احتفلت مصر والقوات المسلحة يوم الجمعة الماضى بانضمام «القرويطة» الفاتح الى الأسطول البحرى المصرى، وذلك فى إطار خطة التسليح والتطوير التى وضعتها القيادة العامة للقوات المسلحة لتنويع مصادر السلاح وتعد القطعة البحرية الجديدة الأولى من طرازها الذى يضم ثلاثا أخريات، سيتم تصنيعهم فى مصر ، ليمثل ذلك نقلة نوعية حقيقية فى مجال التصنيع العسكرى المصرى. إن انضمام القرويطة الجديدة للأسطول البحرى إلى جانب القطع البحرية التى انضمت أخيرا إلى قواتنا البحرية يشكل قوة الردع الحامية للأمن القومى المصري، والسواحل الممتدة على البحرين الأحمر والمتوسط، حيث تحظى القرويطة الفاتح من طراز «جو ويند» بأهمية قصوى لأنها القطعة البحرية الأولى فى الأسطول المصرى التى تمتلك خاصية التخفى عن الرادارات البحرية. إن أهم ما يميز هذه الصفقة بين الجانبين المصرى و الفرنسي، هو نقل التكنولوجيا إلى مصر، والاستفادة من الخبرة الفرنسية فى تصنيع هذا النوع من القطع البحرية وبخاصة المتخفية منها والتى لا يمكن لأى جهاز رادار أو سونار أن يكتشفها، فهى بالفعل ستضيف كثيرا للخبرة المصرية فى مجال التصنيع الحربي، وستكون مصر هى الدولة الأولى فى الشرق الأوسط وإفريقيا القادرة على صناعة مثل تلك القطع البحرية وبالتقنيات العالمية العالية، لتضاف بذلك لمصر قوة تكنولوجية جديدة. لقد سعت القوات المسلحة منذ وقت كبير إلى نقل التكنولوجيا فى الصناعات العسكرية من الخارج، بالتعاون مع العديد من الدول حيث تم من قبل افتتاح مصنع لإنتاج الدبابة الأمريكية ( أم 1ايه 1 ) بمصانع الإنتاج الحربي، بالإضافة إلى العديد من الاسلحة والعربات المدرعة فى الهيئة العربية للتصنيع، كما تم تصنيع لنشات صواريخ مصرية، وجميعها تنضم إلى الخدمة وتعمل بكفاءة عالية جدا، مما يحقق فى بعض الاسلحة الاكتفاء الذاتى، لتحقق النقلة الحقيقية والنوعية فى التصنيع الحربى المصرى. من المعروف أن الدولة التى لا تستطيع أن تنتج سلاحها لا يمكن أن تحافظ على أمنها واستقرارها، وهو ما تضعه القيادة السياسية والعسكرية امامها ، وتعى أبعاد ذلك، لذا فإن الفكر فى الوقت الحالى تطور كثيرا، وبدلا من التصنيع فقط، تمت إضافة أحدث ما توصل إليه العلم العسكرى فى هذا المجال لتستطيع الدولة المصرية أن تحافظ على أمنها واستقرارها، بجانب تفوقها الكمى والنوعى فى المنطقة وحتى لا تتعرض الدولة المصرية لأى محاولات تضييق عليها كما حدث بعد 30 يونيو. لقد أولت القيادة السياسية فى مصر التهديدات والتحديات التى تواجه الأمن القومى المصرى اهتماما كبيرا ، فى ظل ما تتعرض له منطقة الشرق الأوسط من تطور نوعى فى عمليات الصراعات المسلحة، من إرهاب عابر للحدود بفكر مختلف وأيضا القرصنة التى تهدد الملاحة البحريية، بجانب اتخاذ الجماعات الإرهابية لبعض الدول التى تعانى أزمات كمعسكرات تدريب، وغيرها من التهديدات الاخرى ولحماية المصالح الاقتصادية فى البحرين الأحمر والمتوسط، فتم التعاقد على أنواع مختلفة من التسليح، ومن دول مختلفة لا تقف عند دولة بعينها حتى لا تتحكم فى مقدرات الشعب، وكل سلاح يتم التعاقد عليه يحقق هدفا معينا ويواجه التهديدات المحتملة، بل ويصل إلى مواقع التهديد خارج الحدود المصرية للقضاء عليها قبل وصولها إلى مصر. إن إضافة قطع بحرية شبحية «ستيليث» إلى القوات البحرية المصرية تجعلها قادرة على تنفيذ مهام مختلفة لحماية السواحل ، والمصالح الاقتصادية فى المياه المصرية، كما أنها ستكون لها القدرة على الوصول إلى أماكن بعيدة لتنفيذ عمليات عسكرية تحقق الامن القومى المصري، وتردع كل من يحاول المساس بالسواحل المصرية. لقد حققت القوات البحرية بعد امتلاكها القطع البحرية الحديثة العديد من النجاحات من أهمها الحد من محاولات الجماعات الإرهابية العابرة للحدود عن طريق البحار من التسلل الى الداخل المصري، أو سواحل الدول المجاورة، كما تم الحد من عمليات الهجرة غير الشرعية من جنوب المتوسط الى الشمال. إن امتلاك القوات البحرية أحدث القطع البحرية، جعل أقوى بحريات العالم تطالب بتنفيذ تدريبات مشتركة مع الجانب المصرى لما يمتلكة من تكنولوجيا عالية بالإضافة إلى خبرة المقاتل المصرى فى التعامل مع تلك القطع والتى يصل بها الى مرحلة الاحترافية، مما تعود بالنفع على الجانبين، وذلك ظهر جليا فى التدريبات مع الجانب الفرنسي، والروسي، واليوناني، وحلف شمال الأطلنطي، مما يدل على قدرة وكفاءة البحرية المصرية. إن الاحترافية التى وصلت إليها البحرية المصرية جعلتها تتعامل بتنسيق كامل مع جميع القطع البحرية رغم أنها من مدارس مختلفة، فمنها الفرنسى والأالماني، والروسى والكورى الجنوبى، والأمريكي، فإن التعامل لا يكون على اعلى درجة من الكفاءة، واختلاف كل تلك المدارس يصب فى مصلحة القوات البحرية ويرجع ذلك الى الخبرة لقيادة القوات والتوظيف الأمثل لكل قطعة بحرية الأساسية والقطع المعاونة الاخري. لقد حققت الاستراتيجية المصرية أهدافها فى تنوع مصادر السلاح ، وتم تحقيق نقلة نوعية كبيرة فى التسليح ليس فى مجال القوات البحرية فقط ولكنها فى جميع الأفرع الرئيسية للقوات المسلحة لتحقق مصر التفوق، ومن بعدها جاءت مرحلة نقل التكنولوجيا الحديثة فى مجال التصنيع الحربى. [email protected]