على الرغم من كونها كارثة حقيقية بكل المقاييس، فإن تغطية الإعلام الأجنبى لحادثة تصادم قطارى الإسكندرية التزمت إلى حد كبير بالمهنية والموضوعية، وامتنعت عن محاولة استغلال الحادث فى بث دعايتها المضادة للدولة المصرية. ولوحظ من خلال تقارير وسائل الإعلام الأجنبية الرئيسية أن تغطية حادث الإسكندرية، لم تختلف كثيرا عن تغطيتها لحوادث القطارات المشابهة التى تحدث كثيرا فى دول أخري، ومن بينها الهند التى شهدت قبل أيام حادثا مروعا فى ولاية أوتار براديش راح ضحيته 23 قتيلا و123 مصابا، وفلادلفيا بالولايات المتحدة التى شهدت حادثا مشابها تماما لحادث الإسكندرية، إثر اصطدام قطار ركاب سريع بقطار متوقف على القضبان دون سبب محدد، ولكنه أدى إلى إصابة 33 شخصا فقط. فى حادثة الهند، التى كانت هى الأخرى كارثة وطنية بكل المقاييس، تناولت وسائل الإعلام العالمية خبر الحادث نفسه فور وقوعه، ثم بثت تقارير تالية عن قرار الحكومة الهندية بفتح تحقيق فيما جرى لمعرفة أسباب الحادث، واستعرضت أيضا تاريخ حوادث القطارات فى الهند، والأسباب المؤدية إليها، وبخاصة تقادم شبكة السكك الحديدية فى البلاد، وضعف الموارد المالية اللازمة لتطوير خطوط القطارات، وسوء الإدارة، وتواضع مستوى صيانة القطارات والخطوط نفسها، كما تناولت أيضا تصريحات رئيس الوزراء الهندى ناريندرا مودى التى أعرب فيها عن تعازيه فى ضحايا الحادث. وفى حادث قطار الإسكندرية، لم تخرج التغطية فى الإعلام الأجنبى عن هذا الإطار، ربما باستثناء وكالة «رويترز» للأنباء التى استخدمت عبارات «مفجعة» فى تغطيتها لحادث الإسكندرية لم تستخدمها فى حادث الهند، رغم التشابه الشديد بين الحادثين وبين مشكلات السكك الحديدية فى البلدين معا. فقد أبرزت «رويترز» اللقطات الدامية للحادث بالتفصيل، مع استخدام عبارات من بينها «الجثث المتناثرة» و»الحادث الأكثر دموية»، فى محاولة للتضخيم من الانعكاسات الدعائية السلبية للحادث. وجاء فى تقرير «رويترز» عن الحادث يوم 11 أغسطس بعنوان «مقتل العشرات وإصابة أكثر من مائة فرد فى حادث تصادم قطارين فى مصر»، وأن الحادث «خلف جثثا متناثرة على الأرض»، فيما كانت فرق الإنقاذ تسحب القتلى والمصابين من عربات القطار المحطمة. وعلى العكس من هذا الأسلوب، ركزت وكالة «أسوشييتدبرس» للأنباء فى تغطيتها للحادث على أنه ليس الأول من نوعه فى مصر، واستعرضت فى تقريرها يوم 11 أغسطس أيضا تاريخ أشهر حوادث القطارات المصرية، مشيرة إلى أن السبب فى تكرار هذه الحوادث «المعدات التى تتم صيانتها بطريقة سيئة وسوء الإدارة أيضا». وعلى النقيض من المتوقع تماما، اتسمت تغطية هيئة الإذاعة البريطانية «بي.بي.سي.» وشبكة «سي.إن.إن.» للحادث بالهدوء، إذ ذكرت بي.بي.سي. أنه «لم يتضح بعد سبب الحادث»، وأن «حوادث القطارات الدامية فى مصر تعد نادرة الحدوث، ولكنها ليست مستبعدة»، ونوهت إلى حوادث قطارات سابقة وقعت فى مصر، بينما أشارت سي.إن.إن إلى أن الرئيس عبد الفتاح السيسى أصدر بيانا أعرب فيه عن مواساته لأسر ضحايا الحادث، وأضافت أن السفارة الأمريكية فى القاهرة أيضا أصدرت بيانا حول الحادث أعربت فيه عن تضامنها مع الشعب المصري. ولم يتضح حتى الآن، لماذا لم يحاول الإعلام الغربي، وبخاصة الوسائل الإعلامية المعروفة المعادية أو السلبية عن مصر، استغلال الحادث فى الطعن فى الحكومة المصرية وإظهارها فى صورة الإدارة الفاشلة التى لا تستطيع توفير الحماية لمواطنيها، ولا إدارة مؤسساتها العامة، عبر حادث الإسكندرية، على غرار ما تفعله هذه الوسائل من استغلال سيىء لأخبار الإرهاب والاعتقالات!