يا أبناء مصر الشرفاء، لنجعل من شهر رمضان الكريم فرصة للجد والاجتهاد، فمعظم انتصاراتنا التي نفخر بها في تاريخنا المجيد كانت في شهر رمضان، شهر العزة والكرامة، كانت فيه غزوة بدر المعروفة بيوم الفرقان كما سماها القرآن. وكان في رمضان أيضًا فتح مكة، وكان في رمضان أيضًا النصر على الصهاينة الغاصبين لأرضنا أرض سيناء في العاشر من رمضان السادس من أكتوبر 1973م، لا بد أن نقف وقفة رجل واحد كي نبني بلدنا الغالي، وكي نحل مشكلاتنا، ولا ننتظر أن يتساقط علينا الحل من السماء، فلقد علمنا القرآن الكريم أنه لا بد من الأخذ بالأسباب من أجل تحقيق النتائج عندما خاطب السيدة مريم عليها السلام وقال لها: {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا * فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا...} [مريم: 25-26]، فالله عز وجل هو القادر أن يدخل لها الطعام إلى فمها دونما تحرك منها أو سعي أو يرزقها الشِّبَعَ دونما طعامٍ، ولكنه سبحانه أراد أن يعلمنا أنه لا بد من السعي والعمل والجدّ، فبدلا من أن نَنْعَى الأوضاع ليل نهار، ونتكلم بكلام لا يسمن ولا يغني من جوع، علينا أن نعمل ونجتهد، كلٌّ في مكانه ومجاله، فبدلاً من تأجيل الأعمال، وبدلاً من الهروب من تحمُّل المسئولية علينا أن نواجه مشاكلنا بأنفسنا ونجتهد في حلِّها، ولا داعي لهذا الفتور الذي تعيشه مصالحنا، فبدلا من أن نلعن الظلام ليل نهار علينا أن نضيء الشموع، فمن جَدَّ وَجَدَ، فلنبدأ من تعليم أولادنا قواعد النظافة، نظافة البدن، ونظافة الشارع، ونظافة المدرسة، ونظافة المسجد، واحترام آداب السير في الطريق، واحترام حق الآخرين وعدم الإساءة إليهم، والحث على النظام في كل شيء، إنني آثرت أن أخاطب أبناء مصر الشرفاء فقط؛ لأن من ارتضى عيشة الدناءة فهو ابن عاقٌّ لمصر ولا قيمة له ولا وزن، من رضي بأن يعيش عميلاً أجيرًا يروج لترهات وأكاذيب ويعمل ضد مصلحة بلده فهذا جزء فاسد من جسد الوطن يحتاج إلى بتر قبل أن يفسد بقية الجسد، إننا في أمس الحاجة إلى تصحيح المسار والعمل الاجتهاد بدلا من نشر الفوضى والهجوم على هذا وتجريح ذاك، فكما في المثل "أضئْ شمعةً خيرٌ من أن تعلن الظلامَ". المزيد من مقالات جمال عبد الناصر