كنت دائما أنظر إليه نظرة الكبرياء والاعتزاز الغالي بالنفس, بصوته الرخيم تابع المسافات التي يريدها بينه وبين محيطيه, بالطبع بعد سطوره الذهبية المقروءة من كل صوب وحدب. جاء من ألمانيا إلي صالة تحرير الأهرام بعد عودته من بون مديرا لمكتبها هناك بالرقي والاحترام, والدقة الشديدة, بلا تكلف لمراجعة المادة الصحفية, وإعطاء الأولوية للنشر بالصفحات أو المساحات. كان مايسترو جالسا علي مقعد الدسك المركزي, حتي عندما عدت من هولندا من أكبر مؤتمرات المياه العالمية, وشدني من يدي وأدار ظهره لأقرب مكتب من الدسك قائلا: لا تنظر إلي مناصب التحرير, بل أنت ملم بعالم المياه, وسبقت بعض الوكالات العالمية فيما أرسلت ونشر بالأهرام, وأريد منك أن تواصل المزيد من البحث والدراسة بدأب وإصرار لكي تكون متخصصا حقيقيا في تخصصك( المياه والموارد المائية), ولا تفكر إطلاقا باعتلاء المناصب, بل القلم المتخصص الدارس الواعي بما تجمع وتكتب من مواد صحفية هو أرقي وأشرف المناصب الصحفية. وتذكرت كلمة الأستاذ سعيد فريد أريد أن أموت وقلمي مفتوحا, وحتي كانت منذ يومين كلمة الأستاذ سلامة الباقي دائما علامة من علامات الأهرام التي لا تمحي ليهنئني بمناسبة التكريم التي أثلجت صدري, وسيظل دائما حتي أقابل وجه الكريم في العليين. أستاذ سلامة.. رحمك الله بقدر ما أعطيت.. سيبقي علمك وما علمته لتلاميذك عملا تنتفع به.. يخلدك في عالم الدنيا والصحافة.