وفود أجنبية تناقش تجربة بنك المعرفة في مصر.. تفاصيل    جامعة القناة تستقبل أحدث أجهزة الرفع المساحي لتدريب 3500 طالب    سؤال يُحير طلاب الشهادة الإعدادية في امتحان العربي.. ما معنى كلمة "أوبة"؟    بزيادة 17 مليار جنيه، خطة النواب تناقش موازنة هيئة الأبنية التعليمية    البورصة المصرية توقع بروتوكول تعاون مع جامعة حلوان    وزير الإسكان: بدء تسليم وحدات الحي السكني الثالث R3 بالعاصمة الادارية الجديدة    محافظ أسيوط يتفقد إحلال وتجديد موقف سيارات الغنايم (صور)    «الإحصاء»: 26.2 مليون أسرة في مصر خلال 2024    أمير الكويت للحكومة الجديدة: سنحاسب من يقصر في أداء عمله    باحثة سياسية: إسرائيل تحاول تصدير مشكلة غزة وتحميل مسؤوليتها لمصر    من هو حسين مكي القيادي في حزب الله الذي اغتالته إسرائيل؟    رئيس الوزراء الفلسطيني: شعبنا سيبقى مُتجذرا في أرضه رغم كل محاولات تهجيره    وزير الخارجية: مصر حريصة على إنهاء أزمة غزة وإعادة السلام للمنطقة    بعد الصين.. بوتين يزور فيتنام قريبا    «باحث»: الاحتلال يعيد سيناريو النكبة بعد مرور 76 عامًا    نهائي الكونفدرالية، موعد مباراة الزمالك ونهضة بركان والقنوات الناقلة    يوفنتوس وأتالانتا في قمة نارية بنهائي كأس إيطاليا    مفاجأة، من يحرس عرين ريال مدريد بنهائي دوري أبطال أوروبا؟    وليد عبدالوهاب: استاد القاهرة جاهز لاستقبال نهائي الكونفدرالية.. وسعة الملعب 72 ألف كرسي    ضبط 4 أشخاص بتهمة التنقيب عن الآثار في الشرقية    رابط الاستعلام عن أرقام جلوس امتحانات الثانوية العامة 2024- تفاصيل    «تشكيل مسلح».. ضبط عصابة تتبع رواد البنوك وسرقتهم بالجيزة    ضبط 14293 مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    التحفظ على نصف طن سمك مجهول المصدر بالقليوبية    اليوم ثاني جلسات محاكمة المتهمين بقتل شخص بالفيوم    سلمى أبو ضيف تعلن خطبتها لشاب من خارج الوسط الفني    إنعام محمد علي.. ابنة الصعيد التي تبنت قضايا المرأة.. أخرجت 20 مسلسلا وخمسة أفلام و18 سهرة تلفزيونية.. حصلت على جوائز وأوسمة محلية وعربية.. وتحتفل اليوم بعيد ميلادها    أوبرا أورفيو ويوريديتشي في مكتبة الإسكندرية    وسيم السيسي: العلم لم يثبت كلام موسى على جبل الطور.. أو وجود يوسف في مصر    أحمد حاتم عن تجربة زواجه: «كنت نسخة مش حلوة مني»    وزير الري: 97.69 ٪ نسبة تنفيذ الشكاوى من يناير 2021 حتى أبريل 2024 -تفاصيل    أيمن عاشور: نسعى لجعل بنك المعرفة منصة رائدة للتعليم العالي على مستوى العالم    مسلسل دواعي السفر الحلقة 1.. أمير عيد يعاني من الاكتئاب    تشاهدون اليوم.. نهائي كأس إيطاليا وبيراميدز يستضيف سيراميكا    تداول 10 آلاف طن و675 شاحنة بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحر الأحمر    اليوم.. «محلية النواب» تناقش موازنة هيئتي النقل العام بمحافظتي القاهرة والإسكندرية لعام المالي 2024-2025    أولي جلسات محاكمة 4 متهمين في حريق ستوديو الأهرام.. اليوم    وزير الرياضة يكشف موقف صلاح من حضور معسكر المنتخب المقبل    «الصحة» تشارك في اليوم التثقيفي لأنيميا البحر المتوسط الخامس والعشرين    تحالف والدى «عاشور» و«زيزو» ضد الأهلى والزمالك!    عيد الأضحى المبارك 2024: سنن التقسيم والذبح وآدابه    بعد تصدرها التريند.. من هي إيميلي شاه خطيبة الفنان العالمي مينا مسعود؟    وزارة المالية تعلن تبكير صرف مرتبات يونيو 2024 وإجازة عيد الأضحى تصل إلى 8 أيام    حكم طواف بطفل يرتدي «حفاضة»    بسبب الدولار.. شعبة الأدوية: نطالب بزيادة أسعار 1500 صنف 50%    مرصد الأزهر يستقبل وزير الشؤون السياسية لجمهورية سيراليون للتعرف على جهود مكافحة التطرف    النائب إيهاب رمزي يطالب بتقاسم العصمة: من حق الزوجة الطلاق في أي وقت بدون خلع    امرأة ترفع دعوى قضائية ضد شركة أسترازينيكا: اللقاح جعلها مشلولة    أمين الفتوى: الصلاة النورانية لها قوة كبيرة فى زيادة البركة والرزق    شوبير: الزمالك أعلى فنيا من نهضة بركان وهو الأقرب لحصد الكونفدرالية    حظك اليوم وتوقعات الأبراج 15-5: نجاحات لهؤلاء الأبراج.. وتحذير لهذا البرج    إبراهيم عيسى: من يقارنون "طوفان الأقصى" بنصر حرب أكتوبر "مخابيل"    تراجع سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الأربعاء 15 مايو 2024    بشرى سارة للجميع | عدد الاجازات في مصر وموعد عيد الأضحى المبارك 2024 في العالم العربي    أسهل طريقة لعمل وصفة اللحمة الباردة مع الصوص البني    بعيدًا عن البرد والإنفلونزا.. سبب العطس وسيلان الأنف    أحمد كريمة: العلماء هم من لهم حق الحديث في الأمور الدينية    بعد 7 شهور من الحرب.. تحقيق يكشف تواطؤ بايدن في خلق المجاعة بغزة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحلام وهموم مصرية..عام رحل وعام يجىء
نشر في الأهرام اليومي يوم 29 - 12 - 2017

ما بين عامين يقف الإنسان حائرا يستعرض القضايا والأزمات ومن منها انتهى مع عام رحل ومن منها انتقل الى عام قادم..لا أعتقد أن مصر قد واجهت من قبل هذا الكم الهائل من المشاكل والأزمات والتحديات ولا اعتقد ان المصريين الشعب وصاحب القرار قد عاشوا هذه التقلبات الحادة فى تاريخهم الحديث..إن مصر تقف بين عامين أحدهما كان شديد الضراوة والآخر نأمل أن يكون رحيما بنا وان كانت هناك أزمات مازالت تمثل عبئا شديدا علينا..فى تقديرى أن هناك قضايا هى الأخطر فى مسيرة الشعب المصرى..
أولا: لا أحد فى العالم وليس فى مصر فقط يتصور مصر بدون النيل وليس كما قال المؤرخ اليونانى الشهير هيرودوت من آلاف السنين «أن مصر هبة النيل»لأن الحقيقة ان النيل هو حياة المصريين ولا حياة لشىء فى مصر بدون مياه النيل..من هنا فإن العالم يدرك هذه الحقيقة التاريخية التى ترسخت عبر التاريخ أن النيل هو مصدر المياه التى يعيش عليها الآن مائة مليون مصرى..لا وقت الآن للحديث عن أخطاء الماضى وإهمال ملف حوض النيل بل وإهمال القارة الأفريقية فى زمن مضى لا أعرف أين كان المسئولون فيه من قضايا وأزمات ومستقبل هذا الوطن، ولكن المؤكد أنهم كانوا فى غيبوبة طالت..نحن الآن أمام واقع لابد أن نواجهه خاصة انه لا توجد أمامنا بدائل أخرى..إن إثيوبيا تماطل فى مفاوضات سد النهضة وقد نجحت فى انتهاز فرصة سريعة وأقامت السد والآن ليست القضية فى سد أقيم ولكن فى مياه لا بديل أمامنا غير أن تتدفق لأنها تمثل لنا الحياة..إن على مصر أن تتخذ كل الخطوات لكى تحافظ على نصيبها الذى قررته الاتفاقيات الدولية من مياه النيل لأن النيل ينبغى أن يبقى للجميع ولا يوجد مصرى واحد ضد مصالح الشعب الإثيوبى لأننا حريصون على حقنا فى الحياة وأكثر حرصا على حياة الآخرين ولكن على هؤلاء الآخرين أن يدركوا بفهم شديد خطورة القضية وأهميتها لمصر إذا حاول البعض استغلال مياه النيل كورقة سياسية فهذه المناطق لا يجوز فيها العبث السياسى وإذا كانت هناك أطراف دولية تسعى للتدخل فى هذه القضايا فإن العالم كله يدرك انه لا يمكن التدخل فى قضايا الحياة، والماء هو الحياة..إن مصر مازالت تفتح كل الأبواب أمام المفاوضات حول سد النهضة، خاصة ما يتعلق بسنوات تخزين المياه أمام السد مع ضمانات كاملة بألا يتعارض ذلك مع حصة مصر الثابته والمعروفة..
على الجانب الآخر فإن موقف السودان ممثلا فى حكومته يتعارض تماما مع ثوابت العلاقات بين الشعبين المصرى والسودانى وهى علاقات أكبر بكثير من قرارات طائشة يصدرها مسئول أو تصريحات إعلامية تفسد العلاقات بين الشعبين
حين يجىء الحديث عن النيل والمياه وحياة المصريين يمكن أن يكون التفاوض بابا للتقارب فى وجهات النظر وحماية المصالح ولكن هناك نقطة لا يستطيع احد، أيا كان موقعه، ان يتفاوض حولها وهى حياة الشعب المصرى إنها لا تقبل التفاوض.. ولا اعتقد أن فى مصر مسئولا واحاد يمكن أن يفرط فى نقطة مياه واحدة مهما كان ثمن ذلك، ويجب أن تصل هذه الرسالة بكل الوضوح إلى جميع الأطراف..
ثانيا: فى كلمته الأخيرة فى الإسماعيلية تحدث الرئيس عبد الفتاح السيسى عن تعمير سيناء وأكد ان هذه المهمة هى مشروع الدولة المصرية خلال العامين القادمين، وان المشروع سوف يقوم على دعامتين، تنمية سيناء فى كل المجالات ومقاومة الإرهاب بكل العنف..ان الشىء المؤكد ان إهمال التنمية فى سيناء هو الذى فتح أبواب الإرهاب وجعل حشود الخفافيش تتسلل إليها وان نقطة البداية للتخلص من الإرهاب هو تنمية سيناء، هناك خطط معروفة وواضحة مضت عليها سنوات طويلة ولم تنفذ فمازالت ترعة السلام تنتظر من يزرع 500 الف فدان، ومازالت سيناء الخالية تنتظر ثلاثة ملايين شاب يعيشون فيها، ومازالت الأنفاق الأربعة تنتظر هذا التلاحم البشرى الخلاق بين الوطن الأم وسيناء الغالية ومازال أهالى سيناء ينتظرون الدعم من الدولة فى كل المجالات إن الإرهاب قضية سوف يحسمها جيش مصر العظيم وهى مهمة مقدسة دفاعا عن الأرض، ولكن تنمية سيناء هى اكبر الضمانات لحمايتها من كل الأطماع والتهديدات وقد وعد الرئيس السيسى أن يكون هذا مشروع مصر فى العام القادم.
ثالثا: سوف تبقى قضية البناء والتنمية هى الهدف الذى تسعى اليه مصر حكومة وشعبا ولاشك ان الأعوام الثلاثة الماضية قد شهدت إنجازات كبيرة وللأسف الشديد أنها إنجازات غير ملموسة وغير مرئية لأن الإعلام المصرى لم يتحدث عنها كما ينبغى. أن مشروعا واحدا شاهده المصريون فى زيارة الرئيس للإسماعيلية وهى الأنفاق بين الدلتا وسيناء يمثل انجازا حضاريا وتاريخيا كبيرا، كما أن ملحمة الكهرباء والطرق والإسكان والمجارى والخدمات والمدن الجديدة تعتبر نقلة حضارية فى حياة المصريين..
لاشك أن حجم الإنجازات كبير وواضح ولكن هناك بعض التوابع التى ينبغى ان نحاصرها ونوقف من تصاعدها و أولها قضية الديون، فقد زادت كثيرا فى الفترة الأخيرة حتى ان المبالغ المطلوبة من ميزانية الدولة لخدمة الديون تجاوزت المليار جنيه يوميا وهو رقم خطير..إن العام القادم 2018 ينبغى أن يشهد وقفة جادة مع سياسة التوسع فى القروض داخليا وخارجيا خاصة أن البنوك المصرية فتحت كل ابوابها للاقتراض الداخلى بما فى ذلك قروض المشروعات الجديدة، كما أن القروض الخارجية تفرض أعباء كبيرة على حصيلة النقد الأجنبى لدى الدولة. إن قضية الديون والقروض لا تقل فى خطورتها عن التحديات الأخرى التى تواجهها الحكومة المصرية خاصة انها مع الوقت واقتراب مواعيد السداد ستفرض التزامات مالية قد لا تستطيع مصر الوفاء بها أمام الأعباء الأخرى
رابعا : كان عام 2017 عام ثورة وانتفاضة الأسعار وقد أطاحت بطبقات كثيرة من محدودى الدخل، وقد أشاد الرئيس السيسى بوقفة الشعب المصرى الذى تحمل أعباء كثيرة فى هذه الأزمة خاصة مع ما حدث للجنيه المصرى أمام الدولار والذى أطاح بنصف مدخرات المصريين ورغم أن الدولة حاولت تعويض المسافة بين سعر الدولار والجنيه برفع أسعار الفائدة حتى وصلت إلى 20% إلا أن قضية الأسعار سوف تبقى أهم التحديات أمام الحكومة فى العام الجديد، لقد وصلت الزيادة فى أسعار السلع إلى حدود لا يمكن تجاوزها وهنا ينبغى أن تحرص الحكومة على وقف نزيف الأسعار لأن المواطن لا يستطيع أن يتحمل ما حدث فى عام 2017 وإذا لم تكن الحكومة قادرة على تخفيض الأسعار فى العام الجديد فلا اقل من أن تبقى عليها دون زيادات جديدة..لقد حمل عام 2017 أعباء كبيرة على المواطن المصرى ولكن بشائر عام 2018 قد ظهرت فى مشروعات كثيرة من أهمها غاز المتوسط وأول حقل كبير للغاز يظهر فى مصر وهو حقل «ظهر» وعشرات المزارع السمكية انتشرت فى كل المحافظات ولن ننسى الدعم الذى حرصت عليه الدولة بالنسبة للطبقات الفقيرة فى السلع الغذائية. كل هذه القرارات حققت بدرجة ما قدرا من التوازن بين الأعباء التى فرضتها الدولة على الأسعار والدعم الذى حرصت على توفيره للطبقات الفقيرة وان بقيت قضية الأسعار واحدة من أهم الأعباء التى يمكن أن تنتقل من عام 2017 إلى 2018.
خامسا: إن عام 2018 قد يحمل للمصريين أخبارا سارة كثيرة هناك إنتاج الغاز وتدفق السياحة وعودة السياح من أكثر من مكان خاصة روسيا وغرب أوروبا ألمانيا وانجلترا..هناك أحلام كثيرة بأن يقضى الجيش المصرى على حشود داعش والإرهاب وهناك حالة استقرار قد تصل إليها الأحوال فى العراق وسوريا وربما ليبيا ولكن سوف تبقى بعض الظلال التى تحيط ببعض المواقف خاصة روسيا وأمريكا والصراع الدائر فى المنطقة حول مناطق النفوذ وتوزيع الغنائم..
فى العام الجديد أتمنى أن تقف مؤسسات الدولة فى مواجهة مع فكر الإرهاب وان نضع نهاية لكل المصادر التى ينمو فيها هذا الفكر وان نواجه بحسم قضية إصلاح الخطاب الدينى وهى من القضايا التى تأجلت كثيرا ونتمنى أيضا أن تأخذ قضية التعليم ما تستحق من الاهتمام أمام برامج جادة وخطط مدروسة، وان نبدأ فى تطبيق برنامج التأمين الصحى، بحيث يجد المواطن المصرى الرعاية الصحية الكافية..مع عام جديد ايضا أتمنى أن نجد حلولا لقضية الأمية لأنه لا يعقل أن نتحدث عن التنمية والمستقبل والعلم والتقدم ومازال يعيش بيننا أكثر من 25 مليون إنسان لا يقرأون ولا يكتبون..وأتمنى أن نجد مع العام الجديد إعلاما مصريا يدرك مسئولياته ويشارك بدوره فى تنمية الوعى والحفاظ على الثوابت وان تتطهر وسائل التواصل الاجتماعى من تلك الأمراض التى لحقت بها وشوهت دورها وتحولت إلى وسائل لإفساد أخلاق الناس، أحلام كثيرة نحملها للعام الجديد أن نواجه قضايا الشباب فى توفير فرص العمل وتحقيق العدالة وإيجاد صيغة مناسبة للحوار، لأن هؤلاء الشباب هم حملة الراية وهم حماة المستقبل لهذا الوطن وقبل هذا كله أتمنى أن يعود الإنسان المصرى إلى سابق عهده أخلاقا وسلوكا وحبا وانتماء لمصرنا الغالية.

..ويبقى الشعر

مَا عُدَّتُ أَعْرِفُ
أين أنْتِ الآنَ يَا قَدْرِي
وَفِيٌّ أَيْ الحَدَائِقُ تُزْهِرِينْ ؟
فِي أَيّ رُكنٌ فِي فَضَاءِ الكَوْنِ
صرتى تُحَلِّقِينْ؟
فِي أَيْ لُؤْلُؤَةُ سَكَنَتْ..
بأى بَحْرٌ تَسْبَحِينْ؟
فِي أَيْ أَرْضٍ..
بَيْنَ أحْداق الجَدَاوِلُ تُنَبِّتِينْ؟
أَيَّ الضُّلوع قَدِ احْتَوتك ِ
وَأَيُّ قَلْبِ بَعْد قَلْبِي تَسكُنِينْ
مَازٍلَّتُ أَنْظُرُ فِي عُيونِ الشَّمْسِ
عَلَك فِي ضيِاها تُشَرِّقِينْ
وَأَطِلُّ لِلبَدْرِ الحَزِينِ لَعَلنَّىِ
أَلْقَاكِ بينَ السَّحْبِ يَومًا تُعبرِينْ
لَيلٌ مِنَ الشَّكّ الطَّوِيلِ أَحَاطَنِي
حَتَّى أَطَلَّ الفَجْرُ فِي عَينَيْكِ نهرًا مِنْ يَقِينْ
أَهْفُو إِلَى عَينَيْكِ سَاعَاتٍ..
فَيبدَوُ فِيهِمَا
قيْدُ..وعَاصِفَةٌ..عُصْفُورُ سَجيِنْ
أَنَا لَمْ أُزَلْ فوَقَ الشَّواطىِء
أَرْقُبُ الأَمْواجَ أَحْيانًا
يُراوِدُنِي حَنِينُ العَاشِقَينْ..
فِي مَوكِبِ الأَحلَامِ أُلمحُ مَا تَبقَّى
مِنْ رَمادِ عُهودِنَا..
فَأْرَاكِ فِي أَشْلائِهَا تَتَرنَّحِينْ..
لَمْ يبْقَ مِنْكَ
سَوي إرْتعَاشَةِ لَحْظَةٍ
ذَابَتْ عَلَى وَجْهِ السّنِينْ
لَمْ يَبْقَ مِنْ صَمْتِ الحقَائِبِ
والكُئوسِ الفَارغَات سِوَى الأَنِينْ
لَمْ يبقَ مِنْ ضَوْءِ النَّوَافِذِ
غَيرُ أَطْيافٍ تُعَانقُ لهفَتِي
وَتُعِيدُ ذِكرَى الرَّاحِلينْ..
مَازِلتُ أَسْأَلُ :مَا الَّذِى
جَعَلَ الفَرَاشَةُ تُشْعِلُ النِّيرانَ
فِي الغُصْنِ الوَدِيعِ المستْكِينْ؟!
مَازِلتُ أَسْأَلُ:مَا الَّذِى
جَعلَ الطًّيورَ تَفِرًّ مِنْ أَوْكَارِهَا
وَسْطَ الظَّلَامِ..
وَتَرْتَمِي فِي الطِّينِ؟!
ما عُدْتُ أَعْرِفُ
أين أَنْتِ الآنَ يَا قَدَرِي
إِلَى أَيْ المدائِنِ تَرحَلِينْ؟
أَنَّى أَرَاكِ
عَلَى جَبِينِ الموْجِ..
فِي صَخَبِ النَّوارِس ِتَلْعَبِينْ..
وَارَى عَلَى الأُفْقِ البَعِيدِ
جَناحَكِ المنقُوشَ مِنْ عُمرِي
يحلَقُ فَوْقَ أَشْرِعَةِ الحَنِينْ
وَارَاكِ فِي صَمْتِ الخَرِيفِ
شُجَيْرَةً خَضْراءَ
فِي صَحْرَاءِ عُمْرِي تَكْبُرِينْ
وَيَظَلُّ شِعْرِي
فِي عُيُونِ النَّاسِ أحْداقًا
وَفِيٌّ جَنْبِيٌّ سِرًّا..لَا يَبينْ
لَمْ يبقَ مِنْ صَوْتِ النوارِسِ
غَيرُ أَصْدَاءٍ تُبعْثِرُهَا الرِّيَاحُ فَتنْزَوِي
أَسَفًا عَلَى المَاضِي الحَزِينْ
أَنَا لَمْ أُزِلْ بينَ النوارِسِ
أَرقُبُ اللَّيلَ الطَّويلَ
وأشْتَهَى ضَوءَ السَّفِينْ
مَا زِلتُ أَنْتَظِرُ النوارِسَ
كُلَّمَا عَادَتْ مَوَاكِبُها
وَرَاحَتْ تَنثُرُ الأَفْرَاحَ فَوقَ العَائِدِينْ
مَا عُدْتُ أَعْرِفُ..
أين أَنْتِ الآنَ يَا قَدَرِي
وفِي أَيّ الأَمَاكِنِ تَسْهَرِينْ؟!.
العَامُ يَهربُ مِنْ يَدِي
مَا زَالَ يَجْرِي فِي الشَّوَارِعِ..
فِي زِحام النَّاسِ مُنْكَسِرَ الجُبَّينْ
طِفْلٌ عَلَى الطُّرقَاتِ
مَغْسُولٌ بَلْونِ الحبّ
فِي زَمَنِ ضَنِين ْ
قَدْ ظَلَّ يَسْأَلُ عَنْكِ كُلَّ دَقِيقَةٍ
عِنْدَ الوَدَاعِ، وَأَنْتِ لَا تَدْرِينْ
بِالأَمْسِ خَبَّأَنِي قَلِيلًا فِي يَدَيْه..
وَقَالَ.. فِي صَوْتٍ حَزِينْ:
لَوْ تَرجِعِينْ
لَوْ تَرجِعِينْ
لَوْ تَرجِعِينْ

«قصيدة لو ترجعين سنة 1998»
[email protected]
لمزيد من مقالات يكتبها فاروق جويدة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.