. وللنفس ثلاثة أحوال: أمارة ولوامة ومطمئنة, ومجاهدة النفس الأمارة منحصرة في عصيانها ومخالفة هواها( وأما من خاف مقام ربه ونهي النفس عن الهوي فإن الجنة هي المأوي), والنفس اللوامة التي إذا فعلت السوء رجعت إلي نفسها فندمت وأنابت, والندم توبة كما يقول الرسول عليه الصلاة والسلام, وفي الآية( إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون). قال أحد الصالحين: فمن خالف نفسه الأمارة وجاهد أهواءها المضلة عن سواء السبيل ثم استعمل العقل والبصيرة في حساب النفس اللوامة فقد حققت له النجاة من خدع الشيطان, وباستمرار المراقبة لأحوال النفس وأفعالها ومباينة هواها تطمئن وتذعن إلي الحق فتستسيغه بل وتستمرئه وتنزع عن اتباع الهوي إلي طريق الهدي. وإذا اطمأنت النفس وميزت بين الحق والباطل علما وعملا حفت بها السكينة وغمرتها الرحمة وأسماها الله مطمئنة فخاطبها بقوله( يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلي ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي). واستمرار ذكر الله ومناجاته من أفضل العوامل لهداية النفس واطمئنانها( ألا بذكر الله تطمئن القلوب), ولا يؤثر الذكر في القلب ولا يخالط الروح إلا إذا باشر القلب واتخذه الإنسان وردا له, فإن( من لا ورد له لا وارد له) أي لا يرد نور الحق إلي قلبه بحالة مستمرة. وحسبك في بيان فضيلة الذكر قول الله عز وجل( يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا وسبحوه بكرة وأصيلا), وقال( واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون), وفي الحديث القدسي( من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين ولا أبالي) وسئل رسول الله صلي الله عليه وسلم: أي العباد أفضل درجة عند الله تعالي يوم القيامة قال: أكثرهم لله ذكرا, وسئل أي الصائمين أعظم قال: أكثرهم لله ذكرا, ثم ذكر السائل الصلاة والزكاة والحج والصدقة ورسول الله يقول أكثرهم لله ذكرا فقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: قد ذهب الذاكرون بكل خير فأجاب رسول الله صلي الله عليه وسلم: أجل. المزيد من أعمدة عبد الناصر سلامة