كتبت:أميمة رشوان الدكتور علوي أمين خليل أستاذ الفقه بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر قال سعيد بن غير: كنت بحضرة المأمون بمصر حين قال وهو في قبة الهواء: لعن الله فرعون حين يقول أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي.( سورة الزخرف51). عن وصف مصر قديما وخيرها يقول فلو رأي العراق: فقلت يا أمير المؤمنين لا تقل هذا, فان الله عز وجل يقول ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون( سورة الاعراف137) فما ظنك يا امير المؤمنين بشي دمره الله هذا بقيته ؟ فقال ما قصرت يا سعيد, فقلت: يا أمير المؤمنين لقد بلغنا ان أرضا لم تكن أعظم من ارض مصر وجميع أهل الأرض يحتاجون إليها. وكانت الأنهار بقناطر وجسور بتقدير, حتي أن الماء يجري تحت منازلها وأفنيتها فيحبسون كيف شاءوا, ويرسلونه كيف شاءوا. وكانت البساتين بحافتي النيل من أوله إلي آخره, في الجانبين جميعا ما بين أسوان إلي رشيد إلي الشام لا تنقطع, وكانت المرأة تخرج غير مختمرة لا تحتاج إلي خمار لكثرة الشجر ولقد كانت الأمة تضع المكتل علي رأسها فيمتلئ مما يسقط من الشجر. وكان بها سبعة خلج: خليج الإسكندرية, وخليج دمياط, وخليج سردوس وخليج منف وخليج سحا وخليج الفيوم وخليج المنهي, كل خليج منها يتفجر إلي عدة خلج. فأما خليج الفيوم وخليج المنهي فحفرهما يوسف عليه السلام, وأما خليج سردوس فحفره هامان لفرعون وقدر لحفره مائة الف دينار, فاتاه أهل القري وسألوه أن يعدل به إليهم فأعطوه مالا فلذلك كثرت عطفوه فلما فرغ منه اتي إلي فرعون فاخبره بفراغه فقال: كم أنفقت عليه ؟ فقال: مائة ألف دينار اعطانيها أصحاب القري, فقال: لهممت بضرب عنقك! اخذ من عبيدي مالا علي منافعهم ؟ ورد علي الناس مثل ما عطوه. قال الحسن بن إبراهيم: هذه الخلج للجهالية. ولما كان عام الرمادة أجديت المدينة فكتب عمر بن الخطاب الي عمرو بن العاص: من عمر بن الخطاب الي العاص بن العاصي: واغوثاه واغوثاه! ما تبالي اذا سمنت ومن قبلك ان أعجف أنا ومن قبلي. فكتب إليه عمرو: لبيك, لبيك, أتتك عير أولها عندك وآخرها عندي مع أني لا اخلي البحر من شيء, ثم ندم عمرو علي ذكر البحر وقال: افتح علي مصر بابا لا يسد, فكتب إليه يعتذر في أمر البحر. فكتب إليه عمر: أما بعد فان الكلمة التي فاهت منك ندمت عليها والله لئن لم ترسل في البحر لأرسلن إليك من يقتلعك أذنيك. فعلم عمرو انه الجد من عمر, فأرسل إليه في البحر, شيئا وكتب إليه يذكر بعده منه فكتب إليه عمر: عرفني كم بينك وبين البحر؟ فكتب اليه: مسيرة ليلتين فكتب إليه احفر من النيل إليه, ولو اتفقت عليه جميع مال مصر فحفر الخليج المعروف بخليج أمير المؤمنين, يدخل إليه النيل من غربي حصن ابن حديد, وأنفق عليه مالا عظيما وكان حجاج البحر ينزلون بالفسطاط من ساحل تنيس فيسيرون فيه ثم ينتقلون بالقلزم الي المراكب الكبار, وليس بمصر خليج إسلامي غيره, وصار يزيد في سقي الحوف. وروي أن هذا الخليج كان قديما ودثر وان عمر لما أمره بحفر خليج قال له قبطي: أدلك علي موضع وتضع عني الجزية ؟ فكتب إلي عمر يستأذنه فأذن له, فدله القبطي علي هذا الخليج.