أعلنت كوريا الشمالية من نجاحها فى حيازة القنبلة الهيدروجينية بعد أن أجرت تجربة تفجيرية بنجاح يوم 3 سبتمبر2017. وبالتالى أصبح كل طرف فى النزاع الكورى (الولاياتالمتحدة والصين وروسيا وكوريا الشمالية) مسلح بأسلحة دمار شامل تكفى لتدمير القارة الآسيوية بل والعالم أجمع فى حالة دخول الصراع بينهما إلى مرحلة المواجهة النووية المباشرة!!ولكن يبدو أن الأمر ليس بهذه البساطة. فهناك سلاح آخر أشد خطورة وفتكا لوحت به كوريا فى وجه الولاياتالمتحدة، أنه الهجوم ب"النبضة الكهرومغناطيسية" الذى أصبح فى حوزة كوريا ومكنها من قلب كافة الإستراتيجيات والتكتيكات المتوقعة. فخلال البيان الذى أذاعته كوريا الشمالية بشأن نجاح تجربتها الهيدروجينية ذكرت وكالة الأنباء الكورية الشمالية الرسمية إن الزعيم الكورى الشمالى كيم جونج أون تفقد قنبلة هيدروجينية يمكن تحميلها على صاروخ باليستى عابر للقارات وذلك خلال زيارته لمعهد الأسلحة النووية. وأن المعهد نجح فى صنع "سلاح نووى أكثر تطورا"، مما أحدث "تحولا" فى الأسلحة النووية للبلاد. أما الأهم من كل ما سبق ولاقى الاهتمام الشديد فى واشنطن فكانت الجملة التالية :"أن القنبلة الهيدروجينية يمكن تفجيرها على ارتفاعات عالية" وأنها "سلاح ذرى حرارى "متعدد الوظائف" يتميز بقوة تفجيرية مدمرة ويمكن تفجيره على ارتفاعات عالية". وذلك فى إشارة لا لبس فيها إلى إمكانية تنفيذ هجوم "النبض الكهرومغناطيسى القوى". وسلاح "النبضة الكهرومغناطيسية" مصطلح يطلق على نوع من الانفجار الكهرومغناطيسى الإشعاعى الذى ينشأ كنتيجة مباشرة لانفجار (تفجير بسلاح نووي غالبا) أو نتيجة لتقلبات مفاجئة فى المجال المغناطيسى. ومثل هذا الهجوم سينفذ بتفجير قنبلة نووية أو هيدروجينية واحدة فقط فى الجو بدلا من إطلاق صاروخ بعيد المدى على مدينة أمريكية كبرى. وأثار بعض المسؤولين عن رسم السياسات والخبراء فى الولاياتالمتحدة مخاوف من مثل هذا الهجوم الذى يمكنه أن يحدث موجة هائلة من الطاقة ويوجه ضربة مدمرة لشبكة الكهرباء والبنية التحتية الحيوية الأمريكية. وأكد الخبراء إمكانية توقف الحياة فى أجزاء كبيرة من الولاياتالمتحدة حال إطلاق صاروخ نووى ينفجر على ارتفاع 400 كيلومتر قبل الوصول إلى سطح الأرض. وهو ما سيحدث نتيجة عطب كافة الدوائر الإلكترونية ووحدات المعالجة المركزية فى كافة أجهزة الكمبيوتر ومختلف الأجهزة الإلكترونية.. وهو باختصار ما يعنى أن الولاياتالمتحدة ستحال إلى الماضى وتحديدا إلى قرن ماضى من الزمان وعندها ستتعطل غالبية منظومات وأجهزة الدفاع عن البلاد وتنقطع الكهرباء ووسائل الإتصال، مما يعنى وببساطة أن سمواتها ستكون مفتوحة تماما أمام أية هجمات تقليدية حتى وإن تمت باستخدام صواريخ الأعياد أو "شماريخ الأولتراس"!! وحتى نصل إلى أصل الأزمة يمكن التوصل إلى أن سعى الكوريين الشماليين وحرصهم الدائم على حيازة وتطوير أسلحة الدمار الشامل ووسائل نقلها، وخاصة الصواريخ، ينبع من دافع حقيقى ووحيد يدفعهم لأن يسيروا فى طريقهم الذرى والنووى ثم الهيدروجينى وما بعده أيضا. أما هذا الدافع فهو مواقف الولاياتالمتحدة وتلويحها الدائم بتفوقها التسليحى ومطالبتها الدائمة لكوريا الشمالية "بتسليم السلاح" ووقف برامج التسليح غير التقليدى الخاصة بها. إن كوريا الشمالية وقادتها ليسوا بمعزل عن العالم. وقد رأوا بأم أعينهم على مدار العقود السابقة قادة وزعماء دول عريقة حاولت الحصول على روادع إستراتيجية من خلال حيازة أسلحة دمار شامل ومنظومة نقلها. وعندما حشدت الولاياتالمتحدة العالم ضدهم وإستصدرت قرارات عبر مجلس الأمن (وما يعرف بالمجتمع الدولى) لتعزيز مطالبها فإن هؤلاء القادة تراجعوا عن برامجهم ووافقوا على مضض أن تنزع قدراتهم التسليحية غير التقليدية وصولا إلى حد الامتناع عن "التفكير" أو حتى "السعى" إلى حيازة رادع عسكرى غير تقليدى. وكان الثمن أو الرد على التزامهم بالتخلى عن قدراتهم العسكرية هو: تدلى صدام حسين من حبل المشنقة فى العراق وغزو وتقسيم بلاده، ومصرع القذافى مقتولا فى الصحراء بشكل مهين بعد إخراجه من إحدى الأنابيب وتقسيم بلاده أيضا، ودخول بشار الأسد فى متاهة من الحروب الأهلية والخارجية التى أجبرته على تسليم أجزاء من بلاده كقواعد أجنبية والسماح بدخول مقاتلين من دول اجنبية لإنقاذه وفرض مصالحهم عليه فى وقت لاحق وتقسيم البلاد بين القوى المتصارعة! أما ملالى إيران الذين وقعوا إتفاقيات سرية وعلنية مع واشنطن وحلفائها فمازالوا يراوغون أمام فوهات مدافع العدوان التى يمكن أن توجه لهم فى أية لحظة!! وحتى تكون الصورة أكثر وضوحا فإن الولاياتالمتحدة وسياساتها الميالة إلى إستخدام القوة المفرطة والتآمر والالتفاف على الرقاب أجبرت خصومها الأكثر قوة وتنظيما على توخى الحذر بل والسعى الحثيث إلى تعزيز قواهم استعدادا لصراع شرس يمكن أن يدفع العالم إلى حافة الهاوية إن لم يكن إلى قلب الهاوية ذاته. لمزيد من مقالات طارق الشيخ;