فجأة وبدون مقدمات، تحول البيت السعيد إلي دار أحزان والنور إلي ظلام دامس، بعد أن انطفأ مصدر الطاقة به ونزع فتيل الحياة منه وتوقف قطار الأمل ليتبدل باليأس قصة نجاح تم وأدها ولم يعلم أحد من أسرته السبب حتي الآن. اتصال هاتفي وقت الفجر حرم أماًّ من فلذة كبدها وجعلها تلازم الفراش لا تقوي علي الكلام وأخاً فقد شقيقه الأكبر الذي كان بمثابة الأب وزوجة ترملت وطفلين حضرا إلي الدنيا ليتلقيا خبر رحيل أبيهما تستخرج شهادة وفاة الأب قبل شهادتي ميلادهما دون أن يعلم الجميع السبب، كابوس أليم يعتقدون أنهم مازالوا يعيشون فيه حتي الآن. هو شاب ناجح استطاع أن يحطم كل قيود الواقع الصعب ونسج بالجهد والعرق قصة كفاح منذ تخرجه في كلية الإعلام فلم يقف كباقي زملائه أسير الوظيفة أو فرصة العمل بل أثقل نفسه بالمهارات والدراسات حيث درس التنمية البشرية وعمل بمجال التسويق المباشر والعقارات علي مدار سنوات حقق خلالها نجاحات وخسائر حتي استطاع أن ينشئ شركة خاصة به ونجح في هذا المجال، فدائما الظروف الصعبة تخلق أشخاصا هم نماذج نجاح يحتذي بها فعلي الرغم من وفاة والده متأثرا بالمرض وهو لا زال طالبا بالثانوي وترك له أخاً وأختاً إلا أن ذلك لم يكن أبدا حجة للتوقف عن النجاح فقد تمكن من اجتياز مراحل عديدة حتي تخرج من الجامعة بل اقتحم مجال العمل أثناء الدراسة وواصل مسيرة النجاح، حتي أصبح أحد أشهر تجارالعقارات بالقاهرة مستخدما في ذلك كل ما اكتسبه من مهارات الدراسات العديدة التي حصل عليها وأصبح قاطرة قادت أسرته إلي النجاح والاستقرار حتي تخرج شقيقه بالجامعة وعلي الرغم من كل تلك الأعباء إلا أنه تزوج وأصبح يعيش بمستوي ميسور من خلال جده واجتهاده بعمله تلك السطور هي ملخص حياة الشاب محمد عبدالله الذي يبلغ من العمر (27 عاما) والذي عثر عليه مقتولا بجوار إستاد شهير بالقاهرة الجديدة لتنتهي بذلك قصة نجاح وتضفأ شمعة كانت تضىء لكل من حولها والسبب مجهول! اعتاد محمد تغيير سيارته كل فترة لنجاحه في عمله و رغبته في تحسين مستواه فبعد أن رزق بطفلين توءم (بلال وجويران) وعقب خمس سنوات من الزواج كانت اكتملت فرحته وسعادته فأراد أن يمارس هوايته ويغير سيارته فقام بعرضها للبيع عبر أحد المواقع بالإنترنت، حتي يستطيع أن يشتري غيرها «أحدث» في الوقت الذي كانت تعيش فيه الأسرة كلها حالة غامرة من السعادة بقدوم طفلي محمد إلي الدنيا فهو مصدر سعادة الجميع وفي أحد الأيام أخبر زوجته أنه تلقي اتصالا هاتفيا من شخص يريد شراء السيارة وأنه سيتوجه إليه ليقوم بمعاينتها. وبصوت لا يكاد يخرج تقول الزوجة وكأنني كنت أعلم أنه لن يعود فقمت بالاتصال به أكثر من مرة حتي أخبرني أنه بالفعل يجلس مع المشتري حتي تلقيت الخبر المشئوم باتصال هاتفي فجرا فقد توقفت الدنيا بأسرها وفقدت القدرة علي الكلام ففجأة تحول الحلم الجميل إلي كابوس فطفلاهما حرما من كلمة بابا قبل أن يتعلماها فلم يمر علي ولادتهما سوي 15 يوما كنا خلالها أسعد أسرة بالدنيا واحتفل محمد بهما من خلال حفل حضره كل أقاربنا وكأنهم كانوا يودعون محمد مصدر الحياة لنا جميعا. أما الأم التي مازالت تلازم الفراش حتي الآن من هول الصدمة فقالت إنها استيقظت علي اتصال هاتفي فجرا أيضا بأن محمد أصيب في حادث فاعتقدت أنه حادث سيارة وتوجهت إلي منزله لتفاجأ بالصاعقة لتصاب بحالة إعياء شديدة وبكلمات غلفتها الدموع التي لا تتوقف منذ أن علمت بالحادث. وقالت الأم: تفرغت لتربية محمد وشقيقه محمود وشقيقتهما بعد وفاة والدهم وهم صغار السن، وكان هو بالنسبة لنا الرجل الذي تحمل المسئولية منذ الصغر وكان دائما يملؤه الأمل ويبث الروح فينا بحيويته فلم أشعر يوما أنني أرملة فقدت زوجها، إلا أن الجاني كان له رأي آخر فهو لم يقتل محمد فقط وإنما قتل أسرة بأكملها ألف مرة. وبقلب كاد ينفطر من البكاء، طالبت الأم بالقصاص لابنها ولهم جميعا ولطفليه اللذين حرما منه قبل رؤيته فلم تكد أعينهما تتفتح حتي الآن. أما محمود الشقيق الأصغر للضحية، فبدأ كلماته بأن شقيقه كان محبوبا من الجميع لم يكن يوما له أي عداءات مع أحد فعمله هو كل حياته ولم تكن لديه مساحة للدخول في أي مهاترات أخري. وأوضح أن شقيقه اعتاد تغيير سيارته كل فترة، وأنه فوجئ باتصال هاتفي يبلغه بمقتل شقيقه فتوجه إلي قسم الشرطة وما أن اقترب منه حتي شاهد سيارة شقيقه متوقفة وكاد قلبه أن يقف وانهمرت الدموع من عينيه وهو يتفحصها، وكأنه يبحث عن محمد شقيقه بداخلها. واستمع رجال الأمن إلي أقواله التي خلت من أي معلومات عن الواقعة فلم يكن متواجدا بالمنزل وقت الحادث واختتم حديثه بأنه فقد والده وليس شقيقه فهو الآن فقط شعر بأن والده توفي فقبل ذلك كان شقيقه بالنسبه له هو الأب والأخ والصديق. حياة توقفت وأسرة تهلهلت وجريمة دوافعها مجهولة والجميع ينتظر ما ستسفر عنه التحقيقات خلال الفترة المقبلة بعد ضبط علي الجاني. وكانت أجهزة الأمن قد تلقت بلاغا بالعثور علي جثة شاب مقتولا بجوار سور ناد بالقاهرة الجديدة وبداخل ملابسه هاتفه المحمول وحافظة نقودة وتحقيق شخصيته وقرر شهود العيان أنهم شاهدوا سيارة بدون لوحات معدنية وقت حدوث الواقعة كما عثر علي بطاقة رقم قومي خاصة بوكيل نيابة بمكان الواقعة ومن خلال التحقيقات تبين أنه وراء الحادث وقرر خلال التحقيقات أن طلقتين خرجتا بالخطأ من سلاحه المرخص له تسببا في مقتل الضحية.