عقب إجراء قرعة كأس العالم لكرة القدم، بدأت المنتخبات المشاركة فى مونديال روسيا 2018 وعشرات الآلاف من عشاق الساحرة المستديرة حول العالم البحث والتنقيب عن المدن التى ستشهد مباريات فرقهم، للتعرف على تاريخها وأهم معالمها، وأفضل الطرق للوصول إليها والإقامة فيها، وسعة الملاعب التى ستشهد المباريات المختلفة.. «الأهرام» قامت بجولة لإلقاء الضوء على المدن الثلاث (يكاتيرينبورج - سان بطرسبورج - فولجاجراد)، التى ستستضيف ملاعبها مباريات المنتخب الوطنى فى الدور الأول أمام منتخبات الأوروجواى وروسيا والسعودية أيام 15 و19 و25 يونيو المقبل على التوالي.. كما شملت الجولة العاصمة الروسية موسكو، التى ستشهد مباراة افتتاح المونديال بين منتخبى روسيا والسعودية. ---------------------------------------------------- الميدان الأحمر الكرملين والميدان الأحمر..بطاقة دعوة لعشاق الساحرة المستديرة للتعرف على العاصمة الروسية
إلى صدارة اهتمامات الملايين من عشاق الساحرة المستديرة على اختلاف مشاربهم وانتماءاتهم، أعادت قرعة مونديال 2018 موسكو التى كانت حتى الأمس القريب لغزا للكثيرين ممن وقفت كراهيتهم لأيديولوجيتها عقبة على طريق السفر إليها أو الارتباط بها ولو لمجرد السياحة، ومن هنا قد يكون من المفيد أن نبادر بالحديث عن بعض تاريخ موسكو، التى صارت وستظل طويلا محط أنظار الكثيرين باعتبارها البلد الذى تتعلق به أنظار الملايين فى انتظار مباراة افتتاح مونديال روسيا 2018. نبدأ الحديث عن موسكو من الكرملين والميدان الأحمر، أو الميدان الجميل حسب المعنى اللغوى التاريخى لكلمة كراسني، التى تعنى فى اللغة السلافية القديمة الجميل، والذى يستمد تاريخه من تاريخ ظهور العاصمة الروسية فى منتصف القرن الثانى عشر بعد الميلاد. جغرافيا.. يقع المكان فى قلب العاصمة الروسية، التى ظهرت على ضفاف نهر موسكو امتدادا للكرملين، الذى كان ولا يزال رمز السلطة ومركزها، فى الماضى والحاضر منذ ما يقرب من تسعة قرون، غير أن الحديث عن العلاقة الجدلية بين موسكو والكرملين يتطلب التوقف بالكثير من التفاصيل التى تقول ان مقتضيات الزمان فرضت اختيار المكان لبناء التحصينات اللازمة دفاعا عن الطرق التجارية بين إمارات ذلك العصر ومنها امارة فلاديمير وسوزدال وكييف التى هى الاصل بالنسبة للدولة الروسية. ومن هنا جاء اختيار هذا الموقع لبناء قلعة اتخذت اسم الكرملين عند مفترق الطرق الرئيسية فى المنطقة الواقعة بين ضفاف نهرى موسكو ونيجلينايا. هكذا ظهر الكرملين قلعة للدفاع عن المكان الذى سرعان ما استمدت منه موسكو بدايتها. ويمضى الزمن سريعا ليشهد اتساع حركة البناء والتشييد على مقربة منه فى المنطقة التى يسمونها اليوم كيتاى جورود التى يترجمها الكثيرون على سبيل الخطأ مدينة الصينيين، فالاسم مشتق من الكلمة الروسية القديمة كيتا أو كيت التى اندثرت وكانت تعنى فى العامية الروسية مجازا الضفيرة، ويستند المؤرخون فى ذلك، إلى شكل الضفيرة الذى تتسم بها طريقة بناء الجدران الباقية آثارها فى المنطقة (على مقربة من فندق متروبول حاليا غير بعيد عن الميدان الأحمر) والتى أقيمت على طريقة الحشو المتوالى لمختلف مواد البناء فى محاولة لزيادة تحصين المكان. ضريح لينين فى يناير عام 1924 تاريخ وفاة لينين صدر قرار بإقامة ضريح تاريخى يليق بقدر زعيم الثورة البلشفية، وفى زمن قياسى وخلال ثلاثة أيام فقط صمم المعمارى شوسيف هذا الضريح الذى أعيد بناؤه لاحقا من أحجار الجرانيت وأفخر أنواع الرخام الذى جيء به خصيصا من أرمينيا، وتحول الضريح إلى جانب كونه مقبرة احتوت جنباتها رفات الزعيمين لينين وستالين إلى منصة يعتليها فى المناسبات التاريخية والقومية زعماء الحزب والدولة خلال الاحتفالات الشعبية والاستعراضات العسكرية، قبل أن يعيد الحزب الشيوعى السوفيتى النظر فى سياسات ستالين ويتخذ قراره بإدانة عبادة الفرد ويصدر قراره بنقل جثمان ستالين إلى مقبرة أقيمت قريبا من الضريح، أى فى نفس المكان الذى تستقر فيه اليوم جثامين الكثيرين من قادة الحزب والدولة ومنهم بريجنيف وأندروبوف وتشيرنينكو ممن تتصدر مقابرهم تماثيل نصفية بوصفهم عظماء الدرجة الأولي. أما الآخرون من مشاهير العلماء ورواد الفضاء فقد استقر رماد جثامينهم فى زجاجات وضعت فى تجويفات أعدت خصيصا للاحتفاظ بها فى جدار الكرملين المطل على الميدان الأحمر خلف ضريح لينين، غير أن هناك مقابر أخرى تسمى بمقابر عظماء الدرجة الثانية تقع فى أطراف موسكو على مقربة مباشرة من دير العذاري، والتى دفن فيها خروشوف وغيره من العظماء ممن لم تكن القيادة الحزبية راضية عنهم بالدرجة التى يليق معها أن يحظوا بشرف الدفن فى الميدان الأحمر، وهى التى صارت بدورها مزارات سياحية لما فيها من نصب تذكارية تشكل تحفا فنية فريدة النمط. كاتدرائية فاسيلى بلاجيني شاهد على العصر .. هى كاتدرائية فاسيلى بلاجيني.. وهى كاتدرائية بوكروفسكي.. وهى الكنيسة ذات القباب العشر.. وكلها تسميات مختلفة للاعجوبة المعمارية الفريدة النمط التى أقيمت بين عامى 1555 و1561 بأمر القيصر إيفان الرهيب فى ذكرى انتصاره على التتار والاستيلاء على قازان، التى تقف اليوم فى صدارة المعالم التاريخية للدولة الروسية شاهدا على تعرجات تاريخ الدولة منذ منتصف القرن السادس عشر وحتى مطلع القرن الواحد والعشرين.. ولعله من الغريب والطريف معا أن تكون هذه الكنيسة صاحبة أكبر عدد من الأساطير والحكايات التى يتناقلونها حتى اليوم، من ذلك ما يقال حول أن اسم فاسيلى بلاجينى اختاره القيصر إيفان الرهيب تمجيدا لتاريخ القديس فاسيلى بلاجينى الوحيد الذى كان يخشاه، وعن ذلك القديس تناقلوا الأساطير التى تقول إنه كان يجوب المدن والقرى والنجوع عاريا صيفا وشتاء، صائما فى أغلب الأحيان، يدعو إلى الفضيلة وينهى عن الرذيلة متمتعا بقدرة هائلة على سبر أغوار النفوس وفضح الكذب والكذابين. كان يأتى إلى المكان ليلقى عبر كتفه الأيسر بما جمعه من عملات معدنية تظل فى مكانها لا يلمسها أحد، حتى جاء قبيل وفاته من يسلمها إلى إيفان الرهيب من أجل إقامة كنيسة، ويقولون أيضا إن هذه الكنيسة التى شيدت من الأحجار البيضاء وغدت قبرا لفاسيلى بلاجينى كانت أساسا للتوسعة التى نشهدها فى ذلك النموذج المعمارى الفريد النمط جنوبى الميدان الأحمر الذى تحول إلى أحد أهم الرموز السياحية للدولة الروسية. ونمضى مع الأساطير لنشير إلى أن هذا البناء الذى جاء تحفة معمارية فريدة، أصاب إيفان الرهيب بالذهول المشوب بالفرحة والدهشة معا، ما دفعه إلى استدعاء مصمميه وفقء أعينهم للحيلولة دون تصميمهم لمثله بعد ذلك التاريخ، أما عن هذه التحفة المعمارية بقبابها العشر فهى نموذج متجانس لتسع كنائس تحوى بين جنباتها ما يزيد على أربعمائة من أقدم الأيقونات التاريخية، وفيما يتعلق بتسمية الكاتدرائية باسم بوكروفسكى فإنها تستمد وجودها من ذكرى بدء بناء هذه الكنيسة فى يوم عيد شفاعة العذراء فى أول أكتوبر من كل عام، وعلى مقربة من الكاتدرائية يوجد تمثال مينين وبوجارسكي، الذى أقيم تكريما للأميرين اللذين قادا حملة طرد الغزاة البولنديين من موسكو عام 1612، إلى جانب لوبنويه ميستو وهى منصة دائرية كانت تتخذ مكانا لإعلان المراسيم والقرارات الصادرة عن قيادة الدولة.
----------------------------------------------------------- يكاتيرينبورج.. نافذة روسيا على آسيا يكاتيرينبورج، هى رابعة كبريات المدن الروسية بعد موسكو وسان بطرسبورج ونوفوسيبيرسك، وإحدى أهم قلاع الصناعة الثقيلة فى روسيا، تأسست عام 1723 تكريما لإمبراطورة روسيا يكاتيرينا الأولي، ولتكون نافذة الإمبراطورية على آسيا، من موقعها عند سفوح جبال الأورال التى تفصل الجزءين الآسيوى والأوروبى للدولة الروسية، مثلما كانت سان بطرسبورج نافذة روسيا فى الغرب على أوروبا . ومثلما أسهمت سان بطرسبورج بصمودها الأسطورى أمام الحصار النازى الجائر خلال الحرب العالمية الثانية، كانت يكاتيرينبورج الملجأ والملاذ الذى احتضن خيرة أبناء الاتحاد السوفيتى من العلماء والفنانين ممن جرى تهجيرهم إليها، مع أهم قلاع الصناعات الاستراتيجية التى وفرت لقواته المسلحة كل احتياجاته العسكرية والتقنية لتحقيق النصر فى الحرب العالمية الثانية. فيما هى اليوم واحدة من أهم الركائز الوطنية التى توفر لروسيا 60% من الدخل القومى بما تمتلكه من ثروات طبيعية ومنشآت صناعية استراتيجية، فضلا عن أنها مقر قيادة المنطقة المركزية العسكرية. وفى هذا الصدد تشير الأدبيات الروسية إلى تاريخ المدينة ودورها فى ثورة أكتوبر، وهى التى سبق وأعلنت العصيان وأسست جمهورية الأورال المستقلة مع بداية اندلاع الحرب الأهلية بعد ثورة أكتوبر 1917. واسمها الحالى هو الاسم الذى استعادته عام 1991 بدلا من القديم الذى كانت استبدلته عام 1924 باسم سفيردلوفسك، أحد قيادات ثورة أكتوبر، الذى اطلقوه على المدينة تقديرا لدوره فى إخضاعها، كما انها المدينة الأم للزعيم الروسى الأسبق بوريس يلتسين ومقر المركز (المتحف) الذى اُقيم تخليدا لذكراه دون أن يأخذ أبناء المدينة فى الاعتبار تاريخه ودوره فى انهيار الاتحاد السوفييتى السابق، فضلا عن أنه سبق وقام بإزالة بيت ايباتيف الذى شهد إعدام القيصر نيقولاى الثانى وأسرته بمن فيهم الأطفال رميا بالرصاص فى عام 1918، فى محاولة لطمس آخر آثار هذه الجريمة النكراء. أما عن استاد يكاتيرينبورج، الذى سيفتتح على أرضه المنتخب الوطنى مبارياته فى الدور الأول بمونديال روسيا بلقاء مع منتخب الاوروجواى يوم 15 من يونيو المقبل، فهو نفس الاستاد القديم الذى شُيد عام 1957 وتقررت إعادة بنائه وتوسعته ليتسع لخمسة وثلاثين ألف متفرج سوف تنخفض بعد انتهاء مباريات كأس العالم إلى ثلاثة وعشرين ألفا. ومن اللافت فى هذا الصدد صغر مساحة ملعبه التى تبلغ 105 أمتار طولا، و68 مترا عرضا، فضلا عن تعمد أن يكون تصميمه مناسبا ليس فقط للمباريات الرياضية، لكن أيضا لإقامة الاحتفالات الجماهيرية والعروض الفنية الثقافية، بما له من خصائص تقنية تسمح بتغطيته بأسقف متحركة.
---------------------------------------------------- ستاد سان بطرسبورج
سان بطرسبورج .. هل يزور صلاح قبر بلدياته الشيخ الطنطاوى فى المدينة الأنيقة؟
يقينا نقول إن منتخبنا الوطنى لكرة القدم سعد حظا باختيار مدينة سان بطرسبورج ساحة لملاقاة نظيره الروسى فى يونيو المقبل فى إطار منافسات المجموعة الأولى لمونديال 2018. فالمدينة هى الأشهر والأجمل، فضلا عن كونها الأحب والأقرب إلى قلوب الغالبية الساحقة من أبناء روسيا، والوطن الأم لمعظم القيادات الروسية وعلى رأسهم فلاديمير بوتين. فسان بطرسبورج هى الأجمل لا شك دون سائر المدن الروسية، والأكثر خلودا منذ فكر بطرس الأول، قيصر روسيا الأعظم فى إنشائها كخط أول للدفاع عن الإمبراطورية الروسية فى مواجهة ملوك السويد وفرسان الفايكنج. وكان بطرس الأول قد اختار فى عام 1703 إحدى الجزر عند مصب نهر نيفا فى الخليج الفنلندى شمال شرق بحر البلطيق، لتكون موقعا لهذه المدينة، التى أطلق عليها فى البداية اسم القديس بطرس أحد حواريى السيد المسيح، قبل أن يعود شعبه لإطلاق اسمه عليها تقديرا وعرفانا لتكون بيترو جراد أى مدينة بطرس. ورغم أن المدينة عادت وبحكم عادة النفاق التى طالما حددت معالم تاريخ كثير من الأوطان، لتحمل اسم لينينجراد تخليدا لزعيم ثورة أكتوبر فلاديمير لينين بعد وفاته عام 1924. وعموما سواء كانت المدينة لينينجراد أو بيتر.. أو بيتروجراد.. أو سان بطرسبورج، فإنها تظل عنوانا للوحة فنية شديدة التميز.. بشوارعها ومبانيها.. بقنواتها التى يبلغ عددها 93 قناة.. بجزرها التى تجاوزت المائة، وبجسورها التى يعدونها 342، وضواحيها المفرطة فى الأناقة، إنها المدينة التى كانت ولا تزال مفردات موسوعة أدبية تضم بين دفتيها إبداعات أبرز رموز الأدب والثقافة والفنون على مر العصور. إنها أنيقة فى غير تكلف، جميلة فى غير تبرج، معالمها تبدو منسجمة فى وفاق مع الكثير مما يجيش فى نفوس المحبين والعشاق، نسماتها مفعمة بأطياب تاريخ تتسلل إلى النفس لتشيع أجواء البهجة المفعمة بقليل من الأسي، حزنا ولوعة على ما كان، ولذا لم يكن غريبا أن تبادر امبراطورة روسيا يكاتيرينا الثانية بتخليد مؤسس المدينة وبانى روسيا الحديثة فى تحفة فنية بالغة الفرادة والتميز على ضفاف نهر نيفا، تمثل بطرس الأعظم وقد شَخَصَ عاليا ممتطيا صهوة فرس جموح، باسطا يده صوب النهر عاليا، فى حزم وقوة وكأنما إعلان عن قراره التاريخى حول إنشاء عاصمته الجديدة سان بطرسبورج فى هذا المكان، فى لحظة تاريخية خلدها شاعر روسيا العظيم ألكسندر بوشكين ذو الأصول الإفريقية فى رائعته الشعرية الفارس النحاسي، التى اختتمها بقوله يا رائعة بطرس.. إنى أعشقك. ولما كانت المدن مثلها مثل البشر، فإن سان بطرسبورج، وما ان تطأ قدماك أرضها حتى تقع فى غرامها من النظرة الأولي، فهى سيدة المدائن التى تأسر القلوب بلياليها البيضاء، وسمائها المرصعة بنجوم الفن والشعر والأدب والموسيقي. إنها المدينة التى يحترق معها الكيان تحت وطأة كبريائها الجميل، إنها مدينة الليالى البيضاء التى قال عنها فيدور دوستويفسكى الأديب الروسى الذائع الصيت فى رائعته التى تحمل نفس الاسم: إنها جميلة.. جميلة. جمالا لا نراه إلا حين نكون فى ريعان الشباب أيها القراء الأحبة!. وإذا كان تاريخ المدينة يستمد أصوله من بداية قرن وصفه راديشيف بأنه خليط بين الحكمة والجنون، فإن ما تلا ذلك من أحداث كان أقرب إلى الجنون منه إلى الحكمة، وإن رأى البعض ما هو على النقيض من ذلك، ولعل ما شهدته هذه المدينة الجميلة الرقيقة التى تحمل عن جدارة واستحقاق اسم العاصمة الثقافية للدولة الروسية على امتداد تاريخها من كرنفال يكشف عن مدى مأساوية وقوع حكامها فى شرك تغييرات الأسماء التاريخية، ومنها الاسم القديم للمدينة، والذى كان اختاره لها مؤسسها بطرس الأعظم. ولم نكن لنستطيع والحديث عن سان بطرسبورج أن نغفل الإشارة إلى ابن قرية نجريد ومحلة مرحوم الشيخ محمد عياد الطنطاوي، الذى وفد إليها بدعوة من القيصر الروسى فى عام 1840 لتعليم اللغة العربية، وليكون أحد أهم مؤسسى مدرسة الاستشراق فى الإمبراطورية الروسية، وهو ما لقى فى حينه أسمى التقدير من جانب الأوساط العملية والرسمية متمثلة فى قيصر روسيا، الذى أنعم على الشيخ الطنطاوى بأرفع أوسمة الوطن، قبل أن توافيه المنية ويدفن فى مدافن مسلميها. وكانت روسيا قد احتفلت عام 2010 بالذكرى المئوية الثانية لمولد هذا الشيخ الجليل، الذى شاءت الأقدار أن تبعث بأحد أبناء قريته نجريد من أعمال مديرية الغربية محمد صلاح أيقونة الكرة المصرية ليجدد على أرض هذه المدينة، ذكرى أسلافه من أبناء الوطن فى مباراة نعلق عليها الكثير من الآمال. وبهذا الصدد نطرح فكرة أن يستهل محمد صلاح ومعه من يريد من أعضاء البعثة المصرية، زيارتهم لسان بطرسبورج بوضع إكليل من الزهور على قبر الشيخ الطنطاوي، تأكيدا لاعتزاز المصريين بمآثر أبنائهم أينما كانوا. ومن الماضى إلى الحاضر ننتقل لنتوقف عند أحد أهم معالم سان بطرسبورج فى ثوبها المعاصر وهو ستاد كريستوفسكى أو زينيت إرينا، الذى يستضيف منتخبنا الوطنى فى مباراته مع المنتخب الروسى فى 19 يونيو المقبل. وكانت عملية إعادة بناء هذا الاستاد الذى يحمل اسم الجزيرة الموجود بين أحضانها قد تعثرت لبعض الوقت منذ بدأ التفكير فى توسعته وإعادة تجهيزه بأحدث تكنولوجيا العصر عام 2007، فيما حفلت بالكثير من المفارقات ومنها ارتفاع تكلفة إعادة البناء بنسبة 548% عن المبلغ المقرر سلفا لهذه العملية لتبلغ فى نهاية المطاف 1٫1 مليار دولار، ويتسع الاستاد الذى يعتبر الملعب الرسمى لفريق زينيت أحد أهم فرق كرة القدم الروسية لما يقرب من 70 ألف متفرج، اكتظت بهم مدرجاته حين شهد حفل افتتاح بطولة العالم للقارات يونيو الماضى فى حضور بوتين ورئيس الاتحاد الدولى لكرة القدم.
يسمونها المدينة البطلة، تأكيدا لدورها المحورى فى تحقيق النصر فى الحرب العالمية الثانية، بعد نجاحها فى تحطيم الفريق الضارب للقوات الهتلرية، وأسر قائدها الفيلدمارشال باولوس فى معركة ستالينجراد، وهو الاسم القديم للمدينة تكريما للزعيم السوفييتى الأشهر ستالين، وهى المعركة التى استمرت لما يقرب من سبعة أشهر خلال عامى 1942و 1943، وكانت المنعطف نحو التحول من مقاومة وصمود القوات السوفيتية، صوب الهجوم وتحقيق الانتصار تلو الآخر حتى الثامن من مايو 1945 تاريخ رفع علم الاتحاد السوفييتى فوق الرايخستاج فى قلب العاصمة برلين. على ضفاف الفولجا جنوب شرقى الجزء الأوروبى من روسيا على مسافة تقترب من الألف كم من موسكو، تأسست المدينة التى حملت فى البداية اسم تساريتسين فى نهاية القرن السادس عشر. ومنذ ذلك الحين ظلت ستالينجراد، التى اتخذ خروشوف قراره بتغيير اسمها إلى فولجاجراد نكاية فى سلفه ستالين بعد إدانة ما وصفوه بعبادة الفرد، رمزا للبسالة والصمود، ما دفع القيادتين المصرية والسوفيتية لاحقا إلى اتخاذ قرار التوءمة مع مدينة بور سعيد الباسلة، بما فى ذلك إطلاق اسمها على أحد شوارع ستالينجراد، مثلما فعلت الأخيرة بإطلاق اسم ستالينجراد على أحد شوارع بور سعيد. وبعيدا عن تعرجات التاريخ نشير إلى أن فولجاجراد تعنى أهمية خاصة لأبناء السد العالى من المهندسين المصريين ممن جرى إيفادهم إليها. أما عن استاد فولجاجراد او فولجاجراد أرينا، الذى سيشهد مباراة المنتخب الوطنى مع منتخب المملكة العربية السعودية، والتى ستنطلق فى الساعة الرابعة من عصر يوم 25 يونيو المقبل، فهو الاستاد الذى أقيم على أنقاض القديم بعد الإعلان عن بناء آخر جديد عام 2014 استعدادا لاستقبال فعاليات مونديال 2018، ويتسع لخمسة وأربعين ألف متفرج. وسوف يشهد هذا الاستاد أربعا من مباريات المونديال، قبل أن ينتقل إلى مالكه القديم نادى روتور فولجاجراد، الذى طالما حقق الكثير من المراكز المتقدمة فى الدورى الممتاز قبل هبوطه إلى دورى الدرجة الأولي.