يعرف الطفل اليتيم، بأنه من فقد والده، وهو صغير بعد، لم يبلغ الحلم، وفقد الأب غالبا يكون بموته، لكن فى عصرنا الحالى الذى يتصف بالمادية الشديدة، وسيادة صفات غريبة على مجتمعنا، ظهرت فئة كبيرة جدا من الأطفال الأيتام دون وفاة الأب، هم الأطفال الذين قرر آباءهم تطليقهم مع الزوجات، وقرروا أن يعاقبوا هذه النوعية "المتمردة" من النساء على الحياة الزوجية، بأن يعشن حياتهن يعذبن، فى الركض خلف الحصول على حقوق الأطفال المادية، عن طريق المحاكم، بصعوبة شديدة، فضلا عن رعاية أطفال تم حرمانهم عن عمد، من رعاية، وحماية الأب. إن الأكثر صعوبة على الطفل اليتيم المحروم من والده بسبب الطلاق، هو أن يتعذب بمعرفته، أن له أبا على قيد الحياة، يعيش حياته داخل أسرة أخرى، ولا يرغب حتى فى مجرد رؤيته، لأنه طلقه يوم طلق أمه. فالطفل الذى يعلم بأن والده متوفى، رغم حزنه، وفقد جانب كبير من الحب فى حياته، إلا أن قلبه مستكين لأمر الله، يعلم مكان قبر والده، يزوره، ويدعو له بالرحمة، فما بال من يبيت قلبه مشتعلا من أسئلة لا إجابات لها عن سبب ترك والده له، من دون أى ذنب جناه؟ لذلك يجب أن نجنب حقوق الطفل جانبا عند الطلاق، ليست فقط حقوقه المادية، لكن حقه فى أن يرى والده بشكل منتظم، دون تدخل من أهل الزوجة السابقة، فقد سمعنا عن مهازل فى تنفيذ أحكام الرؤية، أذكر أن أحد الأباء حكى، أن جد طفله، يمنعه عند تنفيذ الرؤية من لمس الطفل، ويقول له: الحكم برؤية الطفل، وليس بإحتضانه، أو حتى لمسه! وهناك من تمتنع عن تفيذ هذه الأحكام من الأساس، أما عن هؤلاء الآباء الذين يتناسون أنهم أنجبوا أطفالا، لينتزعوا صفحة كاملة من تاريخهم فى الدنيا، فيجب إلزامهم برؤية أطفالهم، عن طريق محاكم الأسرة ومكاتب التوعية الأسرية، حيث يجلس معهم أخصائى نفسى، ويساعدهم على فهم مدى التأثيرات السلبية والمدمرة التى قد تؤذى أطفالهم بسبب حرمانهم من رعاية الأب، ومتابعته، فى كل مراحل حياتهم. نعلم جميعا أن هناك من يحملون قلوبا متحجرة تجاه أطفالهم، لكن هذه تجربة، قد تثمر عن نجاح علاج أكثر من نصف حالات إنفصال الأب عن أطفاله، لأن أغلب هذه الحالات، لا تكون ناجمة عن قسوة القلوب، بقدر ماهى أداه لتأديب أحد الطرفين للآخر، بعد الطلاق. الطفل لا ينبغى أن يكون أداة تعذيب لأحد، فيكفى حظه السىء فى إنفصال أبويه، بل أن هذا الطفل يجب أن يحظى برعاية وحب أضعاف طفل آخر يعيش بين والديه، فى بيت مستقر، فلا يشعر بأنه منبوذ من والده، ويعيش بنفسية مشوهة. ومهما حاول الطرفان أن يستخدما الأطفال كأداة ضغط وتنكيل، فلن يتغير شىء من الواقع، فالطلاق تم، والإنفصال حدث، والمظالم لن يبت فيها بالعدل سوى الله، فأرحموا أطفالكم، وأكرموا ما تبقى فيكم من إنسانية. ولحديثنا بقية.. [email protected] لمزيد من مقالات وفاء نبيل ;