فتح التقديم لمسابقة إيفاد الأئمة والقراء والمؤذنين إلى الخارج    توقيع بروتوكول رباعي جديد لمبادرة «ازرع» لتحقيق الأمن الغذائي المصري    «كادوا أن يتسببوا في كارثة».. «عفاريت الأسفلت» في قبضة الشرطة    تقبل طلاب الثانوية علمي.. 10 معلومات عن كلية علوم التغذية 2025    "حماة الوطن": نواصل اختيار المرشحين لانتخابات مجلس الشيوخ المقبلة    بعد صدوره رسميا، تعرف على عقوبة إصدار الفتوى الشرعية بالمخالفة للقانون    رئيس جامعة بنها يتفقد سير الامتحانات وأعمال التطوير بكلية التربية النوعية    وزير الري يشارك في احتفالية انطلاق "البرنامج الهيدرولوجي الدولي" بباريس    «إير كايرو» تُطلق منظومة طبية متكاملة على رحلاتها منتصف يوليو المقبل    محافظ المنوفية يتفقد تطوير مدخل شبين الكوم الجديد والكورنيش القديم    «الزراعة» تبحث زيادة فرص الاستثمار بالدول الأفريقية    وزير الزراعة يتوجه إلى فرنسا للمشاركة في مؤتمر الأمم المتحدة للمحيطات    الرئيس السيسي يتابع معدلات تنفيذ مشروعات المرحلة الأولى بمبادرة «حياة كريمة»    المصريون سحبوا 26.57 مليار جنيه من ماكينات ATM بالبنك الأهلي في 9 أيام    بني سويف تستقبل 12 زائرا ضمن فوج من السياح الألمان فى جولة على الممشى السياحى    كيا مصر تحذر المقبلين على الشراء من هذه السيارات.. التفاصيل    الاحتلال يفتك بالمدنيين قرب مركز غذاء    كابوس جوارديولا!    أوكرانيا تستعيد 1212 من جثامين جنودها القتلى في روسيا    الإعلامي الحكومي بغزة: الاحتلال يتعمد خلق فوضى عبر التجويع واستهداف المدنيين    نسخة معدلة من الهدنة وترامب يضغط لإنهاء الحرب.. إلى أين وصلت محادثات غزة؟    ترامب يقول إن ثقته تتراجع بشأن التوصل لاتفاق مع إيران بشأن برنامجها النووي    أوكرانيا تستقبل جثث نحو ألف جندي من روسيا    سيميوني: بطولة مونديال الأندية أشبه بكأس العالم وندرك معنى تمثيل إسبانيا بها    البدري يتعرض لاعتداء في مباراة بالدوري الليبي    رومانو: نابولي أتم اتفاقه مع دي بروين.. وموعد الكشف الطبي    تقرير: النصر يسعى لضم مدافع بايرن    «تدخل الأمن أنقذني».. أول تعليق من حسام البدري بعد الاعتداء عليه في ليبيا    كرة السلة.. الاتحاد السكندري يواجه بترو دي لواندا بنصف نهائي ال «BAL 5» الليلة    أمن القليوبية يكثف جهوده لكشف تفاصيل إصابة شخص بطلق نارى بطوخ    الحج السياحي 2025.. جهود الجميع نجحت في حل أي مشاكل طارئة بسرعة واحترافية    صباح تقتل عشيقها في الشارع بعد نشره صورها العارية: "خلّصت البشرية من شره"    أبناء عمومة..إصابة 4 أشخاص سبب مشاجرة بالأسلحة النارية بمركز دار السلام بسوهاج    انتشال جثة شاب من مجرى نهر النيل بالمنيا بعد 15 يوما من الغرق    بشري تعلن انفصالها عن خالد حميدة    «المشروع X» يحتل صدارة الإيرادات ويتفوق على «ريستارت»    قصور الثقافة تعرض «بيت العز» بكفر الشيخ ضمن مشروع المسرح التوعوي    مش بس بالفلوس.. تعرف على أكثر 5 أبراج كرمًا فى كل شيء    أحمد عبد الحميد ينضم إلى أبطال مسلسل ابن النادي    بن غفير يقتحم المسجد الأقصى برفقة كبار ضباط الشرطة الإسرائيلية    الفنان محمد ثروت يدعو لشفاء آدم تامر حسني .. اللهم متّعه بالصحة والعافية    المفتي الأسبق يوضح مراحل طلب العلم    رئيس جامعة المنوفية يكلف الدكتور أحمد الجمال عميداً لمعهد الأورام    متحور نيمبوس.. سريع الانتشار وأقل خطورة    اعتماد وحدة التدريب ب"تمريض الإسكندرية" من جمعية القلب الأمريكية- صور    بعد عريس متلازمة داون.. التفاصيل الكاملة عن المرض    ضبط قضايا إتجار بالنقد الأجنبي بقيمة 10 ملايين جنيه خلال 24 ساعة    حالة الطقس اليوم في الكويت.. أجواء حارة ورطبة نسبيا خلال ساعات النهار    دموع الحجاج فى وداع مكة بعد أداء المناسك ودعوات بالعودة.. صور    لجنة تخطيط الزمالك تسلم جون إدوارد ملف الصفقات والمدير الفنى    إصابة 7 أشخاص في حادث انقلاب ميكروباص أعلى كوبري قها بالقليوبية    عريس متلازمة داون.. نيابة الشرقية تطلب تحريات المباحث عن سن العروس    يحيى الفخراني يكشف سر موقف جمعه بعبد الحليم حافظ لأول مرة.. ما علاقة الجمهور؟    زيزو يكشف سر تسديده ركلة الترجيح الأولى للأهلي أمام باتشوكا    5 أطعمة تقوي قلبك وتحارب الكوليسترول    تعرف على آخر تطورات مبادرة عودة الكتاتيب تنفيذًا لتوجيهات الرئيس السيسي    دعاء الفجر.. أدعية تفتح أبواب الأمل والرزق فى وقت البركة    تقارير: فيرتز على أعتاب ليفربول مقابل 150 مليون يورو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المَلاك
نشر في الأهرام اليومي يوم 21 - 08 - 2017

ولوصول الكتاب قصة. صدر فى بيروت، وبسبب تعويم الجنيه قررت دور النشر العربية والعالمية عدم إرسال كتبها للقاهرة. كان لا بُد من الحصول عليه. الصديق عاصم الشيدي، الصحفى العمانى الشاب تكفَّل بهذا. وبدلاً من إرساله بالبريد، أعطاه لعبد الله السناوي، كانا يحضران ندوة. وذهبت للزمالك لآخذ الكتاب وكتاب السناوى عن هيكل: حوارات برقاش هيكل بلا حدود.
عنوانه الفرعى بعد كلمة الملاك: الجاسوس المصرى الذى أنقذ إسرائيل. مؤلفه: يورى بار جوزيف. ومنشور فى الدار العربية للعلوم ناشرون. وترجمه عن العبرية فادى داؤد. والكتاب مؤلفه إسرائيلى، وناشر نسخته العبرية إسرائيلي، وموضوعه القصة المزعومة للعدو الإسرائيلى حول الجاسوس المصرى الذى أنقذهم من حرب أكتوبر أشرف مروان.
لم يكتفوا بالكتاب. ولا أعرف إلى أى لغات فى العالم تمت ترجمته. علاوة على العربية. لكن العدو الصهيونى يموِّل الآن فيلماً سينمائياً عالمياً عن أشرف مروان. يجرى تصويره الآن فى المغرب وفى بلغاريا ويلعب دور مروان الممثل الهولندي: مروان كنزاري.
المسألة تشغل بال العدو. ويعمل عليها. ولن أعرض بنيان الأكاذيب التى يمتلئ بها الكتاب. 367 صفحة من القطع الكبير. فعرض الأكاذيب حتى لو قمت بالرد عليها يروج لها. ويوصلها لمن قد لا يكون عقله جدلياً ويخضع ما يقال للمنطق وقد يصدقه. وبهذا أكون قد خدمت عدوى وعدوكم وحققت أهدافه من وراء نشر الكتاب.
الهدف ليس أشرف مروان كشخص. لكن من خلال قراءة ومعايشة الكتاب والمسألة لم تكن سهلة بالنسبة لى النيل من انتصار أكتوبر العظيم عليهم وتحويل الأمر كما لو كان لعبة كانوا يعرفونها مسبقاً من الجاسوس المصري. مع أنه لم يخبرهم بالموعد بدقة. كانت الحرب فى الثانية بعد الظهر السادس من أكتوبر 1973، وأبلغهم أنها فى السادسة من مساء نفس اليوم.
هدف آخر من وراء الكتاب أن يقول إن زوج ابنة جمال عبد الناصر وهو من هو سعى إليهم وذهب إلى سفارتهم بلندن عارضاً من تلقاء نفسه ودون أن يطلبوا منه، أو أن يحاولوا استمالته أن يكون جاسوساً لهم فى مصر. وفى اللقاء الأول أمدهم بوثائق ما كانوا يحلمون بوصولها إليهم.
من أهداف نشر الكتاب، وبالتالى الفيلم السينمائى الذى ينفذ الآن عن الكتاب. إبراز بطولاتهم فى التعامل مع حرب السادس من أكتوبر. ومحاسبتهم لأنفسهم. ومحاكمتهم لمسئوليهم بسبب التقصير الذى مكَّن المصريين من عبور قناة السويس. وحتى العبور، فإن الكتاب يورده بطريقة تضغط على مشاعر الإنسان الوطنية وإحساسه ببلاده، خصوصاً من عاصر حرب أكتوبر مثلي. لم أعرف أشرف مروان فى حياته. المرة الوحيدة التى رأيته فيها رؤى العين، كنت عائداً من لندن سنة 1986، وكما أفعل عادة فلا أستخدم سوى مصر للطيران. أشعر بأننى عُدت لبلادى قبل أن أعود إليها. كان قد حجز ثلاثة مقاعد تشكل صفاً، استخدم مقعداً، ووضع الصحف العربية والأجنبية على المقعد المجاور، أما المقعد الثالث الذى يطل على النافذة، تركه خالياً.
ما إن رأيت أكوام الصحف معه حتى جرى بداخلى اهتمام به. فالرجل لم ينظر وراءه لأشاهد وجهه. وقد سألت المضيفة عن الصحف المصرية، فقالت إن الموجودة معهم قديمة. وعندما سألتها على من معه الصحف، قالت لى إنه الدكتور أشرف مروان.قاومت رغبتى أن أطلب منه صحفاً. أو أن أتحدث معه رغم طول المسافة. كان يجلس فى عالم يخصه وحده. كأنه ليس حوله أحد. قاوم الفضول بداخله وأعطى اهتمامه للصحف التى قضى الوقت يتصفحها. لم يكن يقرأ بقدر ما كان يحاول أن يري. لم يكن يستوعب، إنما كان يتفرج على صفحات الجرائد والمجلات.
لن أدّون ما سمعته عنه فى حياته. ولا بعد أن بدأ العدو الإسرائيلى فى الترويج لقصة تجسسه التطوعية لهم. فكعادة المصريين فإن من يعرف يقول. ومن لا يعرف يفتي. ومن لم يره يدَّعى أنه كان صديقاً له، ويعمل الخيال المصرى جيداً ليسد الثقوب بين الحكايات. سمعت الكثير عنه من مسئولين ومن شهود، وأهم ما سمعته كان من الأستاذ محمد حسنين هيكل الذى نفتقده كثيراً الآن. لكن تدوين ما قيل لي، ربما يختلف مع هدفي، ألا وهو: كيف نتعامل مع هذه الحرب النفسية الجديدة؟.
قرأت الكتاب. وهى ليست قراءة بقدر ما كانت ملاعق من العلقم. تناولتها رغم أنفى وأحسست بشعور غريب، أن مجرد قراءة الكتاب ربما كانت تطبيعاً مع عدو أعتبر أن أى صلة به خيانة لدماء الشهداء الذين حاربوه دفاعاً عن الأرض والعرض، من 1948 حتى 1973.
اتصلت فى أثناء القراءة باللواء محمد عبد السلام المحجوب، الذى سمّاه أهالى الإسكندرية عندما كان محافظاً لها: المحبوب. عرفته فى الصالون الثقافى للدكتور أحمد العزبى المتوقف الآن. وعبد السلام المحجوب فيه كل مزايا الشخصية المصرية من البساطة والتواضع وإنكار الذات والبعد عن الغرور ومقاومة الخيلاء الإنساني.
أكد لى دون دخول فى الموضوع أن الكتاب جزء من الحرب النفسية التى يشنها علينا الأعداء. والمطلوب أن نتعامل معها باعتبارها حرباً وليست أقل من هذا. سألت اللواء المحجوب: لماذا نصمت فى مواجهة هذه الحرب؟ الكتاب ها هو، والفيلم قادم قادم لا محالة. والسينما لها سحرها ووصولها لكل البشر سواء كانوا يقرأون أو لا يقرأون. ألا يعد الصمت تسليماً منا بأن ما يقال ربما كان حقيقياً؟ ألسنا نترك الميدان لأعدائنا يصولون ويجولون فيه ويفعلون ما يريدون؟ ونحن كأننا لا وجود لنا.الكتاب لا يهاجم مروان فقط. لكنه يهاجم الكيان المصري. ويركز كثيراً على جهاز المخابرات المصرية. حصننا وأمننا وأماننا. يذكر الجهاز أكثر من عشر مرات فى الكتاب بالاسم. وبالتالى فلا بد من الرد. اللواء المحجوب وافقنى على ضرورة وأهمية الرد. لكنه لم يزد على ذلك.
أكتب كلمة الرد وأنا حزين. من يترك الطلقة الأولى لعدوه، يخسر نصف الطريق إلى النصر. هكذا قال علماء الاستراتيجية والحروب. وكتاب الملاك ليس الأول، ففيه إشارات لكتب كثيرة صدرت بتل أبيب ولندن عن الموضوع. ونحن وكأننا لا وجود لنا.
لمزيد من مقالات يوسف القعيد;


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.