يقول الحديث الشريف «إذا غضب الله على قوم هداهم إلى كثرة الجدل وقلة العمل» ويتضح ذلك جليا فى أيامنا وأحوالنا التى نعيشها، حيث تكثر وتتكاثر الأفكار الشاذة وتتشعب الفتاوى الضالة المضللة، ويطل علينا كل من هب ودب بأحاديث مشكوك فى أمرها وفتاوى ما أنزل الله بها من سلطان، منها على سبيل المثال وليس الحصر فتاوى إرضاع الكبير وختان الإناث وزواج القاصرات، وأيضا الأطفال الرضع وجماع الوداع بالزوجة المتوفاة وياللعار مع فتوى جماع الحيوانات وكذلك زواج المثليين كحق من حقوق الإنسان، بالإضافة إلى إباحة العرى والخروج على الأعراف الدينية والأخلاقية، بل التعامل بلا إنسانية ولا مراعاة لحق المجتمع وحق الوطن وقبل وبعد كل ذلك حقوق وواجبات كل الأعراف السماوية والقيم الروحية. ما هذا الهزل والسطحية والجهل وتغييب العقل وإهدار إعمال العقل، وما هذا الفشل الذريع فى إدارة شئون حياتنا بمنطق العصر والأخذ بالأسباب فى صناعة الحاضر وصياغة المستقبل بما يتناسب ويلاحق الثورة التكنولوجية والقفزات المعرفية التى تلاحقنا من كل حدب وصوب فى عالم الغرب، الذى لا يعرف سوى العلم والتكنولوجيا والتقدم المذهل بمفاعلات نووية وأقمار صناعية وأدوات اتصالات إلكترونية تفوق قدرة الإنسان على التصور، وغيرها من عوامل التقدم والرقى والرخاء من أجل حياة أفضل للبشر أجمعين، وأيضا إعلاء قيمة العمل كعبادة وسعادة ونمو وازدهار وحضارة لا وقت للهزل ولا للجدل ولا مكان للجهل وضيق الأفق والاستخفاف بالعقول، فالحياة أصبحت لا تحتمل عبث الجهلاء ولا صناع الضياع والباحثين عن الظلام والضلال، فنداء العقل يعلو ولا يُعلى عليه وثورة المعرفة هى الطريق الوحيد والأمثل لحياة كريمة تليق ببنى البشر، ولا مكان لمن يعيشون بعقلية القرون الوسطي، ولا عزاء لمن يغلقون عقولهم بستائر سوداء تحجب عنهم رؤية الواقع، ويحتمون بجهلهم وراء أقنعة وادعاءات شاذة وعقيمة، ويتصورون أنهم بذلك سوف يركبون موجة الوعظ والإرشاد، وسوف يتصدرون مشهد أهل الذكر وأئمة الدين وهو منهم براء، ومع هذا الجانب المظلم فى حياتنا للأسف الشديد هناك جوانب مضيئة لعلها تذهب عنا غياهب اليأس والكآبة والإحباط، ألا وهى الجهود الرائعة فى بناء مصر الحديثة وانتشال وطننا من مستنقع التخلف والتدنى الحضارى الذى عشناه على مدى أكثر من نصف قرن، وهذا ما يفعله الرئيس عبدالفتاح السيسى ورجال مصر الأوفياء، وشواهد البناء والتعمير والابتكار والتحديث لا يمكن أن ينكرها إلا كل جاحد أو حاقد أو جاهل . وقانا الله شر الفساد العقلى والمفسدين بالفكر الضال، وحمانا الله من مخطط إغراق عقولنا فى غياهب الجهل والكلام . د. يسرى عبد المحسن أستاذ الطب النفسى بجامعة القاهرة