أؤكد من واقع خبرتى العملية الطويلة أن هناك بالفعل نقصا فى عدد غير قليل من الأدوية وخاصة فى الأمراض المزمنة، والأورام الخبيثة، وأمراض الدم والعيون وغيرها مما يؤثر سلبا على صحة المواطن، كما يفتح الباب لتجار الأدوية من بعض أصحاب الصيدليات لزيادة الاسعار، والتجارة فى الأدوية المهربة، ومن ثم تنشأ السوق السوداء، ويبدأ أهل المريض رحلة شاقة للبحث عن العلاج اللازم له أيا كان ثمنه. تقول نقابة الصيادلة ان النقص يشمل 1300، صنف بينما تؤكد غرفة صناعة الدواء أنه يشمل 1500 صنف، ويقول مسئول المركز المصرى للحق فى الدواء انه رصد فى أغسطس الماضى ما يجاوز 1420 صنفا من تعداد السجل الرسمي. ثم نأتى إلى الجانب الآخر من الصورة فنجد أن وزير الصحة، ومدير التفتيش الصيدلى يؤكدان أن الأدوية الناقصة فى السوق فعليا 15 مادة فعالة فقط!! فى حين أن المتحدث الرسمى لوزارة الصحة أكد أن آخر تقرير أرسل إلى الرئاسة حدد 23 صنفا دوائيا تعانى نقصا فى السوق المصرية. لقد أذهلنى هذا التناقض الواضح والفاضح بين الأرقام المذكورة من جهات مسئولة فى الدولة.. فإلى من يلجأ المريض فهذه القضية تطرح نفسها وأعرض فيما يلى بعض الاستفسارات والاقتراحات، أولا: أدعو جهاز الرقابة الإدارية إلى تقصى الحقيقة فى هذا الأمر شديد الحيوية والخطورة، فإذا كان المركز المصرى لحماية الحق فى الدواء وكما وصفه وزير الصحة مركزا غير مرخص ، وأنه يهدف إلى إثارة الفزع والبلبلة بين المواطنين، فإن القانون يجب أن يأخذ مجراه، ويحول الأمر إلى النائب العام، وأما إذا كانت تصريحات الوزير غير دقيقة فإننى أطالب لجنة الصحة فى مجلس النواب بالتحقيق فى الأمر، ومساءلة الوزير وسحب الثقة منه إذا ثبت أنه لا يعلن الحقيقة. ثانيا: أطالب بتحديد جهة واحدة مسئولة عن هذا الملف، وتكون لها فروع فى كل محافظات مصر، ولا تعتمد على الطرق البدائية من المرور الدورى والمفاجئ على بعض الصيدليات وما قد يشوب ذلك من فساد محتمل.. وأرى تكوين إدارة فى مصر على غرار الإدارة الأمريكية للغذاء والدواء. ثالثا: الخلاف المستمر والمستتر بين الوزير ونقابتى الصيادلة والأطباء يجب أن ينتهى فورا فهذا نوع من العبث غير المقبول فى مجال شديد الخطورة، هو صحة المصريين. رابعا: أطالب بإجراء مراجعة شاملة لجميع مخازن الأدوية فى مصر بإشراف الجهات الرقابية، خاصة المملوكة لبعض سلاسل الصيدليات، كما أطالب بتقنين أوضاع الأدوية المستوردة ومراجعة القواعد المعمول بها والتى عفا عليها الزمن من أجل ضبط إيقاع سوق الدواء. خامسا: يبقى تأكيد أن البدء فى تطبيق قانون التأمين الصحى الشامل على جميع المواطنين والذى أسهم فيه بقوة د. حاتم الجبلي، ود عادل العدوي، هو الحل الوحيد الذى ينبغى أن تسخر له الجهود المخلصة لجميع الهيئات والوزارات من أجل راحة المرضي. د. صلاح الغزالى حرب