دون اتفاق مسبق.. دونما حشد للمشاعر أو عزف علي الوتر الموجع.. دون إشارة حمراء أو لجنة أمنية توجب علي العجلات الوقوف.. شهد طريق مصر الإسماعيلية هذا الأسبوع مشهدًا نورانياً يعكس حقيقة ما بداخلنا من تمجيد وإجلال وتعظيم لشهداء الوطن.. فما أن مرت سيارة عسكرية تحمل جثمان شهيد من جنودنا الأبطال الذين ضحوا بدمائهم الزكية دفاعاً عن أرض مصر في العملية الإرهابية بمنطقة كمين البرث جنوب رفح، وكانت السيارة بحملها للجسد الأثير الجليل تحسب عجلاتها تمشي علي بساط من ورود وحرير ليقينها أنها تقطع فى مسيرتها العطرة إحدى مراحل طريق شاغلها إلي جنة الخُلد بجوار الأنبياء والصديقين.. ودون اتفاق ولا ترتيب اصطفت السيارات المارة من الاتجاهين ذهاباً وعودة على جانبى الطريق ليترجل كل من فيها تحية للشهيد.. أحد أبطال الوحدة 103 صاعقة الذين لقوا ربهم في هجوم بسيارات انتحاريين مفخخة تبعها هجوم لإرهابيين ارتدوا ملابس عسكرية ليوقعوا ب26 مقاتلا ما بين قتيل وجريح بينما قضى أبطالنا علي 40 إرهابياً ودمرنا 6 عربات دفع رباعى.. و..تخرج مواكب الشهداء في محافظات مصر وربوعها تحفها الزغاريد والدموع والهتافات ودعاء الثأر من قطر التى تلطخت أيدى حكامها وإعلامها وإخوانها بدماء أشرف الرجال فلذات أكباد مصر. ويغدو البطل العقيد أحمد صابر منسى رمزًا للشهادة في معركة التصدى والفداء لتنفذ وصيته «لا أُغسَّل وأُدفن بالأوفرول» ليصعد إلي ربه بدمائه الطاهرة الزكية تاركاً من ورائه ثلاثة أبناء حمزة 9 سنوات، وعلياء 6 سنوات، وعلى 4 سنوات، وزوجة ملتاعة، وأماً مريضة كان رجاؤه الوحيد يخصها وحدها عندما أسندت إليه مهمة قيادة الكتيبة 103 خلفاً للشهيد البطل العقيد رامى حسنين قائد كتيبة الصاعقة بالعريش «أنا جاهز يافندم فقط لي أم مريضة ولا يخدمها سواى ولى شقيق ضابط طبيب، خلفاً لوالدى الطبيب الراحل، يخدم بأحد المستشفيات العسكرية خارج القاهرة، ورجائى نقله إلي أحد المستشفيات القريبة من محل سكنى بمدينة العاشر من رمضان».. وكان الشهيد قد أصيب بشظية فى إحدى العمليات الإرهابية منذ 6 أشهر، وبعد تماثله للشفاء عاد إلي أرض الميدان لاستكمال مسيرته في مواجهة الإرهاب الأسود، وقد تم تكريمه في رمضان الماضي علي كفاءته وانضباطه العسكرى وتميزه فى أداء عمله البطولى ليؤكد خلاله ما قاله يوماً «شهيد بيسلم شهيد».. ولقد سلمت يا منسى الشهادة عن جدارة لتبقى أبدًا حاضرًا لا تُنسي في ذاكرة الوطن ليطلق اسمك بادئاً ذى بدء على المدرسة الثانوية التي تخرجت فيها تلبية لرغبة أهالى مدينة العاشر من رمضان.. ويرتدي لاعبو فريق الأهلي والزمالك تيشرتات تحمل صورتك في مباراة القمة يوم الاثنين القادم لبطولة الدورى.. و..يتقدم المئات من رجال الشرطة بطلباتهم لنقلهم إلي محافظة شمال سيناء للوقوف إلي جانب الأبطال المدافعين عن تراب الوطن، وكان قد تم تحقيق رغبة المئات أيضاً خلال العام الماضي ممن تقدموا بطلبات نقل، ومنهم من نالَ الشهادة في عمليات إرهابية غادرة، ومنهم من حقق بطولات ضد الإرهابيين الخونة بكل بسالة.. ومع كل يوم جديد عندما تفتح أسرة الشهيد نافذة الصباح لابد وأن تقع عيونها علي رسائل الأب الغائب الحاضر التى كتبها فوق الزجاج في زيارته الأخيرة لكل فرد فيها بالقلم الفلوماستر وفى كل منها أمنية تتضمنها وصية، تقابلها عبرات لا تجف في عيون أم البطل في فراش المرض متشبثة بصورته التى تضيئها ابتسامته العذبة الملازمة دوماً للوجه القمحى الملوّح بسمرة فرشاة شمس مصر: تاجى انت يا ابنى وأملي وقوت قلبي وشمعة عينى وسمعى وبصرى ومرآتى ومسبحتى وشُباكى وسلسلة ضهرى وحائط عمرى ودنياى ومنتهاى، واستحلفكم بالعزيز القوى بذمتكم وطالعوا معايا صورته عمركم بالعمر شفتم ولا حتشوفوا ما بين الخلق كلاتهم طلعة منورّة ولا رجولة مصوّرة ولا إيمان ودين مرسوم علي الجبين، ولا ابن بار بأمه عينه عليها فى الطالعة والنازلة وعلى الجبهة كمثل ابني الحبيب العقيد أحمد... كل ضمّة صدر منك يا أحمد كانت هى الملاذ.. كل ماما وأمى ووالدتى وست الحبايب كانت على لسانك لحن الوداد.. كل لقمة من صنع يدي بألفين هناء ومليون شفاء ومطرح ما يسرى يمرى.. كل ما تقعد سارح ولاّ ساكت ولا شايل هم أنا يا ابنى فداك.. كل ما تطلب حاجة مش بيدى أوصّل العزم بيدى وأناطح المستحيل وأهد الجبال وأنزعها من فم الأسد لأجل عمرك ما تتمنى ولا تطولشي.. كل ما أفتكرك صغير ما افتكرشى لأن طول عمرك كنت مالىّ هدومك وراجل وجدع ما يتوصفشى.. كنت سامعاك وسامعنى رغماً عن بُعد المسافة، وساعتها وانت علي الجبهة هناك أنا في فرشتي حسيت وقلبى انقبض.. واحشنى يا أحمد من امبارح وبكرة، ومتعجلة يا أحمد يوم قريب يجمعنا يا روح أمك من جديد فى دنيا غير دنيانا اللي بيقتل فيها العربي أخاه اللى كان فاكره شقيق.. راح.. راح قائم مقام المرحوم والده في البيت والحى والميدان ورأس المائدة وصوان العزاء وإمامة الصلاة.. راح.. قبل ما يمتع عينه بحمزة ببدلة ضابط حقيقى، وقبل ما توكله علياء تحت منديل مأذون يعقد قرانها، وقبل ما يتخرج علي دكتور كمثل عمه وجده.. راح.. من كان يقول لي دوماً قولا مرضياً.. راح.. وحسبي الله ونعم الوكيل.. راح منسى يا مفكرنى بنارى ولوعتى وحزني.. و..بشر الصابرين.. السؤال المزمن!! «سَيَشِّن اليهود هجومهم يوم الاثنين القادم على الأكثر، وسيبدأون بضرب المطارات، وفي تقديرى أنهم لن يتأخروا عن هذا التاريخ، وأن أى تفكير في حل سياسى في هذه المرحلة خطأ جسيم، ثم إنى ألحظ أن الخطة الموضوعة هى خطة هجوم، بينما الأصح أن تكون خطة دفاع طالما أن المبادأة بيد اليهود، لذلك أرى المبادرة بتعديل الخطة لتناسب الموقف الجديد.. غير أن المشير ردنى قائلا: هذا هو قرارى.. وهنا شعرت كأن مغصاً يفتك بأمعائى فعدت أدراجى إلي منزلى، وطلبت وزير الداخلية لأبلغه أن اليهود سيهجمون يوم الاثنين، وطالبته باتخاذ الإجراءات الكفيلة بأمن المواطنين من إظلام ودفاع مدنى.. وجاء يوم الاثنين وحدث ما توقعته، فتوجهت إلي القيادة لأُعامَل أسوأ معاملة من عبدالحكيم وشمس بدران منذ صباح 5 يونيه...».. كلمات مريرة تقف في الحلق أستعيدها هذه الأيام ما بين ذكرى (النكسة) في 5 يونيه وذكرى (الثورة) في 23 يوليو القادم والتي كان طه حسين أول من أطلق عليه اسمها وليس سيد قطب كما جاء في مسلسل الإخوان.. كلمات أسّر بها عبدالناصر لرجل السيف والقلم الدكتور ثروت عكاشة أحد الضباط الأحرار وعضو مجلس قيادة الثورة العقل المستنير والنفس الحساسة والطاقة الضخمة التي لولاها لما استجد ونما ذلك الغرس الثقافي الراقي فى عهد ثورة 52، ويكفيه مجدًا أنه قد استنفر العالم لإنقاذ آثار النوبة ولم يطمئن له بال حتى أنقذ معابدها في ملحمة الصخور والمياه لتنجو من الطوفان وتأوى إلي جبل يعصمها من الغرق علي يد ثورة يوليو ونوحها الثقافى.. كلمات مؤسفة لابد من استعادتها كدرس موجع من دروس التاريخ يكشف لنا عما تقوده المجاملة أو نقطة ضعف الصداقة علي حساب الوطن من كوارث وويلات.. يجلس ثروت إلى جمال من بعد انتحار عبدالحكيم عامر ليفضفض له الرئيس عما جرى في حديث صريح كل الصراحة مع الصديق والزميل رافع شعار الكرامة والاستقالة إذا ما لاحت علي البُعد شبهة إهانة.. حديث عاد ثروت من بعده ليدوّنه علي وجه السرعة بمفكرته في نفس اليوم كي لا تضيع كلمة أو إشارة أو عبارة أو سكتة طويلة تعقد الجبين وتسرح بعيدًا مع أنفاس السيجارة أو عبور موقف بالذات لا يرى المفضفض التوقف عنده طويلا.. ويأتى اليوم الذى أجلس فيه بدورى إلى صاحب المفكرة والذكريات فى منزله بالمعادى الذى يلاقى ضيفه فيه بالبدلة والكرافتة وفي الخلفية لوحات محمود سعيد والأخوين وانلي ومارك شاجال ومكتبة عامرة بترجماته ومؤلفاته الموسوعية عن فنون مصر القديمة والإغريق والرومان والفن الإسلامى والقبطى والأوروبى والآسيوى، وكان آخر مؤلفاته عن «شاجال» الذى قامت وزارة الثقافة بطباعته ليكتب عنه المستشرق العالمي «جاك بيرك»: (إن إنجازات ثروت تحقق التواصل بين مصر الخالدة وعالمنا المعاصر).. أجلس إليه، وحولنا تدور كريمته الحنون (نورا) تراقب والدها وراحته وحركته وإشارته وأوامره وتوقيت تناوله للدواء، ليروي ما كان من أمر أحزان ناصر مع نكسة 67 وما قاله حول 5 يونيه ذلك اليوم المقيت: «بمجرد وصولي إلى القيادة العامة لأتبين حقيقة الموقف لم أجد من يُلقى لى بالا أو يعنى حتي بالرد علىّ وهو رئيساً للجمهورية فإذا ما تساءلت عن أمر من الأمور حملق فيّ عبدالحكيم مأخوذًا دون إجابة، ومما أثار دهشتي أنى رأيت المشير يتصل تليفونياً بالعريش محاولا تحريك أحد الألوية، فتساءلت أين قادة الفرق الخمس؟! وأين قائد الجبهة؟! وكيف يحرك المشير قوات خاضعة لقيادة الجبهة دون إذنها؟!.. حاولت مناقشته لكنه كان متوترًا للغاية فلم يرد علىّ، علي حين كان شمس بدران واقفاً فاغرًا فاه كالمذهول.. لقد كان الشلل الفكرى مسيطرًا تماماً على جهاز القيادة بأسره.. وبعد قليل انبري المشير يقول: لقد أسقطنا للعدو مائة طائرة.. فيقول له ناصر: غير معقول؟! فيعود ليقول: الأمريكان يحاربوننا.. ويأتى رد ناصر بعدم عقلانية القول، فيأمره المشير بالإعلان الفورى عن اشتراك الأمريكان في القتال، فيقول: اعطني الدليل.. وهنا يثور المشير ثورة ضارية.. ويضيف عبدالناصر بأسى: «وخرجت من القيادة وأنا أشد حيرة مما كنت عليه حين دخلتها وأنا أردد لنفسى أمرى لله».. وهنا بالذات يأتى مربط الفرس في أهم أسباب النكسة عندما يقول جمال لزميل مشوار ثورة يوليو ثروت عكاشة: «لقد كنت أرى أن الموقف يتدهور وبشدة، ولو كان عبدالحكيم مجرد قائد محترف لعزلته علي الفور ووضعت مكانه قائدا غيره، ولكن ما حيلتى ولعبدالحكيم عامر الذي أطلق اسمه علي أصغر أنجاله في نفسى ماله من مكانة، ولقد لزمت بيتي يوم الثلاثاء والأربعاء إلي أن اتصل بي المشير ليبلغنى بعصبية أن كل شيء قد انهار تماماً، وأن الحل الوحيد هو الانسحاب إلي غرب القناة، فوافقته على شرط الصمود في منطقة الممرات وخاصة ممر (متلا).. وهنا طالب مرة أخرى بإصدار بيان بأن أمريكا وبريطانيا تشاركان في الهجوم، فأبيت إلا إذا أثبت وجود طائرة واحدة أمريكية أو بريطانية.. وظللت أستمع إلي نشرات الأخبار ومحطة لندن شأنى شأن أى مواطن وهو رئيساً للجمهورية ومن جانبى طلبت من الفريق أنور القاضي إرسال ضابطين موثوق بهما لديه من العمليات الحربية لوضعى في الصورة كل ست ساعات.. وفي مساء الخميس كلمنى شمس بدران تليفونياً يبلغنى أن الموقف بات يقتضي مجيئى للقيادة.. فنهرته بقولى: حقاً إنكم زمرة تفتقر إلى الحياء.. فقال: الظرف عصيب يا ريس وأنا أخشي على المشير أن ينتحر إذ معه في حقيبته أقراص السيانيد، وإذا لم تأت لترده عن ذلك فسيقتل ولابد نفسه.. قلت: سأكون عندكم بعد خمس دقائق رغم ما لقيته على أيديكم من الاستهتار بى!! وعندما وصلت وجدت المشير في حالة متدهورة فأخذت أطيّب خاطره وأخفف عنه لتهدئته وصده عن الانتحار، وقلت له فيما قلت إننى كنت أنوى التوجه إلي الأزهر يوم 9 يونيه لإلقاء خطاب، ولكنى عدلت عن فكرى فقد آن الأوان كى نواجه أخطاءنا فنترك الحكم جميعاً عسى أن يخلفنا من هم خير منا، وأخذنا نفكر معاً فيمن يخلفنا إلي أن فاجأنى بما لم يكن يجول في خاطرى أبدًا بقوله إنه يرى أن يتولى شمس بدران رئاسة الجمهورية!!! ولما كان ذلك في ساعة متأخرة من الليل، وكان الإرهاق بادياً عليه فقد تظاهرت بالموافقة علي ما يقول لكى تمضي الأمور في هدوء فلقد كنت أعلم حق العلم مكانة شمس بدران كفاءة وعلماً، إذ كان يفتقد هذه كما يفقد ذاك، هذا إلي ما كان يتميز به من غباء مطبق».. وحول خطاب التنحى بالجامع الأزهر في 9 يونيه قال جمال لثروت: «بينما ألقي الخطاب ناولنى المذيع جلال معوض ورقة دسّها محمد أحمد في يده جاء فيها أن المشير قد اتصل به منذ لحظات يطلب منى قطع خطابى أمام الجماهير لأن السفير الروسى كان قد اتصل به في الصباح الباكر، وأنه أى المشير يأمل أن يأتيه بجديد من الأمر، وإذ كنت أعرف بطء الروس ونلحظه هذه الأيام بوضوح المستريب في بطء اتخاذ القرار بعودة السياحة الروسية وإنهاء مشروع الضبعة وأنهم من غير المعقول أن يتخذوا قرارًا بمثل هذه السرعة لذا آثرت المضي فى خطابي للنهاية».. ومن قبل أن ينفجر السؤال المزمن علي لسانى للدكتور ثروت عكاشة عضو مجلس قيادة الثورة وجدته قد سأله مسبقاً للرئيس جمال عبدالناصر، وهو لماذا كان يعهد للمشير بأعباء متلاحقة مرهقة تحول بينه وبين التفرغ للقوات المسلحة، فهو تارة يوليه منصب نائب رئيس الجمهورية في الإقليم الشمالي، وتارة أخرى يعهد إليه بالإشراف على تصفية الإقطاع أو علي قطاع البترول أو السياحة أو الإصلاح الزراعى إلي غير ذلك، وهو ما لا يقدر عليه أحد بمفرده؟! فيجيبه ناصر: «إنى ما أسندت إليه كل هذا إلا إشباعاً لرغبته، غير أنى للأسف لم أجد منه عناية بشئون القوات المسلحة، إذ ترك أمرها لشمس بدران يعبث بها ما شاء له العبث.. ولقد كان وضعى دقيقاً للغاية ولم يكن مسموحاً لى بالتدخل في شئون الجيش بأى حال من الأحوال..».. ويرحل عبدالحكيم مديناً أو مداناً لتأتى رياح التغيير ليعيد ناصر تنظيم القوات المسلحة وإمدادها بالسلاح والمعدات رغم قيادته في الوقت نفسه لمعارك حرب الاستنزاف البطولية بما انطوت عليه من تضحيات غالية لإرهاق العدو وتكبيده الخسائر الفادحة في الأرواح والعتاد، ولتطعيم جنودنا بروح القتال استعدادًا لمعركة الثأر الكبرى واسترداد الأرض السليبة، ولم تثنه تلك الجهود الجبارة عن إقامة حائط الصواريخ المضادة للطائرات، وتلك الإنجازات الخارقة هي التي عبَّدت السبيل أمام معركة العبور في عهد السادات.. ولولاها ما كان العبور.. لقد كان ناصر مؤمناً بحتمية العبور بالقوات المسلحة إلى سيناء والوصول بها إلى المضايق كمرحلة أولى في موعد غايته نهاية 1971، غير أن المنية عاجلته فى لحظة كنا أحوج ما نكون فيها إليه.. ويكتب نزار قبانى: «كيف أصدّق أن الهرم الرابع مات.. السيد مازال هنا. مكتوب فوق بنادقنا مكتوب فوق تحدينا.. موجود فى أسوان وفي سيناء».. و..كتبنا بدماء الشهداء وأغلى التضحيات صفحة عظيمة بنصر أكتوبر 73 وأجبرنا العدو علي رد الأرض، وأجبرنا العالم علي أن يُغيّر نظريات الحرب..... ويجلس ثروت عكاشة بثقة بالنفس تخلو من التعالى، وبصدق تلقائى ينفذ إلي القلب مباشرة.. يجلس يجتر ذكرياته ويكتب مذكراته التى قال فيها الحقيقة فى الماضى عندما كان قولها صعباً!!.. النصرة فوق فراش إسرائيلى! رغم أن اسمها «جولدا» فقد رفضت إسرائيل السماح لها بالهجرة إليها من مدينة حلب السورية بسبب اعتناقها الإسلام وزواجها من مسلم رغم السماح بذلك لأمها وشقيقتها بعد هروبهما من سوريا لأنهما لم يغيرا ديانتهما، والأرقام تقول إن جميع يهود حلب قد تم تهجيرهم إلي إسرائيل خلال العام الحالي بمساعدة وتمويل رجل الأعمال الإسرائيلى المقيم بالولاياتالمتحدةالأمريكية «موتى كهانا» المشار إليه بعلاقاته الوثيقة بالجماعات المتطرفة التي تنشر الفوضي وترفع السلاح ضد الحكومة السورية، ومن هنا لم يكن من قبيل العجب أن يأمر نيتانياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي بعلاج جرحي تلك المنظمات المتطرفة خاصة جبهة «النصرة» وأصلها «القاعدة» التي استضافتها قطر في أعقاب هجمات 11 سبتمبر 2011 علي الولاياتالمتحدةالأمريكية وتواصل دعمها لها مع الكثير من التنظيمات الإرهابية الأخري مثل داعش والإخوان في المستشفيات الإسرائيلية بل إنه ذهب بنفسه للاطمئنان عليهم، ونشرت وسائل الإعلام الإسرائيلية صورًا له وهو يزور هؤلاء الجرحي الإرهابيين متمنياً لهم الشفاء العاجل ليعودوا سريعاً لاستكمال دورهم المشكور في تدمير سوريا والوطن العربى! بسم الله الرحمن الرحيم أن تجلس إلي الشاشة شغوفاً متابعاً وكلك آذان صاغية، وجميع حواسك متعطشة للمزيد، ومسرة في القلب تنمو بأشجار الياسمين، ومسيرة بالنور تفتح أبواباً كانت موصدة، ولا أقولها بأن متعة الإنصات تتبخر سريعاً أو ترحل سدى، فما يتركه الكلام الحلو يُحفر علي جدران النفس ولا يضيع.. أنتظره.. أتابعه.. أُفرغ الوقت له، وما أضيع الوقت إذا ما لم نجلس فيه إلي من يضيف لنا لنستنير ونستزيد في شئون ديننا.. برنامج «لعلهم يفقهون» للعالم الجليل رمضان عبدالمعز علي قناة DMC الذى جاء بالمبتكر وبالجديد للتجديد، في حلقاته يأتى بأربعة من العلماء كل منهم يمثل مذهباً من المذاهب الأربعة الشافعي والمالكي والحنفي والحنبلي لتطرح حول المائدة المستديرة إحدي القضايا المذهبية والتفسيرات الدينية والتداخلات التاريخية، ليُدلي كل منهم برأيه الدينى تبعاً لمذهبه فيحصل المشاهد علي باقة من الآراء جميعها جاءت من نبع الصفا لتصب في نهر الوئام بلا حدة ولا خصام وإنما سلام سلام سلام و..إسلام سمح لا تعصب فيه للرأى الواحد.. وأحدث الحلقات تناولت البسملة «بسم الله الرحمن الرحيم» وكان من بين المشاركين الأفذاذ الداعية خالد الجندي إلي جانب عبدالمعز الذي يدير ويثري النقاش لنعرف عن أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قرأ بسم الله الرحمن الرحيم في أول الفاتحة وعدها آية، وعن ابن عباس رضي الله عنهما كان رسول الله لا يعرف فصل السور حتي ينزل عليه بسم الله الرحمن الرحيم، وأن الصحابة رضي الله عنهم قد أجمعوا علي إثباتها في جميع المصاحف في أول السور سوى براءة، وكتبوها بخط المصحف في هيئة كتابته، وفي مداده، ولم يميزوا بين كتاباتها وكتابة المصحف لا في المداد، ولا فى كيفية الكتابة، ولو لم تكن قرآناً لما أجازوا إثباتها بخط المصحف من غير تمييز.. ومن هنا لم يكتبوا فيها التعوذ ولا لفظ «آمين» عقب الفاتحة، وقال الإمام الغزالي في «المستصفى» أظهر الأدلة علي أن البسمة من القرآن كتابتها بخط القرآن.. وهناك من يعتبر البسملة قرآنا مستقلا بمثابة سورة قصيرة، وممن ذهب إلي هذا الرأى الرازى وغيره من الحنفية، ويأتى ابن مالك وأبوحنيفة ليقولا إنها ليست قرآنا فى فواتح السور كلها لا في الفاتحة ولا في غيرها وإنما أُتى بها للتبرك أو للفصل بين السور... وعندما يقول أنس رضي الله عنه: صليت خلف رسول الله صلي الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان فلم أسمع أحدًا منهم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم، وفي رواية أخرى له أنهم عندما كانوا يفتحون بالحمد لله رب العالمين لا يذكرون البسملة في أول القراءة ولا في آخرها فالجواب عنه بأنه عندما لم يسمع فليس فيه إلا نفي السماع وهو لا يستلزم عدم حدوثه مطلقاً لاحتمال الإتيان به سرًا.. وحول البسملة فى سورة النمل في قوله «إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم» فقد اتفق العلماء قاطبة علي أنها جزء من هذه الآية ولا خلاف في هذا بين المسلمين، بينما يختلف العلماء في السبب الذي من أجله لم تذكر البسمة في التلاوة ولا في الكتابة في المصحف فى أول سورة «براءة». وفي هذا روى عن ابن عباس قوله: سألت علياً بن أبي طالب لِمَ لمْ تُكتب البسملة في أول براءة؟ فقال لأن البسملة رحمة والرحمة أمان وهذه السورة نزلت في المنافقين ولا أمان للمنافقين.... ولقد كنا صغارًا نردد بأن النمل قد سرق البسملة من براءة.. ويقسّم المجتمعون الأربعة علي مائدة النقاش التليفزيونى الحميم البسملة إلي أربعة أقسام أولها «باسم» أى بذكر اسم «الله» الذى ذكر في القرآن الكريم 2696 مرة، وهو الجامع لكل صفات الكمال فهو الله الرحمن، الله الرحيم، الله القادر، الله العالم، الله الحي، ولأنها أطلقت علي الله أصبحت اسماً لله التي أسماها سبحانه «أسماء الله الحسنى» وقال تعالى في سورة الإسراء «قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيّاً ما تدعوا فله الأسماء الحسني»، وعن رسول الله صلي الله عليه وسلم قوله: «كل أمر ذى بال لا يُبدأ فيه باسم الله الرحمن الرحيم أقطع» وأقطع بمعني ناقص.. ويدلى أحد علماء البرنامج برأى يقول أن «الله» هو اسم الله الأعظم.. والله أعلم.. وعن أبى هريرة أن رسول الله صلي عليه وسلم قال: «إن لله تسعة وتسعين اسماً، مائة إلا واحد، من أحصاها دخل الجنة».. وحول «الرحمن الرحيم» من الأسماء الحسنى التي جاءت في البسملة قول جعفر الصادق «عجبت لمن ابتلىَّ بالضّر ولم يفزع إلي قول الله سبحانه وتعالى: (أنىّ مسنى الضُّر وأنت أرحم الراحمين)». فالله يقول له بعدها «فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضُرٍّ».. ويضيف أحد العلماء الحضور في البرنامج المشوق بأنه في الدنيا الله «رحمن ورحيم» للمؤمن والكافر، أما في الآخرة فهو «رحمن ورحيم» للمؤمن فقط.. والرحمن هو المُنعم علي خلقه بنعمه رحمة منه بهم كالسمع والبصر والرزق والمطر، والرحيم هو الذي يمهل المذنب فلا يعجل بعذابه ويفتح له باب التوبة رحمة به. ولما كان الرحمن تعالي قد جعل الرحمة قطعة منه، ومن ثم لا تنسب الرحم إلا إليه، ونراه قد وصف نفسه بأنه خير الراحمين، ومن هنا فحين يرحم الإنسان أحدًا من خلقه فإنه يرحمه بالرحمة التي أوجدها الرحمن فيه، ويقول تعالي في الحديث القدسى عن رسول الله صلي الله عليه وسلم: «أنا الله، وأنا الرحمن، خلقت الرحم، وشققت لها اسماً من اسمى فمن وصلها وصلته، ومن قطعها قطعته» وياالله لا تجعلنا أبدًا ممن يقطع صلة الرحم وقد جاءت الرحمة في القرآن بالعديد من المعاني منها بمعنى (القرآن) فى سورة الإسراء «وننزِّل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين»، وبمعنى (المودة والألف) فى سورة الحديد «وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة»، وبمعنى (العفو) في سورة الزمر «ولا تقنطوا من رحمة الله»، وبمعنى (الاستجابة) في سورة مريم «ذكرْ رحمة ربك عبده زكريا»، وبمعنى (المغفرة) قوله تعالي فى سورة الأنعام «كتب ربكم علي نفسه الرحمة»، وبمعنى (سيد الرسل) قوله تعالي في سورة الأنبياء «وما أرسلناك إلاّ رحمة للعالمين» وفي قول رسول الله صلي الله عليه وسلم في الحديث الشريف «إنما أنا رحمة مهداة».. وقد جاء ذكر الرحم ومشتقاته في القرآن ثلاثمائة مرة مما يدل علي اتساع المساحة التي تشغلها الرحمة فيه. أما عن التوبة فهي باب للرحمة يجب ألا نغلقه في وجه الذين اعترفوا بذنوبهم فكل بنى آدم خطاّء، وخير الخطائين التوابون «فإن تابوا وأصلحوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلّوا سبيلهم إن الله غفور رحيم». والقرآن الكريم حينما يتكلم عن الرحمة تكلم عنها باعتبارها حقاً وخُلقاً وقرنها بالرأفة والتوبة والعزة والبر وذلك واضح من السياق القرآنى من قوله تعالى: «..الرءوف الرحيم»، «..التواب الرحيم»، «..الغفور الرحيم»، «..العزيز الرحيم»، «..البر الرحيم».. والحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم.. ديوان زينب ويالغبطة الأم عندما ترى نجاحات الأبناء خاصة في مجالها الذى أفنت فيه عمرها.. الصحافة.. اليوم أتصفح العدد الأول الدسم من مجلة «الديوان» التي تم إسناد رئاستها للمحاورة المتألقة زينب عبدالرزاق، ومجلة «الشباب» في ثوبها الجديد المتميز التى يرأس تحريرها صاحب القلم الرياضي المحايد فى أشهر ميادين التحيز خالد فؤاد.. أجلس بعدها مطمئنة وفي بطنى بطيخة صيفي علي مستقبل الصحافة المصرية في أيدى شبابها.. الصحافة مهنة البحث عن المتاعب، والسلطة الرابعة، والكلمة الصادقة التي تشرخ جلمود التخلف كالسكين في الزبد، وصاحبة الجلالة التى زاملني علي بلاطها الشاعر الكبير مصطفي الضمرانى الحاصل هذا العام علي جائزة الدولة التقديرية عن جدارة بلا أبواب خلفية أو ممرات تحتية أو أوامر فوقية! [email protected] لمزيد من مقالات سناء البيسى;