يحتفل المجتمع الدولي بالذكرى السنوية التاسعة والستين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان والذي اعتمدت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم العاشر من ديسمبر عام 1948 أول إعلان عالمي لحقوق الإنسان، وذلك بعد ثلاثة أعوام من تأسيس هيئة الأممالمتحدة من أجل الحفاظ على الأمن والسلم، وقد قام بصياغة هذا الاعلان ممثلون من مختلف الثقافات والتخصصات من جميع أنحاء العالم وهذه الوثيقة التاريخية المهمة وضعت الأسس لتعامل الدول مع مواطنيها، وأعلنت حقوقا غير قابلة للتصرف لكل البشر على نحو متساو. وأوضح تقرير أعدته الدكتورة غادة حلمى الخبيرة الاعلامية بملف حقوق الانسان بالهيئة العامة للاستعلامات ان مواد الإعلان اكدت على أن الناس متساوون في الكرامة والحقوق، وأن لكل إنسان "حق التمتع بجميع الحقوق والحرِيات المذكورة في هذا الإعلان، دون تمييز بسبب العنصر، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدين، أو الرأي السياسي وغير السياسي، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي، أو الثروة، أو المولد، أو أي وضع آخر" وتعد هذه الوثيقة هى الأكثر ترجمة في العالم، وهي متاحة بأكثر من 500 لغة، فالمبادئ المنصوص عليها في الإعلان لا تزال تحافظ على أهميتها اليوم كما كانت عليه من تسعة وستين عاماً وتقول د غادة ان هذا الإعلان يشكل نقطة تحول في تاريخ المجتمع الدولي على اعتبار أنه أول إعلان يتم تبنيه من أجل حماية واحترام الحقوق والحريات المختلفة للإنسان، كما أن معظم دول العالم قامت بالمصادقة عليه وتبنيه في أنظمتها الداخلية ومن ناحية أخرى فإن الإعلان، بما يتضمنه من مجموعة كبيرة من الحقوق السياسية والمدنية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية، لا يعد وثيقة ملزمة، ولكنه كان مصدر إلهام لإعداد أكثر من 60 صكاً من صكوك حقوق الإنسان والتي تشكل معاً معياراً دولياً لحقوق الإنسان. ولاشك أن الموافقة العامة لجميع الدول الأعضاء في الأممالمتحدة على حقوق الإنسان الأساسية المنصوص عليها في الإعلان قد أكَسبَه مزيداً من القوة والالزام المعنوي، كما أبرز أهمية حقوق الإنسان في حياتنا اليومية. وفي الذكرى السنوية التاسعة والستين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان فإن هناك حاجة للوقوف على ما آلت إليه أوضاع حقوق الإنسان، ومدى التزام الحكومات بالمعايير التي وردت في الوثيقة، والدعوة إلى المزيد من الخطوات نحو إرساء أسس العدالة والمساواة والكرامة ليصبح احترام حقوق الإنسان أحد المعايير العالمية لقياس تقدم الدول. أما عن دور مصر في مجال حقوق الإنسان، فإن لها دوراً كبيراًفي هذا المجال فقد كانت ومازالت عضواً فاعلاً في الكثير من المواثيق الدولية عند صياغتها، بما في ذلك الاعلان العالمي لحقوق الإنسان، كما وافقت وصدقت على معظم المواثيق والاتفاقيات الدولية لتصبح أحكامها جزءاً من النظام القانوني المصري إعمالاً لدستور2014،وكذلك الدساتير السابقة، والذي نص بدوره على معظم حقوق الإنسان التي تضمنتها المواثيق والاتفاقيات الدولية، كما اشتمل التشريع المصري على ضمانات عديدة تعتبر سياجاً قوياً يحمي حقوق الإنسان، ويرسي قواعده ويكفل ضمانات تطبيقه، وذلك في إطار حرص مصر الدائم على مسايرة أحدث التطورات العالمية في مجال ترسيخ وتنمية وتعزيز حماية حقوق الإنسان. لذا فإن هناك حاجة لتوعية الأفراد بحقوقهم الإنسانية لمساعدتهم على حماية حقوقهم والدفاع عنها، الامر الذي يعد المدخل الملائم للقيام بواجباتهم، ولابد أن يتلازم تأكيد الحقوق مع التأكيد أيضاً على الواجبات باعتبارها الوجه الآخر، فنشر ثقافة حقوق الإنسان بين أفراد المجتمع من الوسائل المهمة التي تساعد على تكوين وعيهم بالإلمام بحقوقهم، ومعرفة واجباتهم، وذلك من خلال التعليم والإعلام والمؤسسات الثقافية والدينية.