مع بداية كل موسم كانت تتوجه أعداد كبيرة من الأسر المصرية إلى أسواق بورسعيد التى كانت تعد ملاذاً للطبقة المتوسطة لشراء كسوة الصيف والشتاء، فأسعار الماركات العالمية كانت فى متناول الجميع، ولكن هذه الأيام تبدل الحال وأصبح التجار يعانون من تردى الأوضاع ومن حالة الركود القاتلة فلا بيع ولا شراء لدرجة أنهم أصبحوا ينتظرون الزبائن لتوفير احتياجاتهم الشخصية، خاصة بعد الأحداث السياسية والاقتصادية التى مرت بها مصر منذ 25 يناير 2011. فى البداية أشار أهالى بورسعيد إلى أن القرارات التى اتخذتها الحكومة بخصوص منطقة بورسعيد أثرت عليها بالسلب فضلاً عن أحداث استاد بورسعيد الرياضي، بالإضافة إلى تحرير سعر الصرف وتعويم الجنيه الذى قلت قيمته مقارنة بالعملات الأخري. وبمجرد أن وقعت أعيننا على محلات السوق التجارى أصابتنا الصدمة فلا أحد يبيع ولا أحد يشترى وحالة المحلات يرثى لها فالبضائع متراكمة ومكدسة بالمحلات لدرجة أن بعضهم غطته الأتربة وحالة من الحزن والملل تكسو وجوه أصحاب المحلات والعاملين بها، وأصبح شارع السوق التجارى الشهير حزيناً وكذلك شوارعه المتفرعة تبدو حالتها أشد بؤساً، بادرنا أول محل صادفنا وسألنا الحاج محمود عن أحوالهم فأجاب بكلمات قصيرة : ربنا يفك الحال، إحنا عايشين فترة صعبة وبورسعيد اللى انتوا بتتكلمواعنها دى كانت زمان، فين الأيام التى كنا لا نلاحق فيها على البيع والشراء وبالذات فى بداية موسم الشتاء، كنا بنبيع ونكسب وعايشين فى نعمة كبيرة، النهاردة مش قادرين نكفى أدنى احتياجات بيوتنا. ففى فترات سابقة والكلام للحاج محمود كان يتدفق علينا الزبائن من كل محافظات الجمهورية، وكانوا يسيرون بصعوبة فى السوق نظراً لزيادة أعدادهم، أما الآن فأعيننا لا ترى سوى السيارات والدراجات البخارية تسيير بحريتها فى الشوارع بين محال السوق التجارى الحر. والتقط على محمد صاحب فرشة ملابس فى الشارع أطراف الحديث قائلاً: التجار الآن أصبحوا يفتحون محالهم بعد وقت الظهيرة ويغلقون قبل منتصف الليل، فى انتظار الفرج وعودة حركة البيع والشراء كما كانت قديماً، حيث كانت شوارع التجارى والحميدى والثلاثينى والجمهورية تفتح أبوابها كى تستوعب الوافدين إلى الأسواق على مدار ال 24 ساعة فى اليوم وأغلبهم كان لا يغلق أبوابه من ضغط العمل، ولكن القرارات الحكومية على مدار السنوات الماضية بعد يناير 2011 الخاصة بتعديل لوائح الاستيراد، قلصت الفوارق بين السلع الواردة لبورسعيد بنظام المنطقة الحرة وبين الواردة بنظام الاستيراد العادي، مما حرم المدينة من عدد كبير من المميزات التى كانت تتمتع بها خاصة رحلات اليوم الواحد للاستفادة بالأسعار الرخيصة لكافة السلع. ويقول سيد حسن أحد أصحاب المحال .. إحنا بضاعتنا كلها مستوردة ومن أفضل الخامات ولا يوجد صاحب محل هنا يحاول النصب على الزبون لأننا نملك رخصة استيراد وإذا خالفه أحد يتم حبسه ولا يجوز فيها التصالح أو الغرامات. وعن جنون الأسعار قال سيد: زمان كنت تيجى بورسعيد بمائة جنيه تستطيع أن تشترى «تيشيرت وبنطلون وجاكيت» ومن أفضل الماركات العالمية، أما الآن ألف جنيه لا تكفى شراء 3 أو 4 قطع من الملابس، نحن نعيش مأساة والظروف تبدلت تماما عكس الأوقات الماضية، والزبائن بتروح البالة «وتباع بها الملابس المستعملة» لأن أسعارنا أصبحت غالية، وللأسف نحن نبيعها ومكسبنا فيها ضئيل جداً .. ونفسنا حد من الحكومة يهتم بينا ونرجع بورسعيد وحركة البيع والشراء زى زمان.