كتبت: إيناس عبد الغني ذكر القلب في مواطن كثيرة من آيات القرآن الكريم والأحاديث الشريفة علي أنه موطن الإيمان. ومن أمثلة ذلك قوله الحق كتب في قلوبهم الإيمان المجادلة وأيضا إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وقوله تعالي ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوي القلوب الحج. وتعريف الإيمان في كثير من أحاديث الرسول صلي الله عليه وسلم: الإيمان ما وقر في القلب وصدقه العمل, وفي حديث آخر: وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله, وإذا فسدت فسد الجسد كله, ألا وهي القلب, وأشار صلي الله عليه وسلم إلي ناحية القلب في صدره وقال: الإيمان ها هنا, أو التقوي ها هنا: ويقول الدكتور عبد الهادي مصباح أستشاري المناعة والتحاليل الطبية وزميل الأكاديمية الأمريكية للمناعة إن كل آيات القرآن الكريم جاءت لتجعل من القلب موضعا للحب والبغض, والتقوي والإيمان, والفهم والتعقل مثل قوله تعالي الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب, ويقول تعالي لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها كما ذكر أيضا في القرآن لفظ الفؤاد اشارة إلي القلب مثل قوله تعالي إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا, ولأن الإيمان لا يكون إلا بغيب الذين يؤمنون بالغيب وكذلك قوله إنما تنذر من اتبع الذكر وخشي الرحمن بالغيب, إذن فالإيمان ادراك عقلي في المقام الأول لا ينبغي أن يستند إلي حاسة من الحواس, كشأن قوم موسي الذين قال فيهم المولي عز وجل وإذ قلتم يا موسي لن نؤمن لك حتي نري الله جهرة فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون, ولأن القلب من الناحية التشريحية والطبية لا يعدو كونه مجرد مضغة, وأن الفهم والادراك, والتصديق والانفعال وغيرها, إنما هي من وظائف العقل, الذي نعتقد تشريحيا أن مكانه المخ بكل ما فيه من مراكز وأسرار, فإنه من المنطقي أن يكون المخ هو المقصود بكل تلك الاشارات التي قيل إن محلها القلب, إلا أن هذا يعتبر تفكيرا قاصرا لأنه يلغي وجود شيء في غاية الأهمية بداخلنا ألا وهو النفس والروح فوجود الشيء شق. وادراكه شق آخر. وأشار أن هناك مواطن أخري في القرآن أراد الله بها أن يخاطب العقول والألباب مثل قوله: إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب, أي أن تكرار كلمة قلوب والقلوب في القرآن حاملة لهذا المعني احدي وعشرين مرة لا يمكن أن يكون مجازيا, ولابد أن يكون القصور في علمنا وفهمنا نحن لطبيعة ووظيفة الأشياء المختلفة بداخلنا, وإذا كان المخ هو الأداة التي نمارس من خلالها التعقل الذي ميز به الله الإنسان علي سائر الكائنات, فليس معني ذلك أن المخ هو العقل. فالعقل من خصائص الروح. والمخ هو وسيلة التعبير عن العقل تماما مثل الساعة التي تكون وسيلة للتعبير عن الزمن, إلا أن هذا لا يعني أن الساعة هي نفسها الزمن. ومن خلال بحث الدكتور عبد الهادي مصباح في هذا الموضوع وقع في يده كتاب بعد الموت تبدأ الحياة في عالم غير منظور لمؤلفه الدكتور سمير الشناوي, الذي يتحدث في هذا البحث القيم عن موضوع الحياة والموت, وماهية الروح والجسد, وفيه يتناول علاقة كل من القلب والعقل بالإيمان. والفرق بين النفس والروح, فالمؤلف يري أن القلب يراد به في القرآن إلي جانب معناه المادي. تلك اللطيفة الربانية أي الروح, وبالطبع لا يمكن أن نسلم بأن القلب والروح شيء واحد لأن الروح تفارق الجسد بينما يظل القلب في مكانه صامتا بعد الموت, لذلك فمن الأسلم أن نقول إن القلب هو مركز الروح وليس الروح ذاتها, وهذا يتفق مع الرأي القائل بأن القلب محل العقل, كما جاء في كثير من الآيات وهذا يتفق مع الرأي القائل بأن القلب محل العقل.