تدور الآن فى عدة ولايات أمريكية صدامات بين من يمثلون النظرة الفاشية التى يتبناها الرئيس الحالى دونالد ترامب بتعصب شديد ويتصورون أن لهم وحدهم السطوة على ماعداهم من الفئات الأخري، وبين الطرف الآخر فى هذا الصدام والذى يضم المهاجرين المسلمين وغير المسلمين، وبالطبع السود ذوى الأصول الافريقية الذين يرددون ضدهم شعارات:«لالترامب ،..لا للكوكلاس كلان،..«وأيها النازيون :عودوا الى منازلكم» منددين بالتمييز العنصرى والدينى الذى يجاهر به ترامب دون خجل ومنذ إعتلائه ترامب كرسى الرئاسة وهو يحارب طواحين الهواء سواء داخل امريكا او خارجها فى انحاء العالم وكأن الجميع يوجهون اليه اللوم:«ترامب .. أجئت تطلب نارا أم ترى تشعل البيت نارا»؟! واذا كان أعضاء فريق المعسكر الفاشى يتصورون انهم اصل امريكا نقول لهم : إنكم مهاجرون ايضا لأنكم احفاد الاوروبيين الذين استعمروا امريكا فى القرن الخامس عشر الميلادى واستولوا على اراضى سكان البلاد الاصليين وهم قبائل الهنود الحمر الذين كانت لهم ثقافتهم وحضارتهم التى استمرت آلاف السنين فكانوا يزرعون بعض المحاصيل ويصنعون اخشاب الغابات ويمارسون صيد الاسماك والحيوانات كالجاموس الوحشى الذى برعوا فى أن يصنعوا من جلوده الخيام والملابس والقوارب البدائية، وكانوا يعيشون فى سلام حتى جاءهم الغزاة من اوروبا لا ليشاركوهم ثروات بلادهم ولكن ليبيدوا سكان البلاد الأصليين الذين كانوا يستخدمون الرماح والسهام فى مقاومة المستعمر الذى قضى عليهم بالبنادق والمسدسات إلا قليلا وصاروا بالقوة ومرور السنين هم الأمريكيون ، وفى بداية القرن العشرين مع نشأة السينما الامريكية ظهرت الافلام التى تمجد الرجل الابيض وتشوه صورة الهنود الحمر بأنهم همج وتجعل المشهد يؤازر الكاوبوى الابيض ويرضيه انتصاره على الهنود الحمر وابادتهم!! وبدأوا فى استجلاب الافارقة السود باختطافهم عن طريق السماسرة من بلادهم فى افريقيا وترحيلهم بالسفن الى امريكا حيث استعبدوهم واستغلوهم بالحديد والنار فى زراعة الاراضى، وتربية الابقار وكخدم يمتلكهم الاسياد ثم جاءت الحرب الاهلية التى كانت سببا فى تحرير العبيد على يد«ابراهام لينكولن» ولم يسلم منهم فاغتيل فى 14 ابريل عام 1865 وكانت الحرب الاهلية على وشك الانتهاء ، ولكن ظلوا يعاملون كمواطنين ادنى من البيض ولن ننسى فيلم «الجذور» الذى اوضح بصدق ماعاناه الرمز الاسود «كونتا كنتى» وحديثا شهدت البلاد الامريكية منذ عامين مظاهرات احتجاج على حوادث قتل فيها شباب من ذوى البشرة الداكنة على ايدى رجال الأمن وبسبب تلك الحوادث خرجت الى النور حركة «حياة السود مهمة» المناهضة للعنصرية. واخيرا ألا يرى فريق رشيد من الكونجرس الامريكى النتائج الخطيرة بسبب اعمال التمييز التى يتعرض لها المسلمون والمهاجرون والسود بأنها قمة جبل الجليد النائم تحت السطح الذى قد يؤدى الى كارثة مثلما حدث للسفينة التاريخية «تايتانيك» فاستقرت فى قاع المحيط . د. مصطفى شرف الدين