تخرج أم سلمى كل صباح بصحبة أبنائها الثلاثة من منزلها بمنطقة مطار إمبابة، وتستقل ثلاث مواصلات حتى تصل إلى مدرسة النور للمكفوفين بالمهندسين، وتظل جالسة على الأرض أمام المدرسة برفقة طفلها تنتظر انتهاء اليوم الدراسى لترافق أبناءها فى رحلة العودة إلى المنزل، تفعل كل ذلك وهى ترى «بعين واحدة» بعد إصابة عينها الثانية، ولتساعد زوجها المصاب بورم خبيث جعله لا يغادر الفراش. فى 23 شارع الكوثر بمنطقة المهندسين بالجيرة، تتجمع أمهات التلاميذ المكفوفين الملتحقين بمدرسة النور، ويفترشن الأرض من شدة التعب والإرهاق، ينتظرن خروج أبنائهن لاصطحابهم إلى المنزل، فى مشهد يدمى قلوب المارة كل يوم. لا يختلف حال أم سلمى كثيرا، عن والدة فاطمة الطالبة بالصف الرابع الابتدائى التى أصيبت بورم فى المخ جعلها تفقد بصرها وتترك مدرستها القريبة من منزلها بمنطقة «المعتمدية» وتنتقل إلى تلك المدرسة البعيدة، وأصبح قدر والدتها الانتظار لساعات طويلة حتى يدق جرس المدرسة معلنا موعد الخروج لتذهب بطفلتها إلى جلسات العلاج ودروس تعلم طريقة «برايل»، ثم تعودان إلى منزلهما فى السابعة مساء وتحاول كل منهما شحذ قوتها لتراعى الأم بقية أبنائها وتدير شئون المنزل أما فاطمة فتحاول مذاكرة الدروس وعمل الواجبات . بينما تحضر والدة عمر طالب بالمدرسة يوميا من القناطر الخيرية، وذلك بعد أن تترك أخاه وعمره عامان مع والدتها المسنة، وتستقل ثلاث أو اربع وسائل مواصلات بتكلفة تتعدى عشرين جنيها يوميا، وتجلس والألم يعتصر قلبها إلى جوار باقى السيدات منتظرة موعد الخروج، لذلك تحلم أن يتم إنشاء مدرسة للمكفوفين بمنطقة القناطر أو يتم تخصيص فصل واحد فى كل مدرسة للمكفوفين لتنتهى رحلة العذاب اليومية. وتشاركهم نفس المعاناة والدة أدهم المقيمة «بالبراجيل» والتى تبدأ يومها بتجهيز أدوات أدهم وتصطحبه إلى المدرسة تاركة أخيه الصغير نائما بجوار والده ثم تعود سريعا لتأخذه ليذهب والده إلى عمله بينما تعود مرة أخرى ومعها طفلها إلى أمام باب المدرسة منتظرة أدهم لتذهب معه إلى دروس البرايل . أما مروة وجهاد ومنة، فهن طالبات بالمرحلة الثانوية بالمدرسة لا يتوافر لهن قيام احد أفراد الأسرة بتوصيلهن إلى المدرسة يوميا فاضطررن إلى الذهاب بمفردهن وتحمل مخاطرة الحضور من مناطق بعيدة كالبدرشين، المنيب بعد رفض المدرسة السماح لهن بالمبيت فى المدرسة طبقا لقرار الوزارة بعدم إتاحة المبيت لأقل من 25طالبة لذلك يتوجهون بالسؤال للدكتور طارق شوقى وزير التربية والتعليم قائلات ماذا نفعل هل نترك التعليم أم نقضى هذا العام فى المنزل ونحن لا يتوفر لنا الحصول على دروس خصوصية فى كل المواد؟وهل هناك فرق بين طالبة أو 25أليس هذا حقنا؟ فاتن صبرى تعمل مدرسة بالمدرسة يؤرقها مشهد السيدات الجالسات أمام باب المدرسة منذ سنوات فحاولت أن تصل لحل فلجأت إلى وزارة التضامن الاجتماعى لتوفير أتوبيسات تقل هؤلاء الطلاب وترحم أمهاتهم من ألم الانتظار ولكن محاولتها باءت بالفشل لأن وزارة التضامن ترى أن الأمر ليس من اختصاصها لكنه يخضع لوزارة التربية والتعليم، لذلك تخاطب المسئولين بالوزارة و الجمعيات الخيرية المعنية بذوى الإعاقة من أجل توفير مكان لهؤلاء السيدات يكون قريبا من المدرسة تقمن فيه بعمل ضمن الأسر المنتجة حتى تصبح ساعات الانتظار ساعات إنتاج ورزق يعينهن على تكبد كل هذه المشاق من اجل الوصول بأبنائهن إلى أفضل وضع ممكن فهل هناك من يرحم هؤلاء السيدات وأخريات جمعهم القدر فى تحمل كل صنوف الألم بسبب الفقر والمرض وقلة الحيلة؟