مما يزيد من صعوبة محاولة فهم السياسة الأمريكية، ليس فقط تعقيد خططهم وتداخل أهدافهم وغموض وسائلهم وعدم الاتساق الغالب لكل هذا مع شعاراتهم المرفوعة، وإنما، أيضاً، هنالك عناصر العشوائية والارتجال والتهور التى صار لها دور واضح فى صناعة القرار! أضف إلى ذلك أنه ليس صحيحاً دائماً أن هناك كفاءات رفيعة فى كل المواقع، وإنما يحدث أحياناً أن يتولى مسئولية مؤسسات كبرى لها أدوار فاعلة بعض من ليس لهم الدراية المطلوبة ولا الحكمة الضرورية. والحقيقة أن هذه الحالة لم تبدأ على يد ترامب وإنما لها سوابق. ثم، ومن هذا التداخل بين المحسوب بدقة والمرتجل بعشوائية والطارئ غير المتوقع تقع بعض الاضطرابات تتبين فيها بعض الحقائق، مثلما يحدث هذه الأيام فى الفضائح التى تتكشف لنظام الحكم القطرى، الذى لا يجوز افتراض أن أياً من أفعاله تخرج عن المطلوب من أمريكا إلا فى حالة أن يتصور فريق تميم أنه يُرضِى أمريكا! وقد جاء إعلان الخلاف بين قطر وعدد من أهم الدول العربية ليوفر بعض المعلومات الخطيرة عن تورط قطر فى دعم الإرهاب، بما أكدَّ أن ما كان يتردد فى السابق كتحليل هو حقائق لم يعد يجوز الجدل حولها. فيما يُستنتَج معه أن أمريكا ضالعة فى الأمر! وهذا مؤشر على اليد الفاعلة فى الإرهاب المرصود له أموال طائلة، والذى يضرب مصر فى المرحلة الأخيرة، سواء من ناحية ليبيا حيث نجحت القوات المسلحة المصرية فى أقل من عامين فى تدمير نحو ألف سيارة ذات دفع رباعى مجهزة بالأسلحة والأطقم المدربة. كما اتضح أيضاً على وجه الخصوص فى العملية الإرهابية قبل أيام قليلة فى جنوب رفح والتى أفاضت الأخبار فى وصف تفاصيل التقنية المعقدة المستخدمة فيها والنوعية المتطورة من الأسلحة والتدريب الخاص الذى حصل عليه الإرهابيون. كل هذا يؤكد خطورة العامل الخارجى فى صناعة الإرهاب، الذى لم يكن للأفكار المُحرِّضة على العنف فى الكتب القديمة أن يُعاد إحياؤها إلا بتمويله وتسليحه وتدريبه واحتضانه وحمايته. [email protected] لمزيد من مقالات أحمد عبد التواب;