هل تَراجعَ أداءُ وسائل الإعلام العالمية الكبرى التى كانت مثلاً أعلى لمحترفى ودارسى الإعلام فى العالم؟ وهل توارت شعاراتُها العظيمة المُلهِمة عن خدمة حق الجمهور فى معرفة الأخبار وخلفياتها وتفسيراتها المتعددة والآراء المختلفة حولها، حتى لو كان الثمن تضحيات غالية يقدمها الإعلاميون عن طيب خاطر؟ أم تُرى أن هذه الصورة المثالية لم تكن موجودة قط كما يُشاع عنها، وأن وسائل الإعلام كانت أداة فى يد من هم أقوى منها، وأنها، حتى عندما كانت تتصدَّى للحكومات القوية، كانت مدعومة بدوائر أخرى لا تقل قوة ونفوذاً ونفاذاً؟. مثل هذه الأفكار المثيرة للقلق تطرح نفسها بإلحاح، وقد تجدَّدت بمناسبة الكلام الخطير الذى قاله الرئيس الروسى فلاديمير بوتين الخميس الماضى عن أن وسائل الإعلام الغربى تجاهلت خبراً على أعلى درجة من الأهمية عن أن روسيا تخلَّصت من الأسلحة الكيماوية بشكل كامل!. وأضاف متهكماً: إن وسائل الإعلام الغربية الرائدة فضَّلَت التكتم على هذه الحقيقة!. يبدو أن هناك أفكاراً وأحداثاً كثيرة فى حاجة إلى إعادة النظر وإلى إعادة التفسير والتقدير، فإن واقعة ووترجيت، التى احتلت مكانتها عبر عقود على أنها أكبر انتصار لحرية الصحافة ضد رئيس أقوى دولة فى العالم إلى حد إجباره على الاستقالة، تلوح الآن شبهات قوية عن علاقات وطيدة بين أبطالها الصحفيين مع أجهزة الاستخبارات العتيدة، التى كان من مصلحتها الإطاحة بنيكسون وسياساته!. بالطبع، فإن التعميم قد يتسبب فى أخطاء جسيمة، وربما يغمط حق إعلاميين يتفانون من أجل أهداف نبيلة، وإنما المطلوب فقط إمعان النظر فى حالات صارخة يلقى كلام بوتين الضوء على تصادمها مع قواعد إعلامية واضحة، مثلما تصر بعض الصحف العالمية الكبرى حتى الآن على نسيان إرادة عشرات الملايين من المصريين فى الإطاحة بحكم الإخوان، ولا تزال هذه الصحف تتحدث عن نكتة أول رئيس مدنى منتخب، مع التغافل التام عن انتهاكه، بعد بضعة أشهر من توليه السلطة، الدستور الذى أقسم على احترامه، بما كان يوجب عزله ومحاكمته، لولا أنه احتمى بعضلات أهله وعشيرته!. [email protected] لمزيد من مقالات أحمد عبد التواب;