بعد مرور60 عاما علي قيام ثورة23 يوليو عام1952 ينبغي أن نسأل أنفسنا سؤالا صريحا وموضوعيا: ماذا حققت هذه الثورة وماهي إيجابياتها وسلبياتها؟ ومثل هذا السؤال الضروري ربما يكون مدخلا لحسم الجدل الساخن بين الذين يتحمسون لثورة يوليو إلي حد' تقديسها' وبين الذين يلعنونها إلي حد تجريحها مستغلين في ذلك استمرار تغييب معظم الأوراق والملفات الكاملة المرتبطة بالظروف التي مهدت لاندلاع الثورة والظروف التي أطاحت بمسيرتها صعودا وهبوطا وانتصارا وانكسارا! ولعل من الضروري الانتباه إلي أن أكثر ما يساعد علي استمرار وازدياد من حدة الجدل أن كلا الطرفين من مؤيدي الثورة وخصومها لا يفرقون بين جمال عبد الناصر الرمز والقائد وبين الثورة كفكر جري طرحه وممارسة أخذت فرصتها علي أرض الواقع. أريد أن أقول بوضوح شديد: إن الثورة التي التف شعب مصر حولها بالتأييد والمباركة منذ اللحظة الأولي لم تكن من صنع جمال عبد الناصر وحده, ولم تكن تعبيرا عن حلم ذاتي يختمر في رأسه وحده, ولكنها كانت من صنع طليعة منظمة عكس تشكيلها المعبر عن كل تيارات الوطن أنها تعبر عن حلم واسع عريض لا يمكن معه لفرد أو جماعة الادعاء بأن وحي تفجير الثورة قد هبط عليه وحده! تلك مقدمة حرصت علي طرحها في البداية لكي يزول أي التباس لدي دراويش' التقديس' أو مدمني' التجريم'! إن لدي قناعة شخصية بأن السعي لإعادة الاعتبار لثورة يوليو ومواجهة مخططات التشكيك فيها لا ينبغي فهمه علي أنه بمثابة تحفظ علي حق حرية الانتقاد المشروع لسلبيات الثورة وأخطائها لأن الاحتفال والاحتفاء بالثورة لا يكون موضوعيا إذا اقتصر علي التبرير والتفسير فقط, وإنما ينبغي أن يكون الاحتفال والاحتفاء بها من خلال تقويم موضوعي ونقد إيجابي ورؤية مستقبلية تنطلق من الفهم الصحيح لحركة التاريخ. وغدا نواصل الحديث كلمة حق: القوة في أن تقول كلمة الحق في وجه الأقوياء ولكن بأدب وموضوعية واحترام.. هكذا كان يفعل الراهب في محراب الصحافة سلامة أحمد سلامة رحمة الله عليه. [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله