على مسرح مكتبة الاسكندرية كان المحافظ محمد سلطان يحتفل مع الفنان حسين فهمى ووزير الثقافة حلمى النمنم بافتتاح مهرجان الاسكندرية السينمائى فى دورته ال 33 ؛ تحت هالة من الاضواء و الموسيقى والتصفيق و الفرح الحقيقى بالفن ونجومه .. بينما على الجانب الاخر من المشهد العريض للبحر ، كان هناك فى محطة الرمل وحى الجمرك وعلى امتداد الشاطيء حتى القلعة ؛ اكثر من مائة بائع للثقافة و البهجة ؛ يتجرعون حزنا كبيرا ويشكون سوء الحال ؛ ويأسفون على ماضى الاسكندرية الجميل ؛الذى زال ؛ ويفكرون بقلق فى رزق يوم بيوم ؛ ويتحدثون عن جهل المسئولين فى المحافظة؛ الذى صار يشوه الشوارع و يمحو كل ملمح للحضارة والجمال ؛ ويسيء لشخصية المدينة ؛ التى كانت رمز الأناقة و مجمع عشاق الحرية والرفاهية !. ................................................................... قبل ان يبدأ مهرجان الاسكندرية السينمائى فى اليوم السابع من اكتوبر الحالى ؛ شهدت الاسكندرية موجة غضب عالية وتجمهرا ؛ ضد قرارات المحليات الاخيرة ؛ بإزالة اكشاك كانت من معالم الاسكندرية الحضارية ؛ المميزة ؛ منها القديم الذى كان يبيع فى محطة الرمل من قبل عشرات السنوات ؛ الكتب والصحف والمجلات و الفشار و الايس كريم .. ومنها الجديد الذى ينتشر على امتداد شاطيء البحر ؛ وهو ما عرف بأكشاك الطاقة الشمسية ؛ التى تستوعب طاقة هائلة من الشباب ؛ يبيعون فيها القهوة و الشاى وحمص الشام و الترمس و المكرونة سريعة التحضير و المثلجات ؛ بأسعار زهيدة ؛ وجودة و نظافة واسلوب بيع ؛ صديق للبيئة ؛ مشجع على الشراء ؛ والمتعة . وفى حين يعرض مهرجان الاسكندرية السينمائى هذا العام ؛ افلاما تتساءل عن سبب هجرة الشباب وتحذر من غرقهم فى البحر اثناء السفر او غرقهم فى المشاكل فى مجتمعات غريبة عنهم .. يصرخ شباب الاسكندرية فى نفس الوقت ويشكون بمرارة ؛ بسبب تخلى المحافظ عنهم ؛ وضيق افق المحليات التى تتعقب وتغلق وتزيل ؛ اكشاكا ومقرات ؛ نظيفة حضارية تخدم السياحة فى الاسكندرية ؛ وتفتح بيوتا؛ وتعطى للشباب الامل فى العمل والكسب الشريف ؛ دون مغادرة البلاد فرارا ؛ خلف اى مغامرة غير محسوبة ؛ مثل من سبقوهم الى بلاد الدنيا ؛ بحرا او برا ؛ يأسا او جهلا ، او حتى استهتارا بعواقب ما يسمى ( هجرة غير شرعية ) ! مهرجان إسكندرية السينمائى هذا العام بدأ بفيلم ( المهاجر ) لشارلى شابلن. يحكى الفيلم قسوة ظروف الفقراء الذين يضطرون للسفر بالبحر نحو بلاد بعيدة غريبة ؛ بحثا عن العمل ؛ وكيف يتعرضون خلال السفر ، لكافة انواع الاستغلال و النصب ؛ ويتعرضون للموت ؛ بينما هم ذاهبون خلف فرصة افضل للحياة . فى اليوم الثانى من المهرجان ( 8 أكتوبر ) تحول التجمع السينمائى إلى جلسة رياضية ساخنة متحمسة جدا حيث التف الفنانون والنقاد حول الشاشة بالفندق لمشاهدة مباراة المنتخب مع الكونغو والتى انتهت بفوز مصر بهدفين لهدف، وترك النجوم ندواتهم وتأجلت مشاهدة الأفلام ليلتف الجميع يتابعون المباراة رافعين الأعلام ! تحت شعار "السينما والهجرة غير الشرعية" حضر المهرجان عدد كبير من النجوم ، والمكرمون ؛ فى مقدمتهم صفية العمري، خالد يوسف، مدير التصوير عصام فريد، الناقدة نعمة الله حسين، مع حضور مميز لإلهام شاهين، بوسي، سميحة أيوب، فاروق الفيشاوي، فردوس عبد الحميد، سوزان نجم الدين، الإعلامية هالة سرحان، محمد العدل، المخرج خالد يوسف، المخرج عادل أديب، خالد عبد الجليل مستشار وزير الثقافة للسينما، المخرج عمر عبد العزيز رئيس اتحاد النقابات الفنية ومسعد فوده نقيب المهن السينمائية المهرجان احتفل بمرور 75 عاما على معركة العلمين ، وفى هذا الإطار تم عرض الفيلم الإيطالى "العلمين" وعلى أنغام أغنية "يا واد يا تقيل" وتصفيق الحضور احتفى المهرجان ؛ بالفنان الكبير حسين فهمى الذى تحمل هذه الدورة اسمه.. تسلم حسين فهمى علم المهرجان ، ؛ وقال فى كلمته انه بمجرد أن عرض عليه التكريم اختار فيلم "العار" للعرض لانه يجمعه بصديقيه الراحلين نور الشريف ومحمود عبد العزيز وقد لمس حسين فهمى احساس الحضور حينما قال باكيا : الفنان الراحل محمود عبد العزيز لم يسبق تكريمه من قبل، ولم تحمل أى دورة فى أى مهرجان اسمه، ولهذا قررت أن أتنازل عن هذه الدورة لصالح أخى الفنان الكبير محمود عبد العزيز. وتدخل الأمير أباظة رئيس المهرجان قائلا إن الدورة ستظل باسم الفنان حسين فهمي، على أن تهدى الدورة القادمة لاسم النجم محمود عبد العزيز . فى المهرجان نفسه تم تكريم مدير التصوير عصام فريد، والناقدة نعمة الله حسين ، والمخرجة الفلسطينية آن مارى جاسر، التى قالت إن والدتها عاشت فترة بالإسكندرية لذا فهى تعشق هذه المدينة، وأنها ارتدت فستان والدتها احتفالا بهذه المناسبة كما سبق وفعلت امها من قبل . وعن حقوق الملكية الفكرية؛ دارت على هامش المهرجان جلسة نقاش موسعة تناولت الأهمية الاقتصادية لصناعة الأفلام السينمائية فى الدول العربية "، تحدث فيها الكاتب فاروق صبري، رئيس غرفة صناعة السينما. و أكد المخرج خالد يوسف خلال الندوة التى أقيمت على هامش المهرجان لتكريمه أن هناك أمورا كثيره تغيرت وهو ما اكتشفه بعد عودته للإخراج بعد ست سنوات ، مضيفا أنه لم يخش تماما التطور التكنولوجى والتقنيات الحديثة الموجودة حاليا ولكن كل خوفه من التغير المجتمعى الذى حدث على الأرض والأجيال الجديدة وتفكيرهم، وهو ما يحاول الإلمام به الآن . وقد انتقدعدد كبير من الجمهور والنقاد وجود نجوم من كبار السن فقط، بينما غاب النجوم الشباب،هذا العام عن المهرجان . وهكذا صار تجاهل الشباب سينمائيا او على ارض الواقع ؛ يثير تساؤلات حادة فى الاسكندرية ؛ واكثر منها تساؤلات الناس بعد غياب مسرح السلام وحديقة الخالدين وفشار جيجى فى محطة الترام الاشهر على الإطلاق بمحطة الرمل ! فى الاسكندرية معالم على طريق الفن والبهجة و الرقى و الجمال ؛ وأى اعتداء على تلك المعالم ؛ جريمة لا تسقط بالتقادم ولا بسياسة الامر الواقع .. الناس لا تنسى التاريخ ؛ والذكريات الحلوة ؛ تصمد فى القلب ؛ رغم السنوات الطويلة . تتبدل الاسماء و يعلو الموج فى مواسم النوات القاسية .. لكن البحر .. مهما حدث ؛ لا يغادر مكانه ابدا !