انطلاق فعاليات الدورة التدريبية الرابعة بجامعة القاهرة لأئمة وواعظات الأوقاف    أسعار الأسماك بكفر الشيخ اليوم الإثنين.. البلطي ب 90 جنيها    تعويض 2000 جنيه.. البترول تعلن خلال ساعات آلية تقديم أوراق المتضررين من البنزين.. فيديو    متوسط التأخيرات المتوقعة لبعض القطارات على خطوط السكة الحديد    مصر وقطر تتفقان على توقيع عقود طويلة الأمد لتوريد الغاز الطبيعي    مصر وقطر ترحبان بإطلاق سراح رهينة أمريكي كان محتجزا لدي الفصائل الفلسطينية    وزير الخارجية يؤكد التزام مصر الكامل بدعم السلام والاستقرار أقليميا ودوليا    أكبر صندوق سيادي بالعالم يسحب استثماراته من شركة إسرائيلية بسبب المستوطنات    موعد مباراة الأهلي وسيراميكا فى دوري nile والقناة الناقلة .. تعرف عليه    موعد مباراة الهلال والعروبة في الدوري السعودي للمحترفين والقناة الناقلة    تشكيل الهلال المتوقع لمواجهة العروبة في الدوري السعودي    لقاء ال7 أهداف.. ملخص مباراة الكلاسيكو بين برشلونة وريال مدريد (فيديو)    حادث مروع على الطريق الإقليمي بالمنوفية| انقلاب"تريلا" بعد دهس عدد من السيارات.. صور    استمرار الموجة جديدة الحرارة بالأقصر.. والعظمى 42    إصابة 4 أشخاص بطلقات نارية في مشاجرة بدار السلام بسوهاج    مصرع وإصابة 4 أشخاص إثر حادث تصادم سيارتين فى النزهة    تأجيل محاكمة المتهم بقتل والده خنقا خلال مشاجرة بطوخ لأغسطس المقبل    4 ملايين مشاهدة، بيسان تتصدر تريند اليوتيوب ب "خطية"    عمرو سلامة يعلق على تصنيفه من المخرجين المثيرين للجدل    ما حكم الأضحية إذا تبين حملها؟.. الأزهر يوضح    تعيين 261 طبيبا على درجة زميل مساعد في 34 تخصصا طبيا بالهيئة العامة للمستشفيات والمعاهد التعليمية    «قصر العيني» يحصل على اعتماد الجمعية الأوربية لأمراض القلب    القافلة الطبية بقرية الوسطاني بدمياط تقدم خدمات علاجية مجانية ل 1758 مواطنا    اليوم.. إعادة محاكمة متهم بالانضمام لجماعة إرهابية فى بولاق    أصالة توجه رسالة دعم ل بوسي شلبي    رئيس جامعة حلوان يشهد افتتاح فعاليات المهرجان الأول لتحالف جامعات إقليم القاهرة الكبري    تمثيلية يؤديها مدمن كوكايين.. صحفية أمريكية تعلق على تصريحات زيلينسكي حول وقف إطلاق النار    في حوار خاص.. رئيس مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير يتحدث عن التحديات والرهانات والنجاح    إصابة طالب بحروق إثر حادث غامض في البراجيل    أسعار الخضروات والأسماك والدواجن اليوم 12 مايو بسوق العبور للجملة    قبل بوسي شلبي ومحمود عبدالعزيز.. زيجات سببت أزمات لأصحابها في الوسط الفني    أسعار سبائك الذهب 2025 بعد الانخفاض.. «سبيكة 10 جرام ب 54.851 جنيه»    ما شروط وجوب الحج؟.. مركز الأزهر للفتوى يوضح    المطورين العقاريين: القطاع العقاري يُمثل من 25 إلى 30% من الناتج القومي    زلزال بقوة 5.5 درجات يضرب جنوب غربي الصين    المجلس الوطني الفلسطيني: قرار الاحتلال استئناف تسوية الأراضي في الضفة يرسخ الاستعمار    حكم اخراج المال بدلا من شراء الأضاحي.. الإفتاء تجيب    تزامنا مع زيارة ترامب.. تركيب الأعلام السعودية والأمريكية بشوارع الرياض    لبنى عبد العزيز لجمهورها: الحياة جميلة عيش اليوم بيومه وماتفكرش فى بكرة    يارا السكري ترد على شائعة زواجها من أحمد العوضي (فيديو)    مدير الشباب والرياضة بالقليوبية يهنئ الفائزين بانتخابات برلمان طلائع مصر 2025    حقيقة وفاة الدكتور نصر فريد واصل مفتي الجمهورية الأسبق    تكليف «عمرو مصطفى» للقيام بأعمال رئيس مدينة صان الحجر القبلية بالشرقية    المهندس أحمد عز رئيسا للاتحاد العربى للحديد والصلب    حبس وغرامة تصل ل 100 ألف جنيه.. من لهم الحق في الفتوى الشرعية بالقانون الجديد؟    عاجل- قرار ناري من ترامب: تخفيض أسعار الأدوية حتى 80% يبدأ اليوم الإثنين    منافسة رونالدو وبنزيما.. جدول ترتيب هدافي الدوري السعودي "روشن"    «انخفاض مفاجئ».. بيان عاجل بشأن حالة الطقس: كتلة هوائية قادمة من شرق أوروبا    نجم الزمالك السابق: تعيين الرمادي لا يسئ لمدربي الأبيض    تبدأ في هذا الموعد.. جدول امتحانات الصف الأول الثانوي بمحافظة أسوان 2025 (رسميًا)    3 أبراج «مكفيين نفسهم».. منظمون يجيدون التخطيط و«بيصرفوا بعقل»    وزيرا خارجية الأردن والإمارات يؤكدان استمرار التشاور والتنسيق إزاء تطورات الأوضاع بالمنطقة    مع عودة الصيف.. مشروبات صيفية ل حرق دهون البطن    مواعيد عمل البنك الأهلى المصرى اليوم الاثنين 12 مايو 2025    حسام المندوه: لبيب بحاجة للراحة بنصيحة الأطباء.. والضغط النفسي كبير على المجلس    خبر في الجول - جاهزية محمد صبحي لمواجهة بيراميدز    الإفتاء توضح كيف يكون قصر الصلاة في الحج    هل يجبُ عليَّ الحجُّ بمجرد استطاعتي، أم يجوزُ لي تأجيلُه؟.. الأزهر للفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عن مجتمع قسوته تقتدى بالدراما

يؤمن كل من ينتمى إلى هذا الوطن، أنه ينتسب إلى وطن قديم قدم الإنسانية، وأن مكامن القوة فى أرضنا، تتجاوز كل حدود التآمر على مكوناتها، وأن أصل قوة الوطن المصرى مُخَزَنٌ فى عمق وعى الإنسان المصري، و أن أى استهداف لنهضة وحياة فى مواجهة مخططات الفوضى والموات لا يمكن أن يتحقق إلا عبر استدعاء لمكامن القوة فى الإنسان المصرى كونه المعنى بصيانة الوطن وإعماره.
وكما يؤمن الإنسان المصرى القديم بخالق وهبه الوطن والحياة، فإنه يؤمن بالخير عامل نماء، ويعبر عن قِيَمِه مستخدماً كل أدوات الجمال، ليواجه بها الشر كونه عامل الهدم، وليحاصر بها القبح حتى لا يستشرى خراباً، ولقد خلف لنا الأجداد من إرثهم فنوناً خالدة أبت السنون أن تطوى صفحتها أو أن تُذهب ألقها، أو أن تخمد أصواتها، من معابد ورسوم ومخطوطات وكتب وآداب وأغان وألحان، كلها عيون تفيض بالجمال والخير ولا ينقطع مَعِينُها عن ظامئ لرشفات وطن قديم، أو عن حالم باستعادة مجد سيعود.
ولقد استيقظ الإنسان المصرى خلال أعوام ما بعد تعميم مشروع الفوضى الأمريكي، على وطن يُفرض عليه التنصل من كل مكامن قوته الإنسانية، وحتى نكون أكثر تحديداً ومكاشفة، فلقد عمدت إدارة مشروع الفوضى إلى استثمار طول الركود الإنسانى فى بحيرات أوطاننا بفعل الفساد والإفساد والاستبداد، ثلاثة عقود على الأقل تم فيها تأميم كل مقومات الحياة لصالح حكم الأفراد والتنظيمات، عايش خلالها الإنسان تقساماً لعوامل القوة والتأثير بين الحكم الرسمى للأنظمة وبين الإدارة الفاعلة للتنظيمات الدينية والإخوان على رأسها، فاستحال الدين أداة وظيفية للدولة وأداة تنظيمية للجماعات، وتحولت الفنون إلى خدم فى بلاط السلطة، وعبيد فى ساحات التنظيمات، ليفقد الدين قدرته على التأثير سمواً يؤهل للتعايش، وليفقد الفن قوة التغيير حُلماً يدفع للتطور، وهكذا صار على الإنسان المصرى أن يخوض حرب الوجود ضد مشروع الفوضى مجرداً من أسباب قوته الروحية والعقلية ديناً وفناً، فراحت تتقاذفه دعاوى التأثيم والتكفير، وشاشات دراما الدم والثأر والخيانة. وخلال الأشهر القليلة الماضية استيقظ الإنسان المصري، على عدة حوادث نقلت العنف المجتمعى من خانة التصنيف التقليدى إلى مساحات رحبة من الإبداع، كان شيطان هذه الحوادث (درامي) النشأة والتكوين، تجاوز وسواسها الخناس تخطيط عموم الناس، ليحول القسوة من عشوائية الأداء إلى حبكة السيناريو والإخراج، فعائلة تقرر الانتصار على أخرى بحصارها وسحلها ثم السير بكبيرهم مرتديا رداء نوم نسائي، وأهالى قرية يقررون بإبداع اللحظة الانتقام من خاطفة أطفال فيعلقونها بشجرة ويعذبونها، وأحدث حلقات إبداع العنف المجتمعى كان قبل أيام بتجريد فتاة من ملابسها فى الشارع وتصويرها؟! وإذا كان الهدف هو السعى لاستعادة الوطن الذى كان، فإن السير نحوه لايبدأ إلا من محطة عنوانها استعادة الإنسان المصرى الذى كان، وإذا كان المقال السابق قد تعرض لضرورة امتلاك رؤية لإنتاج فقه العصر وفقيهه القادر على حمل رسالته، فإن هذه السطور تحمل كل معنيّ بالبناء فى هذا الوطن إلى رفع راية الدعوة لإعادة النظر فى فلسفة إنتاج فنون المرحلة، حيث إن مسارات البناء حالياً تتحرك بغير منطلقات بناء فنية تستند على أسس داعمة للبناء الإنسانى وفق احتياجات الإنسان لا المنتِج، ودوافعها هى ترسيخ دعائم الإنسانية قبل أن تكون مغازلة (جمهور الشباك الموسمي) أو منافسة العنف الهوليوودي.
إن واقع ارتباط العنف بالفنون والدارما تحديداً خلال العامين الماضيين، يؤكد أن هناك انفصالاً بين احتياجات المجتمع ليقاوم وبين مستهدفات الإنتاج الفنى ليربح، وحسبنا الاستشهاد بمساحات العنف ضد المرأة فى دراما رمضان 2016، حيث حصرت لجنة الإعلام بالمجلس القومى للمرأة ، المشاهد التى تعرضت فيها المرأة للعنف بتنوعاته فى المسلسلات فى (1607) مشاهد، إن هذا الرقم المفزع يؤكد أنه لا يمكن أن يكون نتاج عشوائية إنتاجية، تماماً كما لا يمكن فصله عن خطاب العنف السائد من قبل إعلام الإرهاب التنظيمى الذى يفرض نفسه على واقعنا فضائياً وإلكترونياً ويسرى عبر حوامله أفراد فى المجتمع. مظلوم هو الإنسان المصرى الذى يخوض معركة الوجود حالياً، بعدما جردوه من كل أسلحته الذاتية، وعلى قدر أوجاعه التى يكابدها ظل هو صمام الأمان الحقيقى لهذا الوطن، حاملاً رايته فى مواجهة من سعوا لاستلابها وثائراً على أسر التنظيم لوطنه، ومكابداً أوجاع غلاء مستشر، وأسباب حياة تستعصى على العلاج، وعلى الإدارة المعنية بالبناء فى هذه اللحظات الفارقة من عمر الإنسان المصرى أن تدرك أن أول أسس البناء تنطلق من رفع الظلم عن الإنسان بتمكينه من أسباب تنميته، والفنون على رأسها، وعلى صناع الفنون أن يكونوا على قدر المسئولية حتى لا يتحولوا إلى شركاء فى جرائم مجتمعية باتت الدراما هى العقل المدبر والمُصَدِّر لقسوتها.
لمزيد من مقالات عبد الجليل الشرنوبى;


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.