناع دول العالم بقضية ظالمة ليس لها سند قانونى واستعملت فى ذلك جميع اوراقها فهل لا يقدر العالم على الإعتراف بدولة قائمة فعلاً لها سند قانونى؟! وهل نحن نضن عليها بإستخدام اوراقنا الكثيرة التى نستعملها لمجرد التهديد.؟!. لمزيد من مقالات د. ليلى تكلا