وحدي.. هذه المرة.للمجر! اندب حظي. وأخذت اندب واندب!! ثم أعد ما تبقي لي من قروش بعد عودتي من رحلتي الاستشفائية في المجر.. والتي ظننت أنني سأجد فيها الحل لعلاج تراكم الآلام ومرض ووهن السنين. أخذت أولول بصوت مكتوم.. يا ليتني لا رحت ولا جيت وكنت استنيت. ما لها عيون حلوان الكبريتية؟ ولا احنا زي القرع نمد لبره من حلوان.. للمجر.. ليه؟ لماذا؟ يمكن لأن عيون المجر الكبريتية في بودابست فيها مصحات وافتكاسات وأجهزة وأدوات وأطباء وهواء نقي.. نعم!! كانت تلك محاولة يائسة يابسة حتي كانت الصدمة القوية؟ في أحد الفنادق البودابستية دخلت أنا والفرقة المرضانة التعبانة مثلي.. فندق الإحساس المعماري فيه يذكرك بالسكنات الستينية في المساكن اليسارية الشعبية كالمعسكرات المدنية.. بني فوق ثلاث عيون كبريتية بدرجات حرارية متفاوتة حسب درجة تركيز المعادن بها.. ومن حولها مبان دائرية بها حجرات بأجهزة علاجية رأيت معظمها في عياداتنا ومستشفياتنا وفنادقنا المصرية, لكن الميزة أنها مجمعة وليست متفرقة مثل أجهزتنا. اكتشفت من أول لحظة أن هذا الفندق الشيوعي المباني صاحبه يهودي.. احتل عدة أماكن في المجر وبلاد أخري في أوروبا الشرقية!! يختار العيون الطبيعية من دول هباااه ويشتريه ويبني ويسيح دعاياته قائمة علي: تعالي بات عندنا بالطينة المطينة!! وبلبط زينا؟ البلبطة في المياه المعفرتة بالكبريت والحديد والكهربة!! في حمامات سباحة شديدة البساطة.. شوية زلط مثل زلط المباني المنتشر في شوارعنا في المدن الجديدة علي شوية مياه ساقعة لزوم ساونا القدمين! واقلب الزبون واقبض.. وعندما تدخل مجانا هناك علاجات أخري بفلوس! والفلوس للعلاجات الأخري القوية بفلوس كثيرة جدا! ومتخصصين بمستويات أعلي من المجاني.. وكل مريض علي قد اليورو! واقلب وقلب الزبون. ونحن نرتدي البرنس روب الحمام الأبيض ومن أسفله المايوه وكل واحد حسب ثقافته في المايوهات, هناك البكيني وهناك القطعة الواحدة وهناك الشورت وهناك النشاز أمثالي بمايوههم الشرعي والبونيه طبيعي يغطي الرأس يعني الرأس متغطية متغطية.. قالت لي صديقتي علي سبيل إثارة حماس ضائع نتيجة الضرب والقسمة من اليورو للجنيه ومنه لعملتهم الخاصة الفرونتا قالت.. إنها تشبه مستوطنة صحية!!. فتح باب المصعد ودخلنا لنجد أنفسنا فعلا في مستوطنة, لكنها ليست صحية علي الإطلاق.. إنها مستوطنة يهودية إسرائيلية وبدأت روحي تزهق من فوبيا الرعب من الأماكن المزدحمة المغلقة والله أعلم.. حاولت صديقتي تهدئتي وأنا كل اللي أصابني ترديد هذه العبارة:يا نهار أسود ومش باين له بياض. إحنا محاصرين بنجمة داود!! هو إحنا ذهبنا إلي تل أبيب! كل من حولنا بالبرانس روب الحمام ويرتدون سلاسل بها نجمة داود. ابتسمت وهي تهدئني وتحاول التغطية علي مشاعر الهلع والغيظ والوكسة وتبتسم لهم ابتسامة صفراء موجهة لرجال ونساء الحصار اليهودي الإسرائيلي في الأسانسير.. بدون جدوي! فقد اكتشفوا وكأنهم حافظين الشكل واللغة والهمسة والنظرة أننا مصريون! السلام عليكو.. شالوم.. انتوا مصريين؟ لم أرد.. وإذا بحاجبي الأيسر يرفع لفوق إنذارا واستنكارا وكمان بتقولوا ازيك؟ تولت عني صديقتي الرد باقتضاب.. وقالت بالإنجليزيةyes, رغم أنهم تحدثوا معنا بالعربية! وانفتح الأسانسير وإذا بها تجذبني من يدي بعيدا ظنا منها إنني كعادتي سأمارس التحرش وافتح قضايا القدس والمسجد الأقصي.. نظام وهتافات الجامعة.. فلسطين عربية وتاريخ وطنية مبني من طفولتي علي أعرف عدوك قبل التعامل.. حتي لو بينك وبينه معاهدة! شعرت بمرض الفايبرا ميولجي وهو ألم العضلات والفقرات المفاجيء المنعدم العبثي اللا منطقي اللا معقول يصيبني وأنا في اتجاهي لمكان العلاج الطبيعي.. وصديقتي الدكتورة طبيبة الآلام تسندني وتجذبني بعيدا عن الطاقة السلبية التي انفجرت في وجهي في الأسانسير, ومقابلتي للجماعة اليهودية الإسرائيلية وسلاسل الذهب الجنزير تتدلي من أعناقهم والثراء الفاحش يتفجر من جنبات ضلوعهم!! آآآه ياني فلوسنا.. قلتها وأنا أكاد أخنق صديقتي التي لم تكن تعلم مثلي أن هذا الفندق السياحي العلاجي الذي يطلق عليه مصحة يهودي وأفواجه وسياحته وعرفت وتأكدت أن أثرياء اليهود الإسرائيليبين يغزون أوروبا, خصوصا الشرقية!! سابقا!! وينفقون وينفعون بعضهم!! مش زينا.. زي القرع نمد لبره. ما لها عيون حلوان؟ الكبريتية. لماذا لا نصنع عليها وبها فنادق علاجية وندعو الجماعة العرب لزيارتنا ونعمل لنا كام مصحة علاج طبيعي وماساج تدليك القدمين وعلي الفخذين المنتشرين في فنادقنا القاهرية وغيرها. وشوية دعاية من هيئة تنشيط السياحة.. وهاتوا الزبون من المطار للمصحة ذهابا وعودة.. و..! لكن هناك سؤال فهل هناك هيئة لتنشيط السياحة؟ وإذا كان. هل هناك فكر سياحي من رجال البزنس لاستغلال ثرواتنا الطبيعية في السياحة العلاجية, خاصة إن الدكاترة مع احترامي عندنا زي الرز؟ وإذا كان. هل هناك شركات سياحية تعمل وتنسق مع رجال البزنس السياحي مع هيئة تنشيط السياحة خلال منظومة طيران وسياحة؟ وإذا كان. هل هناك وجود لتلك الوزارة. طالت جلستي في المقهي.. وأنا أهلهل وأهلهل وأقول هل وهل وهل؟ وحدي.. اندب.. حظي السياحي في المقهي وفلوسي التي طارت خارج البلد! وراحت لليهود!! يا تري كام.. كام.. مليار يذهب لهم من عندنا العالم العربي.. كام؟ كام؟ وفكرت أن أرفع الحذاء واضرب به رأسي كفارة عما فعلته.. وهنا تدخل القهوجي وقال: كام إيه يا هانم إنتي لم تطلبي شيئا بتحاسبي عليه.. فبدأت أطلب: عندك واحد شيشة واثنين عصير وأربعة شاي وخمسة قيمة مضافة وضريبة وضريبة.. أنا لازم اكفر عن ذنبي.