الاستماع لأغانى وقصائد أم كلثوم وعبد الوهاب تعنى نضج الشخصية ورصانتها، والاستماع لصباح وحليم يعنى انك غارق فى الحب، أما أغانى شادية فهى تثرى شقاوة الشباب وحب الحياة، هكذا كنا نقيس مراحل النمو العقلى والعاطفى فى سنوات الصبا والمراهقة، تعودنا نأخذ من الفنان ما نريده لننعش عواطفنا ونسرى عن أنفسنا، بغض النظر إن كان يعانى بحياته الشخصية. تذكرت ذلك وأنا أقرأ مذكرات شادية للكاتبة الصحفية إيريس نظمي، هى أقرب إلى الاعترافات لمزيج من الألم والفشل والنجاح والتحدي، فى أول طلة لها كمغنية سخر الجمهور من صوتها بأغنية “غنى لى شوي” لأم كلثوم، اجتهدت وعادت وانتصرت لموهبتها بأغانى تعبر عن شخصيتها ببهجة الشباب، حرمت شادية من الأمومة، وفقدت جنينها قبل أن يكتمل، لم يمنعها من تقديم أهم أدوار الأمومة “لاتسألنى من أنا” وأفضل من غنت لطفلها “سيد الحبايب ياضانايا أنت”، وأطرف تحدياتها كان بفيلم “المعجزة”، تعلمت النشل واتقنته كما يتطلب دورها، وفى اثناء التصوير بحديقة الأسماك قامت بنشل محفظة عبده نصر مصور الفيلم دون ان يشعر، أعادتها له لكنه لم ينس أبدا ان شادية نشلته. بعيدا عن زيجاتها الثلاث الفاشلة، أحبت شادية فريد الأطرش ولم يتزوجا وابتعدت، وأغنية “حكاية غرامي” هى حكايتهما، بكى فريد عندما غناها، “يادنيا عندى أمل، نقدر نرجعها، ما تفرقيش فى قلوب بتحب، ولاتحرميش حبيبين م الحب”، ولشادية مع الفنانين أول الخمسينيات دور وطني، قاموا برحلة بالقطار يطوفون القرى والمحافظات لجمع تبرعات للفقراء واللاجئين، قضوا 16يوما بالقطار.. أين فنانو اليوم من هؤلاء؟! لمزيد من مقالات ◀ سمير شحاتة