فى الطائرة، أثناء رحلتى الأخيرة إلى «دبى» بة لا أفهمها، ربما نظرات ميتة، ربما نظرات متوجسة قلقة. لا أعرف. ظننت أنه الخوف من ركوب الطائرات، خاصةً أنه لا يتجاوز الثانية عشرة من العمر، على أحسن تقدير. حاولت طمأنته لكنه صدمنى بإجابته الصارمة الحازمة بأنه يركب الطائرات مرتين كل عام. حاولت معرفة سبب هذا القلق، فراح يشكو لى كراهيته للحياة. يكره الحياة فى «مصر» مع زوج أمه. يكره الحياة فى زدبىس مع زوجة أبيه. جدته التى كان يعيش معها توفيت منذ عامين. أثناء الرحلة حاولت مداعبته لتخفيف آلامه من خلال الأفلام التى تُعرض على الشاشة أو من خلال متابعة السحب الرائعة تحت الطائرة. لكنه يجيبنى بجدية وصرامة لا تتناسب أبداً مع صغر سنه, عند هبوط الطائرة لاحظت أنه لم يربط الحزام. كان مغمض العينين مبتسماً كأنه يحلم. ربطت له الحزام ثم ربت على ساقيه مشجعاً. بعد أن استقرت العجلات على الأرض وبدأ الناس يستعدون للنزول فى تعجل، لاحظت أنه لا يتعجل النزول مثل كل المسافرين. حاولت إيقاظه و أنا أربت عليه برفق، ثم اكتشفت أن روحه تسللت من بين السحاب و ذهبت لخالقها.