هو الأول على لائحة أقوى رؤساء جهاز «الرقابة الإدارية» عندما يتعلق الأمر بصيد حيتان الفساد، والحفاظ على أصول الدولة، أصول نهبت أمدا طويلا، لا يشن حربا مفتوحة على الأباطرة فقط ، بل يزيح الخطوط الحمراء ويفتح الملفات المسكوت عنها، يعتبره كثيرون أحد أخطر الرجال، أسهم باستعاد حرمة مال الشعب، ووجه ضربات استباقية لفاسدين من الأوزان الثقيلة، جعلت الرأى العام يفرك عينيه غير مصدق، حتى بدا الرجل كأنه «منشور زجاجى» يفصل ويرشح المفسد من المصلح، كل مسئول حكومى «مراقب بالصوت والصورة» فإذا امتدت اليد إلى الرشوة أتى اللواء محمد عرفان ورجاله لقطعها بسيف القانون البتار..! لايهوى اللواء عرفان الظهور، ملامحه تشع وجاهة وذكاء، يتوارى فى الظلال، يعمل بصمت، ربما حساسية المنصب، ومع أنه بعيد عن الكاميرات وصفحات الصحف، فإن رجاله الأكفاء الأقرب إليها، بشكل يومى، غزواتهم ضد الفساد بقعة ضوء بالغة السطوع، سجلوا سابقة فى التاريخ المصرى بالقبض على وزير فى السلطة «وزير الزراعة السابق». فجروا قضية الرشوة الكبرى بمجلس الدولة، مغارة على باباس..اصطادوا المرأة الحديدية بالإسكندرية «نائبة المحافظ» بعد تورطها في الرشوة، يدرك عرفان وكتيبة مقاتلى الرقابة الإدارية أن الفساد تجاوز الركب، ومن ثم شنوا عليه معركة بلا هوادة، سوس ينخر فى عظام المجتمع حتى كاد يسقط جسدا خائرا، وبطنا مفتوحا، أمام أفاعى الداخل وغيلان الخارج، تردفها عصابات دولية عابرة للحدود، تقودها مخابرات دول وتشكيلات، أذرع تخريبية لهدم البلاد وتشتيت الشعوب. الفساد والإرهاب والمخدرات، رءوس متعددة لكيان واحد مثل «وحش الهيدرا» فى الأساطير الإغريقية، هنا يبرز محمد عرفان «حلال عقد الفساد» طال سيف التطهير شبكة دولية ضخمة للاتجار بالأعضاء البشرية.. نعم هناك أجهزة أخرى للمواجهة تبذل جهودها الوافرة، لكن ما فعلته الرقابة الإدارية إنجاز غير مسبوق، على مستويات عدة، إذا أردنا الإنصاف. «كلمة السر» فى ذلك دعم غير محدود من الرئيس السيسى شخصيا، إدراكا منه بأن مكافحة الفساد لا تقل أهمية وضراوة عن مواجهة الإرهاب، وأن المعركة طويلة، تحتاج رجالا قادرين أفذاذا، مثل محمد عرفان.. يوم الأحد 26 مارس 2017 أرسل الرئيس رسالة إلى مجلس النواب، جاء فيها: «تنفيذا لمقتضيات المادة 216 من الدستور، .......يطيب لنا إخطار مجلس النواب، بترشيحنا للواء محمد محمد عرفان جمال الدين رئيسا لهيئة الرقابة الإدارية، بالتعيين فى ذلك المنصب لمدة 4 سنوات». راكم عرفان تكوينا راقيا- يمزج العلم المتجدد رأسيا والخبرة العملية أفقيا- وضعه فى مصاف الخبرات المشهود لها عالميا، تخرج فى الكلية الحربية، وحصل على بكالوريوس التجارة، ثم انتقل إلى الرقابة الادارية، كأنه يخط مستقبله بيديه، ضابط رقابة متمكنا، يفهم دهاليز الحكومات، خبايا الميزانيات، أضابير الحسابات، طرق التلاعب بأموال الهيئات. قراءة سيرته المتداولة وإنجازاته المتوالية تجعله «فرس الرهان» وحامل الشفرات السرية لصواريخ دك حصون الفساد- قبل شهور- استعاد، منذ بداية العام الحالى 8 مليارات جنيه للخزينة العامة، النجاح الساحق تمثل بإزالة تعديات عابرة للأزمنة على أراضى الدولة المنهوبة. أعد «استراتيجية مكافحة الفساد» فارتفع تصنيف مصر دوليا، رصد فى تقرير أسباب الفساد ببلادنا، أرجعها إلى متغيرات المجتمع فى العقود الثلاثة الماضية، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا: زادت الثروات، وغابت عدالة توزيعها، لم تصل ثمار التنمية إلى الطبقات محدودة الدخل، تفجر شعور بالظلم، ووصل تهرب الأغنياء من الضرائب إلى 61 مليار جنيه، عام 2013. وفى ظل مطاردته عتاة المفسدين، فئران سفينة الوطن، تلقى عرفان تكليفا رئاسيا بمحاصرة منابع الفساد المحتملة، طاف ربوع البلاد متفقدا المشروعات القومية قبل افتتاحها، مراجعا جدواها وإجراءاتها، لدرء أى أخطاء أو فساد خلال تنفيذها. وتكليفا آخر للرقابة الادارية، بتجهيز بنك القيادات، ومتابعة أعمال الحكومة وعمل تقارير دورية عن أعمال الوزراء والموظفين الكبار. يصعب القول إن نهاية الفساد فى بر مصر باتت وشيكة، لكن ما يصنعه رجال «الرقابة» بقيادة المايسترو «محمد عرفان» أشبه بالسيمفونيات والملاحم، إنه سيف مسلط على رقاب الفاسدين، يبتر دنسهم ويلقيهم فى زنازين العار، مجهود فائق واعد، يبشر بأمل طال انتظاره أن نصحو يوما على «المحروسة» بيضاء من غير سوء الفساد، فعلى قدر أهل العزم تأتى العزائم، وتأتى على قدر الكرام المكارم. [email protected] لمزيد من مقالات د. محمد حسين أبوالحسن;