واحدة من أجمل الدراسات التى صدرت عن النساء وعوالمهن، هى الدراسة الأمريكية التى صدرت أخيراً عن جامعة بيتسبرج، والتى تفيد أن السيدات أكثر قدرة على الاستمتاع بحياتهن من الرجال، لتعود المرأة منذ الصغر على تحمل أعباء كثيرة مما يجعلها مهيأة للصدمات وضغوط الحياة فى الكبر.. ترى هل تتفق طبيعة المرأة المصرية مع هذه الدراسة أيضاً.. فنجدها أكثر استمتاعاً بحياتها من الرجل؟! تعالوا نبحث عن الإجابة فى السطور القادمة. فى البداية ترى سها السعيد مهندسة كمبيوتر أن المرأة أكثر استمتاعاً بحياتها بالفعل، ولكن فى مرحلة متأخرة من حياتها عندما يكبرالأولاد وتنتهى مسئولياتهم، وإن كان الاستمتاع نفسه مسألة تختلف من شخص لآخر، فقد تكون المتعة فى النادى أو القراءة،. أوتلاوة القرآن، وقد تكون فى التفكير فى جدول الأعمال المنزلية، أو فى طهى وجبة حلوة. وتؤكد: أستمتع بحياتى والحمد لله وذلك بتنظيم الوقت بين عملى وواجباتى المنزلية والزوجية. أما خديجة أبو الفضل محاسبة تقول عندما ننظر للمرأة المصرية سنجد أن دخلها محدود ويكفى بالكاد احتياجاتها مع أسرتها، هذه السيدة كيف تستمتع بحياتها أكثر من الرجل؟ فهى مرهونة بظروف مجتمعية قاسية تفرق بين الرجل والمرأة، بل بين الطفل الذكر والأنثي، فعندما تصل البنت إلى سن العاشرة تبدأ فى دخول دائرة العيب ويحرم عليها حتى اللعب فى الشارع، وتنمو مكبلة بالممنوعات، فى حين أن الطفل يمكن أن يفعل ما يحلو له، وهذا يجعلنا نؤكد أنه ليس الرجل فقط الذى يستمتع بحياته، وإنما الطفل الذكر أيضاً. ويرى د. أحمد عبد الشكور طبيب أطفال أن استمتاع المرأة بحياتها يتوقف على الجو العام، فإذا كان مغيماً بضغوط نفسية وعصبية لظروف ما كإمتحانات الأبناء أو أزمات مادية مثلاً فقد لا يتسع الوقت للإستمتاع بشيء، وأحياناً أخرى تستطيع أن تحصل على وقت ممتع ولو للحظات.. وإن كنت من خلال عملى واحتكاكى بكثير من النساء يمكن تكوين رأى بأن المرأة المصرية غير مستمتعة بحياتها على كل المستويات بالشكل المطلوب، ليس لكونها عاملة وأدوارها مزدوجة فقط، لأن حتى ربة البيت تتحول إلى رجل البيت فى غياب زوجها المستمربحثاً عن لقمة العيش. ويقول حامد شعلان موظف : أشك أن المرأة تستمتع بحياتها أكثر، فمعظم النساء يأخذن كل كبيرة وصغيرة على أعصابهن بحكم تكوينهن الطبيعي. وأعتقد أن الرجل لن يستمتع بحياته إلا عندما يشعر أن زوجته مستمتعة هى الأخرى بحياتها، فيحاول مشاركتها كل الأعباء ليخفف عنها المسئوليات ويعطيها فرصة الاستمتاع. أما د. نبيل عبد الجواد استشارى الجراحة العامة ويرى أن الاستمتاع بالحياة أصبح أمنية للرجل والمرأة معاً، فالضغوط الحياتية لا تفرق بين الجنسين وإن كانت المرأة أسعد حالاً لأن قدرتها على البكاء تجعلها تخرج الشحنات الانفعالية بداخلها وتساعدها على الراحة والتفكير الجيد وصولاً لحل المشكلة. ولأن الاستمتاع بالحياة فى نظرى مقدرة على إسعاد الآخرين فالمرأة، قادرة عليه، ولكن هذا لايمنع أن الرجل الشرقى بوجه عام ظروفه مهيأة ليستمتع بحياته بشكل أفضل من المرأة إذا أراد، خاصة وأنه معفى إلى حد كبير من محطات إعاقة كثيرة كتربية الأبناء والأعمال المنزلية وخلافه. .. والمحطة الأخيرة فى هذا الموضوع مع د. نانيس عبد الوهاب خبيرة التنمية الذاتية والمرشدة الأسرية.. تقول: إذا كانت الفتاة تربى على أن تتحمل الضغوط فإن هذا يعطيها نوعاً من قوة الشخصية فى مواجهة الأزمات، لكن على حساب نفسها، فهى تظهر أنها قادرة على تحمل المسئوليات فى حين نجدها تحترق من الداخل.. كل هذا ليس له علاقة بالقدرة على الاستمتاع والتى تتوقف على طبيعة الشخصية ومكوناتها النفسية، فالشخصية المستمتعة بحياتها هى التى يفصل صاحبها بين الهموم والمشكلات ولحظات الراحة بعيداً عن النوع سواء رجلا أو امرأة، فنحن مثلاً نقابل سيدات تلقى بهموم العمل أمام باب المنزل، وأخريات يصحبنها معهن لتؤثر على علاقتها بأفراد أسرتها، وهذه المسألة أيضاً تعود للتربية والتنشئة. وتشير إلى أن البكاء عملية تنفيس وتفريغ وكأنها فضفضة مع النفس مما يجعل الدموع رسالة لها قيمة، والمفروض ألا يخجل منها أحد.. أيضاً علينا أن نعلم أن الاستمتاع بالحياة كيمياء لها عناصرها، كما أنها ترتبط بالوراثة أحياناً وبالذات البيئية.. وطبعا علينا ألا نتجاهل هنا العادات والتقاليد والثقافة والموروثات. ولكن يبقى الأمل فى أن الرضا هو أساس الاستمتاع بالحياة مهما تكن نسبة الضغوط بها.