قدم أخيرا أوركسترا النور و الأمل حفلا فى أوبرا جوانزو بالصين، وأريد أن أنتهز مناسبة عزف الأوركسترا فى تلك الأوبرا لأتحدث عن تلك الأوبرا البديعة وتصميمها الرائع. على العكس من العديد من دور الأوبرا التي تمتدح لعراقة تاريخها، افتتحت تلك الدار عام 2010، لكن ما يعطى أوبرا جوانزو ألقها الخاص هو تصميمها المعمارى الفريد، والبرنامج الفنى المتميز الذى تقدمه. صمم دار الأوبرا المعمارية البريطانية العراقية الأصل زها حديد، والتى توفيت العام الماضى، وتعتبر تلك الأوبرا من درر التصميمات التى وضعتها، تشغل الأوبرا مساحة 70 ألف متر مربع، محاطة بناطحات سحاب مدينة جوانزو فى منظر حداثى بديع، تتكون الاوبرا من كتلتين متباينتين من الخرسانة و الزجاج، وتكتسي باللون الابيض ممثلة جوهرتين متباينتي الشكل، يحاكي شكلهما الانسيابي منظر الصخور التي نحتها الماء على مر العصور وكأنها تتكون من لؤلؤتين فى نهر الكانتون الذى يمر بقلب المدينة ، المبني مجهز بنوافذ زجاجية كبيرة تسمح بأن يغمر ضوء الشمس البهو الرئيسى للأوبرا ليضىء التماثيل التي يزخر بها ذلك البهو و المنتشرة بعناية بين أرجائه. تكلف إنشاء الأوبرا نحو 1.38 مليار يوان (نحو 200 مليون دولار) واستغرق بناؤها خمس سنوات. تحتل القاعة الرئيسية ذات ال 1800مقعد الكتلة الرئيسية فى حين تشغل الكتلة الصغرى قاعة متعددة الأغراض تسع 400 مشاهد، وهى القاعة التى قدم فيها حفل أوركسترا النور والأمل. لا يبارى عظمة المبنى إلا البرنامج الفنى المتميز الذى وضعته الأوبرا، والذى يشمل حفلات لأهم و أكبر أوركسترات العالم، متضمناً حفلاً لأوركسترا برلين الفيلهارمونى تحت قيادة سير سيمون راتل، وحفلا للتينور العالمى يوناس كاوفمان، وعازف البيانو الصينى العالمى لانج لانج، إلى جانب الأوبرات العالمية التى تقدم من فرق الأوبرا المحلية مثل أوبرا عايدة وغيرها، حقا برنامج فنى «رائع». قالت المعمارية زها حديد عن أعمالها: «الكثير يرى أن أعمالي تتسم بالتعقيد، لكنها ببساطة مثل الطبيعة، والتى تتسم بالتعقيد فى الكثير من الأحيان» وتضيف: «إن فن العمارة ليس هدفه التسلية أو إثارة الدهشة، بل هدفه هو الاستدامة وتوفير حياة أفضل».