فى ظل النمو والتنمية التى تنتهجها الدولة بخطوات جادة ومعدلات جيدة نجد أن الزيادة المطردة فى أعداد السكان بالشكل العشوائى غير الرشيد توقف تلك الخطوات بل وتجهضها، فعلى مدى خمسة عقود نادى جميع الرؤساء والحكومات السابقة إلى حملات تنظيم الأسرة ورغم ذلك لاتزال الزيادة السكانية هى أصل المشكلات الاقتصادية والاجتماعية بل أخطر من الإرهاب على خطط التنمية التى تقوم بها الدولة. د. هالة يسرى أستاذ علم الاجتماع والخبير التنموى تقول: تعتبر المرأة الريفية صاحبة الحظ الكبير فى زيادة معدلات الخصوبة والمواليد تليها المجتمعات التقليدية، ولن تستطيع وزارة بمفردها العمل على الحد من زيادة معدلات الإنجاب، وخفض معدلات النمو فى مصر، فمسئولية وزارة الصحة والسكان عن تنظيم الأسرة بشكل كبير كان خطأ ولابد من مشاركة جميع مؤسسات الدولة والأجهزة الحكومية وغير الحكومية بمختلف قطاعاتها المتداخلة والتنسيق بينها فى حل مشكلة تنظيم الأسرة وأهمها وزارتا التعليم والثقافة، لابد أيضا من التنسيق بين وزارات الزراعة والصناعة والعمل على توجيه المرأة الريفية لعمل مشروعات صغير تناسب بيئتها كتربية الدواجن والماشية، وبالفعل تقوم الدولة حاليا بتلك المساعدات تحت شعار «معا فى خدمة الوطن» ويتم طرق أبواب مليون سيدة لإعلاء قيم العمل والانتاج ، وبذلك يتم شغل الوقت، ويمكن إعطاؤها دورة تدريبية عن تنظيم النسل، وتضيف إن الاهتمام بتعليم وعمل المرأة أهم أدوات الحد من الزيادة فى معدلات الإنجاب، كذلك ضرورة إصدار تشريع يمنح الدعم الكامل من تعليم ومأكل وكساء ورعاية صحية للطفلين الأول والثانى وما دون ذلك فليتكفل أبواه به، كذلك ضرورة توفير وسائل منع الحمل بالمجان للفئات غير القادرة ونشر الوعى والتوعية بالفاهيم الخاطئة عن الإنجاب والعلاقة غير الصحيحة. دكتورة هناء السيد أستاذ الإعلام المساعد كلية التربية النوعية جامعة المنوفية تشير إلى: الرسالة الإعلامية والإعلانية عن تنظيم الأسرة للأسف لم تصل إلى الجمهور المعنى بها، نتذكر حملة فى التليفزيون المصرى فى الثمانينيات، لكنها لم تحقق النتائج المطلوبة، وأخذت بها أسر الطبقة المتعلمة والموظفين أصحاب الدخول الضعيفة، ولم تصل إلى أهل الريف والعاملين فى المصانع والعشوائيات فهم يعتبرون الطفل مصدرا للرزق يعول الأسرة بعمله فى الحقول أو الورش وغيرها.. بالإضافة إلى أطفال الشوارع الذين يتحولون إلى قنابل موقوتة. وتضيف أن مصر لديها إمكانيات كبيرة وتحتاج لاستغلال الزيادة السكانية والموارد المتاحة بشكل أفضل وفقا للثروة البشرية الموجودة، والخروج من الوادى الضيق بالتوسع العمرانى وفتح أسواق عمل وتخصصات جديدة.. كل الحلول المطروحة مؤقتة فنحن بحاجة إلى سياسة عامة للدولة فى مجال الصحة والتربية والتعليم وضبط الخطاب الديني، والاتصال الشخصى والمباشر هو الأهم فمازالت المجتمع لديه محاذير دينية وأخلاقية، ويمكن الاستعانة بالداعيات خريجات الأزهر الشريف فى التوعية إلى جانب الرائدات الريفيات، ودور الإعلام التثقيفى والهيئة العامة للاستعلامات المسئولة عن الدعاية والإعلان، ودراسة أسباب فشل وإخفاق الحملات السابقة وتوجيه الإعلانات والحملات إلى المجتمعات المعنية. خيرية البشلاوى الكاتبة والناقدة الفنية تؤكد انه لا يوجد إرادة سياسية حقيقية للحد من الزيادة السكانية، فنحن بحاجة إلى إجراءات وقوانين حاسمة تنفذ بصرامة، فكما تحارب الدولة الإرهاب لابد من محاربة الزيادة السكانية إلى أن تتراجع بقوة، كما فعلت الصين حين اتخذت إجراءات صارمة بعد الطفل الأول، لذا يجب أن يكون الدعم لاثنين من الأطفال فقط وليس لثمانية. وتوضح أن أكبر مؤثر فى فشل الحملات السابقة هو المفهوم الخاطئ للدين والذى يلعب دورا سلبيا، والربط بين التواكل والرزق، أيضا الدراما لاتزال بعيدة عن تصوير الحقيقة، والمقررات التعليمية لا تلعب الدور المفروض فى تناولها وطرحها القضايا الحيوية التى تمثل الخطر على الأسرة والمجتمع.