عرض مؤخرا مسلسل لا تطفئ الشمس والذى حمل عنوان الفيلم الرائع الذى أخرجه المبدع صلاح أبو سيف عام 1961 عن قصة الروائى الكبير إحسان عبد القدوس، والذى تألقت موسيقاه للمبدع على إسماعيل بداية من تتر الفيلم باستخدام آلى مميز ظهر فيه البيانو والأوركسترا الغربى بجميع تكويناته، مع استخدام تقنيات أصبغت الموسيقى ألواناً جمالية، وغلبت عليها العديد من الأحاسيس التى ترجمت الأبعاد الدرامية المجسدة داخل سياق الأحداث فكانت مزيجاً من الرومانسية وانطلاق الشباب المقبل على الحياة، مع لمحة حزن تغلف الإطار العام، كما تحمل بعض الغموض فى تآلفاتها ومقامتها فتثير الفضول والتشويق للمتلقى. وكان للحس الوطنى دور مهم وظفه الراحل على إسماعيل بإبداع فى التنويع على أغنيات منها دع سمائى، هنحارب، والله زمان يا سلاحى للتأكيد على الشعور الجمعى للوطن ،كما وظف فكرة اللحن الدال بتمكن للتعبير عن العلاقة العاطفية التى ارتكزت عليها الدراما الفيلمية ،وجاء توظيفه للهارب والبيانو بجانب آلات الأوركسترا أعطت رنيناً مميزاً للحالة السمعية لخدمة المشاهد الدرامية لتوصيل رؤية المخرج والذى نستشعر خبرته الموسيقية أيضاً فى استخدامه لإحدى مقطوعات البيانو لبيتهوفن لإضفاء واقعية الحدث للبطلة.. أما المسلسل أعتقد أن هناك أوجه تشابه تتمثل فى استخدام المؤلف التونسى الشاب أمين بوحافة للآلات الأوركسترالية الغربية، والبيانو وآلات وترية بأبعاد جمالية محببة للمشاهد الدرامية والتى تعبر عن نفس روح موسيقى الفيلم، وإن كانت الأحداث الدرامية تختلف كثيراً فيما بين الفيلم والمسلسل حيث ان الموسيقى لعبت دوراً مؤثراً فى الحالتين. واختلف التتر بينهما تماماً حيث اعتمد الفيلم على الموسيقى البحتة بتأثيراتها السيكولوجية، ولكن تألقت أصالة فى المسلسل بكلمات أمير طعيمة ولحن مدين وتوزيع أحمد إبراهيم باستخدام آلى مميز. وبغض النظر عن علاقة المسلسل بالرواية، ومدى الحبكة الدرامية للأحداث ومضمون الحلقات على الشاشة ورؤيتنا لها ،فإذا جردنا هذه العوامل التى قد تؤثر على حكمنا على العمل سنكتشف أن الموسيقى الدرامية وتتر المسلسل كانا من أفضل العناصر المشاركة. لتبقى الموسيقى هى البطل الحقيقى.