أعلن الرئيس التركى، رجب طيب أردوغان، فى الخرطوم أن السودان خصص جزيرة سواكن الواقعة فى البحر الأحمر شرق السودان لتركيا كى تتولى إعادة تأهيلها وإدارتها لفترة زمنية لم يحددها. وقال أردوغان وهو يتحدث فى ختام ملتقى اقتصادى بين رجال أعمال سودانيين وأتراك فى اليوم الثانى لزيارته للسودان أولى محطات جولته الإفريقية "طلبنا تخصيص جزيرة سواكن لوقت معين لنعيد إنشاءها وإعادتها إلى أصلها القديم والرئيس البشير قال نعم". وأضاف أن "هناك ملحقا لن أتحدث عنه الآن". وزار أردوغان برفقة نظيره السودانى عمر البشير سواكن، حيث تنفذ وكالة التعاون والتنسيق التركية "تيكا" مشروعا لترميم الآثار العثمانية، وتفقد الرئيسان خلالها مبنى الجمارك ومسجدى الحنفى والشافعى التاريخيين فى الجزيرة. ووقع رجال أعمال أتراك وسودانيون تسعة اتفاقيات لإقامة مشاريع زراعية وصناعية تشمل إنشاء مسالخ لتصدير اللحوم ومصانع للحديد والصلب ومستحضرات التجميل، إضافة إلى بناء مطار فى العاصمة السودانية الخرطوم. وبذلك ارتفعت الاتفاقيات الموقعة بين البلدين خلال زيارة الرئيس التركى إلى 21 اتفاقية، بعد أن وقع الجانبان 12 إتفاقية خلال اليوم الأول لزيارة أردوغان، على رأسها إنشاء مجلس للتعاون الإستراتيجى. وقال أردوغان "الأتراك الذين يريدون الذهاب للعمرة فى السعودية، سيأتون إلى سواكن ومنها يذهبون الى العمرة فى سياحة مبرمجة". وأشار أيضا إلى توقيع اتفاقية للصناعات الدفاعية دون أن يقدم أية تفاصيل حولها. وبلغت قيمة جملة الاتفاقيات التسعة 650مليون دولار. وقال البشير خلال الملتقى الاقتصادى "نريد رفع الاستثمارات التركية إلى عشرة مليارات دولار فى فترة وجيزة". ويرى الحاج وراق رئيس تحرير جريدة حريات السودانية أنه من المرجح أن الطرفين اتفقا على إقامة قاعدة عسكرية تركية بتمويل قطرى، الهدف منها الدفع بالأجندة الإخوانية فى المنطقة من قبل الدول الثلاث وتنظيم الإخوان، خصوصا تجاه مصر وليبيا، مستدلا على ذلك بتصريحات أردوغان حول اتفاقية الدفاع المشتركة والأمور التى قال إنه لن يعلن عنها، إضافة إلى عرض البشير على الرئيس الروسى بوتين خلال زيارته لموسكو فى نوفمبر الماضى إقامة قاعدة عسكرية فى السودان على البحر الأحمر. ويقول الكاتب الصحفى السودانى، فايز الشيخ السليك، إن زيارة أردوغان ونتائجها كانت موجهة إلى مصر ودول الخليج، وعلاقة نظام البشير بدول الخليج أصبحت أخيرا فى حالة شد وجذب، مشيرا إلى الروابط الأيديولوجية التى تجمع نظام البشير وأردوغان وإخوان مصر وقطر. وأكد السليك أن قرار البشير ينقص من السيادة السودانية بمنحه منطقة جغرافية من بلده إلى دولة كانت مستعمرة سابقة للسودان. وأوضح أن المنطقة تحوى عددا من الآثار التاريخية التى تعود إلى الحقبة التركية التى يتوق أردوغان إلى استعادة أمجادها وتراوده أحلام السلطان، والبشير منحه الفرصة بمنحه حق إدارة سواكن التى تعد ميناء مهما، وعلى الأرجح ستكون منطقة لقاعدة عسكرية تركية أو على الأقل للوجود التركى فى البحر الأحمر فى مواجهة السعودية، ما ستكون له انعكاسات سلبية على الوضع بالمنطقة وقد يخلق المزيد من الاضطرابات ويوسع المسافة بين القاهرةوالخرطوم، مشيرا إلى أن البشير يدخل فى أحلاف بحثا عن حماية أو نصير كما فعل مع إيران سابقا. سواكن.. مطمع تركيا قديما وحديثا يعد ميناء سواكن، الأقدم فى السودان، وحاليا الميناء الثانى للسودان بعد بورسودان الذى يبعد 60 كلم إلى الشمال منه. واستخدمت الدولة العثمانية جزيرة سواكن كمركز لبحريتها فى البحر الأحمر، وضم الميناء مقر الحاكم العثمانى لمنطقة جنوبالبحر الأحمر بين عامى 1821 و1885. وكانت سواكن سابقاً ميناء السودان الرئيسى قبل أن ينقل الاستعمار البريطانى فى عام 1910 الميناء إلى بورتسودان ليتم هجر سواكن، التى تم إحياؤها مجددا بإنشاء ميناء لتصدير النفط. ولجزيرة سواكن تاريخ عريق، وتضم منطقة غنية بآثار من القرون الوسطى مبنية من الحجارة المرجانية ومزدانة بالنقوش والزخارف الخشبية، وهى على ارتفاع 66 مترا فوق سطح البحر. وتبعد الجزيرة عن العاصمة الخرطوم نحو 642 كيلومترا، وعن مدينة بورسودان 54 كيلومترا، وتقدر مساحتها ب20 كلم مربع. وتقول تقارير إن الجزيرة كان يقطنها ما يقارب 50 ألف نسمة، وفى الفترة ما بين عامى1909 – 1922 هاجر معظم السكان إلى مدينة بورتسودان الواقعة على بعد 40 ميلا إلى الشمال منها. وقد أثرت عوامل الطبيعة فى معظم مبانى الجزيرة.