كنز مفقود .. هذا هو أصدق تعبير يمكن أن يوصف به كابريتاج حلوان ، ذلك المكان المتميز الذي يبحث عن التطوير منذ قرن مضي.. خطورته ترجع لطبيعة المياه الكبريتية النابعة من باطن الأرض في عيون غزيرة لا تتوقف عن التدفق منذ آلاف السنين وبشكل يومي . وقد أثبتت هذه المياه فعاليتها في الشفاء من 35 مرضا نفسيا وعصبيا وجلديا وللعظام هذه المناطق تحظي باهتمام كبير في مختلف أنحاء العالم وتتحول لمصحات عالمية تعزز من السياحة العلاجية أما في مصر وبالتحديد حلوان فالوضع مختلف تماما فلا يزال تطوير الكابريتاج قيد البحث والدراسة وأهميته الطبية لا تؤخذ في الاعتبار حيث يرتبط في أذهان أغلب الناس بذكريات الاستحمام في فترة الطفولة .. وفي السطور التالية استعرضنا حكايته وخدماته ومشكلاته ونوايا تطويره التي أعلن عنها مؤخرا واليكم التفاصيل . في البداية يرجع تاريخ الكابريتاج لعام 1899 عندما قام الخديو عباس حلمي الثاني بانشاء مبني فخم علي الطراز العربي وقد أعده اعدادا حديثا وقتها للاستفادة من العين المتدفقة بالمياه الغنية بالمعادن الطبيعية والتي اعتاد المصريون الاستحمام فيها طلبا للشفاء منذ عهد الفراعنة ومنذ ذلك التاريخ والمكان يحوي كل الترتيبات لراحة القاصدين للعلاج من آلام العظام والمفاصل والعنق وحب الشباب والراغبين في استعادة الحيوية وتجديد النشاط . وذلك عن طريق حمامات المياه الكبريتية وغرف للاقامة والنوم وخلع الملابس وأماكن للتنره وسط الخضرة علي مساحة حوالي 12 فدانا ورغم توافر هذه الخدمات إلا أن المكان بالفعل يحتاج لمزيد من الاهتمام ولم يخضع للتطوير منذ الخمسينيات من القرن الماضي وفي الفترة الأخيرة شهد بعض الاصلاحات بعد تراجع اعداد زواره خاصة أن مبانيه قديمة وجزءا كبيرا منه مهجور ويحوي حمام سباحة وأماكن ترفيهية خالية وغير مستغلة مند سنوات وفي حدود امكانياته المتوافرة يقتنع زواره بجدواه العلاجية حيث يقول محمد خلف 29 سنة مهندس : الكبريتاج أشبه ببيت الراحة أو مكان للاستحمام فأنا أعاني مشكلات في فقرات العنق واعتلالات متكررة نتيجة ضغوط العمل في المفاصل والأكتاف وبعد فترة علاج طويلة نصحني أحد الأطباء بالاقامة في الكابريتاج لتلقي مختلف أشكال العلاج الطبيعي وأهمها الحمام الكبريتي وجلسات المساج والطمي الكبريتي والشمع الطبي ومع الوقت أشعر بقدر من الراحة ومطمئن في نفس الوقت لأنني ابتعدت عن الأدوية الكيميائية . أما محمد عبداللطيف موظف علي المعاش فيقول : الجلسة ب 5 جنيهات والحمد لله أشعر براحة وبشكل أسرع من مفعول الأدوية العادية ويكفي أن المكان حكومي ومضمون عن باقي مراكز العلاج الطبيعي الأخري . أما عم سعد (55 سنة ) فهو من زبائن المكان الدائمين للعلاج من آلام المفاصل ويقول : الكبريتاج مثل المستشفي لكن الفرق أن الطبيب لا يكتب روشتة فقط لكنه يحدد طرقا طبيعية للتداوي وممكن تكون حماما كبريتيا أو طميا أو شمعا طبيا أو تدليكا وهي أشياء متميزة ولا توجد إلا في هذا المكان وغالبا أشعر بتحسن وإن لم تفد فلن تضر , وبعد تلقي الجلسات أبقي فترة في إحدي الغرف ويمكن أن أبيت عندما تكون حالتي مجهدة . ومن الزائرين أيضا محمد عبد السلام دياب (32 سنة ) كفر الشيخ , حيث يقول : كنت أعتقد أن كابريتاج حلوان مقصور علي الجانب الترفيهي أو أنه عبارة عن حديقة وحمام سباحة ولكني اكتشفت أنه ليس للفسحة وإنما مصحة علاجية مزودة بأطباء وممرضات وعيادات وأنه أيضا نموذج للسياحة العلاجية المتواضعة من وجهة نظري حيث يحتاج لبعض التجميل وإعادة فتح الكازينو السياحي الخاص بالكبريتاج . ويوجد بداخل الكابريتاج مجموعة من العيادات المجهزة بوسائل للكشف علي المرضي وهي متخصصة في التأهيل الحركي والطب الطبيعي فقط حيث تقول د . ايمان الخطيب : هناك قسم للسيدات وآخر للرجال وهما منفصلان تماما وفي العادة نفتح ملفا خاصا لكل مريض لكي نتابع فيه حالته طوال فترة تلقيه للعلاج الكبريتي والتي قد تمتد لمدة عام , ويتم الكشف علي المريض لتحديد الطريقة المناسبة للعلاج بجانب الأدوية الأخري وهي الشمع والطمي والمياه وجلسات التدليك وهذه الطرق آمنة جدا لأنها ظاهرية وليست لها أي أعراض أو تأثيرت جانبية وتستخدم في إطار تكميلي للأدوية الأخري كما أنها شكل متميز وننفرد به عن باقي الأماكن الطبية المماثلة في مصر ونحن نساهم في العلاج من أمراض التهابات المفاصل والروماتويد والنقرس والامراض العصبية والنفسية والالام الناتجة عن ضغط العمل والجلوس لفترات طويلة علي المكاتب مثل آلام العنق والعظام ويتم ذلك من خلال 38 حجرة مزودة بحمامات صغيرة للمياه الكبريتية وأقسام متعددة للأشعة ومعامل للتحاليل وباختصار هدفنا هو مساعدة المرضي علي استعادة حياتهم الطبيعية . ويذكر محمد حلمي - ممرض ومشرف علي الجلسات أن لكل طريقة علاجية أساليب للاستخدام فمثلا الشمع الطبي والطمي الكبريتي يوضعان علي المفاصل مما يساعد علي تحسين الدورة الدموية وانعاش التمثيل الغذائي في المنطقة المعتلة وكل ذلك يسهم في توسيع نطاق الحركة ويدعم وظائف الأجهزة ونفس الكلام ينطبق علي حمام المياه . ويعلق د . حسين عبد المتعال مدير الكبريتاج قائلا : حلوان تعوم علي بحيرة من المياه الكبريتية النقية . ونظرا لأهمية هذا المكان فنحن نطالب بدعمه وتطويره خاصة أن هذه المسألة لاتزال قيد البحث والدراسة بعد اعلان المحافظة ومديرية الشئون الصحية انشاء منتجع طبي عالمي يضم الكابريتاج السياحي المغلق منذ سنوات والطبي وذلك علي غرار المصحات الطبيعية الموجودة في دول العالم المتقدم , كما يحتاج المكان لبعض التعريف حيث يعتقد الكثيرون أنه مجرد حمام سباحة عادي في حين أنه مركز عالمي متفرد . ويخدم زواره من المرضي مقابل أسعار رمزية حيث لا يتعدي سعر الحمام الكبريتي 7 جنيهات ومعدل الزيارة يصل إلي 100 ألف شخص سنويا .