اعتماد الحوار وسيلة للتغيير وأفضل الطرق للتواصل مع الشباب مع ازدياد وتيرة الإرهاب كان حادث كنيستي الإسكندرية وطنطا مسار تحول في السياسة المصرية التي استوجبت إعلان الرئيس عبد الفتاح السيسي، عن تشكيل مجلس أعلى لمكافحة الإرهاب والتطرف في مصر، يعمل في إطار إستراتيجية شاملة للقضاء على التطرف فكريا وثقافيا وقانونيا وأمنيا. وفي حوار مع « الأهرام» أكد الدكتور مجدى عاشور المستشار الأكاديمي لمفتى الجمهورية، أن التنسيق بين جميع المؤسسات وتعزيز الهوية المصرية والعمل على نشر قيمة التسامح، من أهم مقومات نجاح المجلس المنتظر تشكيله. وطالب باعتماد الحوار كوسيلة للتغيير من أفضل الطرق للتواصل مع الشباب، والرصد والتحليل للمفاهيم الخاطئة والعمل على تصحيحها، وتوجيه طاقات الشباب واستثمارها لمصلحة الوطن والتواصل مع شباب الجامعات، من خلال إقامة الندوات والمؤتمرات والمحاضرات والدروس الدينية والثقافية داخل الحرم الجامعي. والى نص الحوار: هل يحتاج المجلس الأعلى لمواجهة الإرهاب إلى وضع إستراتيجية للقضاء على التطرف فكريا وثقافيا وقانونيا وأمنيا؟ وما ملامح تلك الإستراتيجية؟ تحدي التطرف والإرهاب الذي تشهده المنطقة حاليا هو تحدى وجود، لذا فإطلاق مجلس أعلى لمواجهة التطرف والإرهاب في مصر يعد بادرة قوية واستجابة سريعة لإطفاء حرائق الفتن المشتعلة على الساحة المحلية والعالمية، وهو يشكِّل خطوة مهمة وإيجابية في سبيل توحيد الجهود المبذولة في هذا الشأن، تنطلق من خطة إستراتيجية متكاملة تشمل المحاور والجوانب الفكرية والثقافية والقانونية والأمنية والدبلوماسية مما يتطلب مشاركة كل المعنيين في بلورتها وصياغتها، وذلك من خلال تعزيز الهوية المصرية ونشر ثقافة التسامح والحرية في المجتمع، مع ضرورة التنسيق والتكامل في الأدوار بين المؤسسات المختلفة، ودراسة وتحليل التطرف الفكري العام وأسبابه دون الاقتصار على نوعيته ومظاهره وقنواته، وتشكيل ورش عمل مكونة من الجهات المختصة لإعداد قوائم بالتيارات والجماعات التي تنشر التطرف وتدعمه مع مراعاة تحديثها دوريًّا، مع التحرك العلمي والدبلوماسي المؤثر لتغيير مواقف الداعمين والمتعاطفين مع التطرف وجماعاته خارجيا، وسن تشريعات عقابية رادعة لمن ينتمي لهذه التيارات، ودعم وتطوير كل المؤسسات المعنية على مستوى المناهج والرسالة والخدمات حتى تصبح مؤسسات قادرة وقوية، بما يؤدي إلى إظهار مدى هشاشة المنطلقات الاجتماعية ويحقق إضعاف المرتكزات الاقتصادية ويكشف زيف وضحالة المبررات الفكرية لهذه التيارات، وتصعيد دور المجتمع وتنشيط جهوده ضد التطرف وفق قيمه الأخلاقية والتربوية بما يحول دون تأثر أفراده بالأفكار المتطرفة ويدفع أخطار ذلك عن نفسه، وكشف أي إساءة لاستعمال الأديان كغطاء خادع ومبرر كاذب ينفذ من ذلك للتأثير على المجتمعات، مع وضع ميثاق جامع بين العاملين في الحقل المجتمعي سواء أكانوا أفرادًا أو جمعيات مدنية أو تيارات دينية حتى تُرْسَم من خلاله حدود وضوابط العمل الخيري والفكري والدعوي، كل وفق اختصاصه وإمكاناته. وكيف يتحقق ذلك؟ وما طرق وأساليب التحاور والتواصل مع الشباب؟ من خلال دعم التكوين العلمي وتأهيل العاملين في الحقل الفكري والثقافي والتربوي والديني، مع العمل على مراجعة التراث الديني والثقافي والاجتماعي وفق المنهجية الوسطية للتعامل معه، وإطلاق البرامج الحوارية بين الشباب والمجتمع لتعميق التفاهم وترسيخ التعايش واحترام الكرامة الإنسانية؛ وتأهيل وتدريب هؤلاء الشباب من خلال برامج مدروسة ومطورة، وإطلاق حملات إعلامية اجتماعية واسعة النطاق تستهدف نشر الوعي وترسيخ الثوابت الدينية والوطنية، بالإضافة إلى دعم البرامج والأفكار الموجهة إلى الطلاب والشباب والأسرة والمجتمع لإبعادهم عن سمات التطرف أو إعادة تأهيلهم إذا كانوا ممن استدرجوا في هذا المستنقع، كما ننصح باتخاذ أساليب وطرق مختلفة لاحتواء الشباب، وتوعية المجتمع بأضرار وعواقب التعصب والتشدد وأخذ العبرة من المجتمعات التي تعانى هذه الآفات الفكرية التي تفتك بنسيجها الوطني، وتوجيه طاقات الشباب واستثمارها لمصلحة الوطن، والتواصل مع شباب الجامعات، من خلال إقامة الندوات والمؤتمرات والمحاضرات داخل الحرم الجامعي وفي الدروس الدينية والثقافية، واعتماد الحوار كوسيلة للتغيير. وما رؤية دار الإفتاء لنجاح هذا المجلس في تحقيق هدفه للقضاء على التطرف؟ حتى نضمن نجاح هذه الجهود في هذا الملف الشائك ينبغي أن ننطلق في المواجهة معه من خلال التفريق بين ثلاث مراحل يمر بها أصحاب هذه التيارات المنحرفة وهي: التشدد والتطرف والإرهاب، فالتشدد والتطرف يكون التصدي لهما بالتأهيل النفسي والمجتمعي والمراجعات الفكرية على العموم خاصة لمن كانوا في السجون من هذه الفئات التي تأثرت بمنهج الفكر المتشدد، فضلا عن تبني سياسة الاحتواء الفكري لمن وقعوا في براثن التطرف، ذلك لأن الاحتواء سيحدث تقاربًا بينهم وبين محاوريهم من العلماء، مما يفتح آفاقا للحوار والسماع، فإن استمعوا وفتحوا آذانهم وقلوبهم كان هذا أدعى إلى إقناعهم. وما دور المؤسسات الدينية والثقافية والفكرية فى ذلك؟ على الأزهر ودار الإفتاء ووزارات الأوقاف والتربية والتعليم والبحث العلمي والثقافة والشباب والمراكز المتخصصة، مواصلة الاهتمام بموضوع التطرف رصدًا وتحليلا ودراسة ومعالجة قضاياه ومناهجه في المناهج التعليمية، وعقد الندوات المتخصصة والمحاضرات المكثفة واللقاءات العلمية والتدريبية لنشر منهج الوسطية وإبراز صورة الإسلام المشرقة التي تحث على قيم التسامح والمحبة واليسر والتعاون على الخير، يضاف إلى ذلك ضرورة دعوة جميع وسائل الإعلام إلى تحري الدقة في اختيار من يتكلم في الخطاب الديني وقضاياه. وكيف تكون قرارات المجلس ملزمة للجميع؟ هذا الأمر يختص بدراسة سبله الجهات المختصة، ويمكن أن يتحقق من خلال توثيق التعاون بين الجهات والمؤسسات المختلفة، وتوحيد الرؤى والإجراءات وربطها بقنوات محددة ومتاحة للجميع مع تحديد مهام كل جهة بدقة وفق اختصاصاتها ونطاق عملها وإمكانياتها، ثم تشكيل هيكل تنظيمى يتولى عملية الإشراف والمتابعة مع إعطائه الصلاحيات الضرورية الضامنة للمتابعة الجادة والحازمة وفق توقيتات محددة ومعلنة سلفا، وكذلك التنبيه وصولا إلى المحاسبة حال التقصير أو التقاعس.