كانت أمانى الفلاحين ومشروعاتهم تنتظر موسم حصاد المانجو كل عام ، فمن عوائده يزوجون أبناءهم ويسدون الديون ويشترون الأراضى ، حتى تحول المحصول الأستراتيجى فى المحافظة الى مصدر للقلق والتعب للمزارعين و فقد قيمته بسبب التغيرات المناخية التى ضربت المحصول منذ عدة سنوات. وأخيرا جاء مرض «العفن الهبابى» ليقضى على ما كتبت له النجاة من التغيرات المناخية ، بصورة لم تعد معها شجرة المانجو ذات عائد اقتصادى ، وهو الأمر الذى دفع بعض المزارعين الى قطع الأشجار وتبوير الاراضى بل والتحول نحو زراعات أخرى مثل الفول والسودانى ، وسط تكهنات بظهور سلالات جديدة من المرض لا تستجيب للأدوية الحالية ، وشكوك حول وجود أياد خفية وحروب بيولوجية للقضاء على أشهر المحاصيل فى محافظة الإسماعيلية . وذلك وسط أتهامات للمسئولين بعدم تقديم المساعدات الكافية للمزارعين لمواجهة هذا المرض والاستجابة لمطالبهم بأن يكون الرش بصورة إجبارية لجميع مساحات المانجو ، كما يتهم المزارعون الأصناف المستوردة التى تمت زراعتها أخيرا ويحملونها المسئولية فى انتشار هذا المرض الذى لم يؤثر على الأشجار فقط بل أثر أيضا على جودة الثمرة ذاتها. يقول الحاج سيد الرفاعى ورثت عن والدى أشجار مانجو لم أحضر زراعتها ، ولكننى لم أر فى حياتى مثلما أرى الآن، هناك تجاهل تام من المسئولين فى وزارة الزراعة وهى ترى هذه الحرب الشرسة بين المزارعين وهذا المرض. ويضيف أن محلات بيع المبيدات الزراعية أصبحت ومن ورائها شركات استيراد المبيدات والتصنيع المستفيد الأول مما يحدث ، والنتيجة أننا نتعرض « للكى بالنار « فى مصدر رزقنا الوحيد والذى تربينا عليه منذ عقود طويلة ، والمشكلة أنه بجانب الغلاء الفاحش لأسعار المبيدات والتى أصبحت بلا رقيب ، فأنه لا يوجد علاج فعال لمرض « العفن الهبابى « . وبدوره يشير سعيد زهران صاحب مزرعة للمانجو بقرية سرابيوم ، الى أننا قد ضقنا زرعا من مقاومة هذا المرض ، ولم يجد أصحاب بعض المزارع حلا سوى تقليع أشجار المانجو التى لم نعد نجنى منها سوى التعب ، حيث أصبح العائد المادى لا يغطى تكلفة الإنتاج كما أنها أصبحت معطلة للأرض . وبدوره يشير الدكتور محمد انور عبد الستار أستاذ أمراض النبات بكلية الزراعة جامعة قناة السويس، الى أن مرض «الهباب الأسود « الذى يصيب أشجار المانجو وكثيرا من محاصيل الخضر والفاكهة يعتمد على إفرازات الحشرات والبق الدقيقى والمن والحشرات القشرية والحشرات الرخوة، والتى تقوم بإفراز الندوة العسلية والتى ينمو عليها العفن الهبابى. ويرجع ذلك الى كثرة استخدام المبيدات الحشرية والتى أدت الى ظهور سلالات مقاومة من الحشرات لهذه المبيدات الجهازية. ويضيف انه مع دخول بعض الأصناف الجديدة مثل الكيت والكنت والنعومى والتى تم استيرادها من جنوب أفريقيا وولاية فلوريداالأمريكية ، جلبت معها بعض الأمراض التى لم تكن موجودة مثل مرض الانسى كلور أو ما يسمى بلفحة الأزهار ، ، كذلك أثناء عملية التطعيم للأشجار لابد ان يؤخذ قلم الطعم من أمهات غزيرة المحصول لان ذلك له مردود ايجابى على الأشجار التى تم تطعيمها بأصناف جديدة ، و يجب عمل برامج حديثة ومتطورة لخدمة أشجار المانجو ، وتوزيعها على المزارعين ومتابعة تنفيذهم لها من خلال المرشدين الزراعيين ومراكز البحوث وجامعة قناة السويس للتغلب على هذه المشاكل .