لجنة مركزية لمعاينة مسطح فضاء لإنهاء إجراءات بناء فرع جامعة الأزهر الجديد في برج العرب    سعر الدولار في ختام تعاملات اليوم الخميس 16-5-2024    نائب محافظ الجيزة يتابع ميدانيا مشروعات الرصف وتركيب بلاط الإنترلوك بمدينة العياط    البيان الختامي لقمة البحرين يطالب بانسحاب إسرائيل من رفح الفلسطينية    وزير الداخلية السلوفاكي: منفذ الهجوم على رئيس الوزراء تصرف بمفرده    أوكرانيا تتهم القوات الروسية بجرائم حرب بالقرب من خاركيف    «كارثة متوقعة خلال أيام».. العالم الهولندي يحذر من زلازل بقوة 8 درجات قبل نهاية مايو    سفينتان ترسوان قرب الرصيف الأمريكي العائم قبالة سواحل غزة    إسباني محب للإنذارات.. من هو حكم مباراة النصر والهلال في الدوري السعودي؟    جدول امتحانات الدبلوم الزراعي 2024 بنظام ال5 سنوات في جميع التخصصات    لهذا السبب مسلسل «البيت بيتي» الجزء الثاني يتصدر التريند    "الصحة" تنظم فاعلية للاحتفال باليوم العالمي لمرض التصلب المتعدد .. صور    كيف تؤثر موجات الطقس الحارة على الصحة النفسية والبدنية للفرد؟    "هُتك عرضه".. آخر تطورات واقعة تهديد طفل بمقطع فيديو في الشرقية    أخبار الأهلي: شوبير يكشف مفاجآة في مفاوضات الأهلي مع نجم الجزائر    17 صورة من جنازة هشام عرفات وزير النقل السابق - حضور رسمي والجثمان في المسجد    محمد المنفي: ليبيا لا تقبل التدخلات الخارجية.. وندعم حقوق الشعب الفلسطيني    السفير المصري بليبيا: معرض طرابلس الدولي منصة هامة لتسويق المنتجات المصرية    هالة الشلقاني.. قصة حب عادل إمام الأولي والأخيرة    رامز جلال ونسرين طافش في «أخي فوق الشجرة» لأول مرة الليلة    جامعة الفيوم تنظم ندوة عن بث روح الانتماء في الطلاب    تفاصيل اجتماع وزيرا الرياضة و التخطيط لتقييم العروض المتُقدمة لإدارة مدينة مصر الدولية للألعاب الأولمبية    وكيل الصحة بالقليوبية يتابع سير العمل بمستشفى القناطر الخيرية العام    وكيل الصحة بالشرقية يتفقد المركز الدولي لتطعيم المسافرين    التصلب المتعدد تحت المجهر.. بروتوكولات جديدة للكشف المبكر والعلاج    قطع مياه الشرب عن 6 قرى في سمسطا ببني سويف.. تفاصيل    عاجل.. انتهاء موسم نجم برشلونة بسبب الإصابة    ننشر حركة تداول السفن والحاويات في ميناء دمياط    «زراعة النواب» تطالب بوقف إهدار المال العام في جهاز تحسين الأراضي وحسم ملف العمالة بوزارة الزراعة    محافظ المنيا: قوافل بيطرية مجانية بقرى بني مزار    فنانات إسبانيات يشاركن في الدورة الثانية من ملتقى «تمكين المرأة بالفن» في القاهرة    الجمعة .. انطلاق نصف نهائي بطولة العالم للإسكواش بمصر    تأكيدا ل"مصراوي".. تفاصيل تصاعد أزمة شيرين عبد الوهاب وروتانا    موعد عيد الأضحى 2024 ووقفة عرفات فلكيًا.. (أطول إجازة رسمية)    بمشاركة مصر والسعودية.. 5 صور من التدريب البحري المشترك (الموج الأحمر- 7)    العربية: مصر تواصل تكوين مخزون استراتيجي من النفط الخام بعشرات المليارات    ببرنامج "نُوَفّي".. مناقشات بين البنك الأوروبي ووزارة التعاون لدعم آفاق الاستثمار الخاص    جامعة المنوفية تتقدم في تصنيف CWUR لعام 2024    أمير عيد يؤجل انتحاره لإنقاذ جاره في «دواعي السفر»    "العربة" عرض مسرحي لفرقة القنطرة شرق بالإسماعيلية    توقيع بروتوكول تجديد التعاون بين جامعة بنها وجامعة ووهان الصينية    قرار قضائي جديد بشأن سائق أوبر المتهم بالاعتداء على سيدة التجمع    صحفي ب«اتحاد الإذاعات العربية»: رفح الفلسطينية خط أحمر    أعطيت أمي هدية ثمينة هل تحق لي بعد وفاتها؟.. أمين الفتوى يوضح    دون إصابات.. تفاصيل نشوب حريق داخل شقة في العجوزة    الطاهري: نقاشات صريحة للغاية في جلسات العمل المغلقة بالقمم العربية    أنشيلوتي يقترب من رقم تاريخي مع ريال مدريد    «الداخلية»: ضبط 13 ألف قضية سرقة تيار كهربائي خلال 24 ساعة    الأحد.. عمر الشناوي ضيف عمرو الليثي في "واحد من الناس"    «الأمن الاقتصادي»: ضبط 13166 قضية سرقة تيار كهربائي ومخالفة لشروط التعاقد    نتيجة الصف الرابع الابتدائي الترم الثاني 2024 عبر بوابة التعليم الأساسي (الموعد والرابط المباشر)    كولر يحاضر لاعبى الأهلي قبل خوض المران الأول فى تونس    «الإفتاء» تحسم الجدل حول مشروعية المديح والابتهالات.. ماذا قالت؟    نتيجة الصف الرابع الابتدائي الترم الثاني لعام 2024.. الرابط بالاسم فقط    عبد العال: إمام عاشور وزيزو ليس لهما تأثير مع منتخب مصر    حلم ليلة صيف.. بكرة هاييجي أحلى مهما كانت وحلة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 16-5-2024    نجمة أراب أيدول برواس حسين تُعلن إصابتها بالسرطان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نصر متعدد الآباء !!
نشر في الأهرام اليومي يوم 15 - 07 - 2017

إذا صحّ ما قيل عن ان الهزيمة يتيمة والنصر متعدد الاباء فإن تاريخنا العربى المعاصر يقدم العديد من الامثلة، وباستثناء الموقف السياسى ذى البعد الاخلاقى الذى اتخذه الزعيم عبد الناصر فى التاسع من يونيو عام 1967 وهو التنحى وتحمل المسئولية كاملة عن كل ما حدث فى حرب الايام الستة فإن السائد فى هذا السياق كان على النقيض من ذلك، فقد تنافس قادة وجنرالات ومفكرون على تبرئة الذات من كوارث عصفت بالعالم العربى ومنها ما أتى على الاخضر واليابس والاحمر أيضا لفرط ما سال من دم شربته الرمال فى الطريق ولم يعثر على المصبّ !
واخر الامثلة ما حدث فى الموصل، المدينة العربية التى حملت اسم ام الربيعين، فبعد ان استباحتها داعش بتوحش غير مسبوق حتى فى غزو المغول حررت أخيرا من ذلك الدنس، وشارك فى هذه المهمة الوطنية والانسانية العسيرة العراقيون من مختلف الاطياف، واذا كنا نستخدم مصطلح الاطياف فذلك تجنبا للسقوط فى معجم المصطلحات الجديد ومنه كلمة الطوائف، بالطبع لم تكن هزيمة الموصل لحظة اجتاحتها داعش لتشذ عن القاعدة، فما من اب ادعى ان تلك الهزيمة ابنته لكن النصر الآن يتعدد اباؤه شرقا وغربا وشمالا وجنوبا وربما فى جهة خامسة خارج البوصلات كلها .
ان تعدد اباء النصر يعنى بالضرورة اقتسام الغنائم ان كان هناك غنائم، لكن الموصل بدءا من جامع النور والمئذنة الحدباء التى قارب عمرها على الالف عام وليس انتهاء بالمتحف الحضارى اصبحت اطلالا، والغنائم فى مثل هذه الحالات النادرة فى التاريخ تصبح مغارم لأن اعادة ربيع واحد وليس ربيعين للموصل امر باهظ التكلفة، ورغم حالة الارتياح لدى العديد من دول العالم اضافة الى العالم العربى من تطهير الموصل الا ان المفارقة فى تاريخنا الحديث هى ان التحرير كان لعدة عقود مقترنا فقط بحيفا ويافا والناصرة واللد وشقيقاتهن فى فلسطين، وكان القاسم المشترك الوحيد بين ورثة العباسيين فى بغداد وورثة الامويين فى دمشق هو شعار تحرير القدس لكن التوأمين اللدودين من بعث بغداد ودمشق تحاربا وتصارعا معا اكثر مما اشتركا فى حرب ضد عدو مصيرى ومشترك وبعيدا عن هذا الشجن، فإن القاموس السياسى الجديد الذى لم يدخل بعد لحسن الحظ الى مناهج الدراسة فى كليات العلوم السياسية تبدلت دلالات مفرداته، فاللاجئون والنازحون والعالقون صفات تحتاج الى تحديد، رغم انها كانت لعدة عقود حكرا على الشعب الفلسطينى ، فاللاجيء الآن سورى وعراقى او يمنى او ليبى وكذلك النازح والعالق، وفى اللحظة التى اعلن فيها استعادة حلب التى نافست الموصل فى تاريخنا على الالقاب الذهبية والتى سميت الشهباء، تذكرت على الفور ما كتبه الشاعر محمود درويش عام 1982 فى قصيدته مديح الظل العالى وكانت المناسبة تراجيدية بامتياز وهى اجتياح بيروت قال محمود يومئذ : ندعو لأندلس ان حوصرت حلب، وكأنه زرقاء الشام لا زرقاء اليمامة التى رأت عن بعد ما سوف يجرى !
الاستثنائية الاخلاقية فى موقف عبد الناصر من حرب حزيران لم تتكرر، ورغم ان الرجل قبل بتبنى الهزيمة الا ان العرب من الماء الى الماء وقفوا معه ، اما شعبه فقد ملأ فضاء القاهرة بمعطف دافيء وحنون سقط عليه الرجل بكامل وعيه وعاد الى ممارسة دوره فكانت حرب الاستنزاف، لهذا فهو ان لم يكن ابا لانتصار اكتوبر فهو جد هذا الانتصار !
كان تحمل عبد الناصر لمسئولية الهزيمة درسا ميدانيا بليغا فى النقد الذاتي، وكنا نتمنى لو ان هذا النقد تنامى ليشمل كل جوانب حياتنا العربية!
ولا ادرى كم من الخيال السياسى او الكوابيس الكافكاوية يحتاج العربى الان كى يتصور تكرار ما جرى فى حلب والموصل فى سائر العواصم العربية، وأى ربيع كنا سننعم بياسمينه وبلابله، وقبل ان تنقشع سحابة الدخان عن الافق ويتضح الخريف بكامل عريه وعواصفه تحت قناع الربيع هناك من ادعوا انهم بمقالة واحدة أنبتوا الزهر فى الارض الخراب، وتخيل البعض ممن احترفوا امتطاء الموجات ان كلمة قالها هنا او هناك بمحض المصادفة كانت السنونو الذى اعلن الربيع كما يقول مثل انجليزي، ان ما سمعناه خلال بضعة اعوام ربما كانت الاعجف فى تاريخنا الحديث كان البومة التى تحدث عنها هيجل والتى تنعق عند الغروب فى الأفق .
هل ابتعدنا كثيرا عن يُتم الهزائم ووفرة الاباء للنصر؟ الارجح اننا لا نزال فى الصميم من هذه الثنائية، وقد يفيدنا فى هذا السياق ما يمكن ان نستوحيه من حكاية رمزية عن الضفدع والحرباء، فالضفدع تعبير عن نيتها فى الخير كانت تنقل قطرات من الماء الى جسد يحترق، اما الحرباء فقد كانت تواصل الفحيح لاشعال النار، والحقيقة ان ما فعلته الضفدعة لم يطفيء الحريق وما اقترفته الحرباء لم يشعل النار والمسألة تبقى فى نطاق النوايا، لهذا نستذكر ما قاله الشاعر العربى ذات ليلة كهذه اشتدت فيها مراوغة الثعالب واوشك حابل الدم ان يختلط بنابل الماء، قال ما معناه من لا يملك خيلا يهديها او مالا عليه ان يصمت وبمعنى أدق فليسعد النطق ان لم يسعد الحال!
والعربى الجريح النازف من الخاصرتين والذى سال على رائحة دمه لعاب الضباع ليس بحاجة لمن يهجوه أو يقرعه أو ينكأ جراحه، انه بحاجة الى التبرع بما هو أغلى من الدم وهو كشف المستور واسقاط الاقنعة، لأن لدينا من رماد الكتب والمتاحف والمدن والبيوت ما يكفى لأن تمتليء سماؤنا بالعنقاوات ولدينا من فائض الموت ما يكفى لاستدعاء قيامة عاجلة !!
لمزيد من مقالات خيرى منصور;


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.