للمرة الأولى فى تاريخ المركز القومى للترجمة يصدر كتاب يكاد يكون خفيفا، وهو «لماذا نحب.. طبيعة الحب وكيمياؤه» للكاتبة الأمريكية «هيلين فيشر»، وترجمة «فاطمة ناعوت، وأيمن حامد»، والمُطلع عليه سيفهم من مقدمتيهما سبب اشتراكهما بترجمته، حيث حرصت ناعوت التى تعمل فى مجال الإنثروبولوجى على ترجمة قصص الحب عبر التاريخ، واهتم الدكتور حامد بالجانب العلمى الذى يفسر التغير الطارئ للإنسان الذى يجعل حياته متمركزة حول محبوبه. وأجرت المؤلفة الأمريكية دراسة فريدة لهذا الموضوع، وأشركت عددا ضخما من مختلفى الهوية والجنسية والعرق والدين والثقافة، فى استبيان كانت نتائجه مدهشة، وتشابهت إجاباتهم ما يدل على أن البشر يتفقون جميعا على مفهوم الحب، وما يشعرون به تجاه من يحبونه. تقول المؤلفة: الشخص المأثور بالحب يُركز تقريبا كل اهتمامه على المحبوب، حتى لو أوقع الضرر بكل شيء وكل شخص حوله، بما فى ذلك العمل، الأسرة، والأصدقاء. والرجال والنساء المفتتنون أيضا يركزون على الأحداث كافة، والأغنيات، والخطابات، وكل الأشياء الصغيرة الأخرى التى تشاركوا فيها مع أحبتهم. اللحظة التى توقف فيها فى الحديقة ليُريها برعم الربيع، المساء الذى قذفت فيه إليه بحبّات الليمون وهو يعد العصائر:«إلى حبيبى مالك مشاعرى»، كل تلك اللحظات العفوية العارضة تتنفس. 73% من الرجال و85% من النساء يتذكرون تلك الأمور الصغيرة التى فعلها عشاقهم أو قالوها. و83% من الرجال و90% من النساء يستدعون تلك الحكايات الثمينة فى عيون أذهانهم وهم يتذكرون أعزتهم». ويتحدث الكتاب عن عديد من حالات الحب وما يرتبط به من سلوك اجتماعى متغير نتيجة هذه العاطفة، والشعور بالغيرة والحصرية والإخلاص، فمن يعشق لا يرغب باقتراب شخص آخر من حبيبه. ثم تتحدث المؤلفة عن أهم ظواهر الحب بين الحيوانات، وشكل الغزل بينها. وأجرت المؤلفة العديد من التجارب العلمية على العشاق وعملت على جمع المعلومات عن كيمياء المخ وروابطه أثناء الحب الرومانسي، وركزت أبحاثها على مادتى الدوبامين والنوريبنفراين، ومادة السيروتونين المرتبطة بهما، وهذه المواد يزداد تركيزها فى المخ فى حال العشق، فيسبب الدوبامين زيادة هائلة فى تركيز الإنسان على من يحبه كما يسبب النشوة للمحبين، وزيادة مادة النوريبنفراين تساعد على فهم لماذا يتذكر المحبون التفاصيل الدقيقة لكل ما فعله المحبوب، وزيادة هاتين المادتين فى مخ الإنسان تعمل على انخفاض مستوى مادة السيروتونين ما يُسبب اضطراب الوسواس القهرى الذى يجعل المُحب لا يتوقف عن التفكير فيمن يحبه، لذا تقول المؤلفة: «لهذا فأنا أعزو مثابرة المحبين، وفقدانهم للإرادة، والتفكير المتكرر بالمحبوب إلى نقص محتمل لبعض هذه المواد». كتاب «لماذا نحب» جذاب لمن يريد معرفة أسرار الحب، وفسحة لالتقاط الأنفاس وسط الكتب الدسمة فكريا وثقافيا التى يصدرها مركز الترجمة.