5 أيام متواصلة.. موعد إجازة عيد الأضحى 2025 في مصر للموظفين والبنوك والمدارس    المحكمة العليا الأمريكية تؤيد قرار ترامب بشأن ترحيل 350 ألف مهاجر فنزويلي    بيان ثلاثي من بريطانيا وفرنسا وكندا يهدد إسرائيل بفرض عقوبات ويؤكد التزامهم بالاعتراف بدولة فلسطينية    إصابة طفلين واعتقال ثالث خلال اقتحام الاحتلال بيت لحم بالضفة الغربية    المحكمة العليا الأمريكية تؤيد قرار ترامب بشأن ترحيل 350 ألف مهاجر فنزويلي    سفير مصر لدى الاتحاد الأوروبى يستعرض العلاقات المصرية- الأوروبية    استشهاد طفلين في قصف إسرائيلى غرب مخيم النصيرات وسط قطاع غزة    بيان رسمي من المصري البورسعيدي بشأن استقالة كامل أبو علي    مدرب وادي دجلة السابق: الأهلي الأفضل في إفريقيا وشرف لي تدريب الزمالك    حريق مزرعة دواجن بالفيوم.. ونفوق 5000 كتكوت    "تيك توكر" شهيرة تتهم صانع محتوى بالاعتداء عليها فى الطالبية    محافظ كفرالشيخ: توريد 178 ألف طن من القمح وصرف مستحقات المزارعين بانتظام    الحوثيون يُعلنون حظرًا بحريًا على ميناء حيفا في إسرائيل.. ما السبب؟    الدولار يتراجع.. أسعار العملات اليوم الثلاثاء بالبنك المركزي (تفاصيل)    التعليم تكشف عن سن التقديم لمرحلة رياض الأطفال والصف الأول الابتدائي    مهرجان كان يعدل جدول أعماله بسبب دينزل واشنطن ويفاجئه بجائزة "السعفة الذهبية الفخرية" (فيديو)    صيام صلاح مرة أخرى.. ترتيب هدافي الدوري الإنجليزي الممتاز بعد خسارة ليفربول    أحمد دياب: إيقاف النشاط أمر غير وارد    عاجل| عرض خليجي خرافي لضم إمام عاشور.. وهكذا رد الأهلي    الأهلي والزمالك.. من يتأهل لنهائي دوري السوبر لكرة السلة؟    تكريم طالبين بجامعة عين شمس لحصولهما على جائزة بمسابقة عمرانية    مشروعات عملاقة تنفذ على أرض أشمون.. تعرف عليها    الملاذ الآمن يتألق من جديد.. ارتفاع ب أسعار الذهب مع تراجع الدولار وتصنيف «موديز»    4 قرارات عاجلة من النيابة بشأن بلاغ سرقة فيلا نوال الدجوي    الأرصاد تُحذر: شبورة ورياح مثيرة للرمال والأتربة على هذه المناطق اليوم    حبس شاب متهم بالشروع في قتل آخر بالعياط    إصابة 3 أشخاص في مشاجرة بسبب خلافات الجيرة بسوهاج    أحدها لم يحدث منذ 2004.. أرقام من خسارة ليفربول أمام برايتون    الإفتاء: لا يجوز ترك الصلاة تحت اي ظرف    فضل حج بيت الله الحرام وما هو الحج المبرور؟.. الأزهر للفتوى يوضح    محافظ القليوبية يتفقد أعمال تطوير مستشفى النيل ويشدد على سرعة الإنجاز (صور)    سيلان الأنف المزمن.. 5 أسباب علمية وراء المشكلة المزعجة وحلول فعالة للتخفيف    رئيس شعبة مواد البناء: لولا تدخل الحكومة لارتفع سعر طن الأسمنت إلى 5000 جنيه    إغلاق 7 منشآت طبية مخالفة و7 محال تجارية فى حملة بقنا    منافس الزمالك في ربع نهائي كأس الكؤوس الأفريقية لليد    «ليست النسخة النهائية».. أول تعليق من «الأعلى للإعلام» على إعلان الأهلي (فيديو)    سامي شاهين أمينا للحماية الاجتماعية بالجبهة الوطنية - (تفاصيل)    جامعة حلوان تنظم ندوة التداخل البيني لمواجهة تحديات الحياة الأسرية    وزير الاستثمار يتوجه للعاصمة الألمانية برلين لتعزيز العلاقات الاقتصادية المشتركة بين البلدين    عليك إعادة تقييم أسلوبك.. برج الجدي اليوم 20 مايو    تامر أمين ينتقد وزير الثقافة لإغلاق 120 وحدة ثقافية: «ده إحنا في عرض مكتبة متر وكتاب»    "يا بختك يا أبو زهرة".. الصحفي محمد العزبي يكشف تفاصيل وقف معاشه بعد بلوغه ال90 عاما    حدث بالفن | حقيقة إصابة عبدالرحمن أبو زهرة ب "الزهايمر" وموعد حفل زفاف مسلم    موعد نقل القناع الذهبي لتوت عنخ آمون إلى المتحف المصري الكبير    أستاذ علاقات دولية: الاتفاق بين الهند وباكستان محفوف بالمخاطر    ما مصير إعلان اتصالات بعد شكوى الزمالك؟.. رئيس المجلس الأعلى للإعلام يوضح    هل يوجد في مصر فقاعة عقارية؟.. أحمد صبور يُجيب    شعبة المواد الغذائية تكشف 4 أسباب لعدم انخفاض أسعار اللحوم مقارنة بالسلع التموينية (خاص)    وفد قبطي من الكنيسة الأرثوذكسية يلتقي بابا الڤاتيكان الجديد    سلطات فرنسا تعلن مصرع مهاجر وإنقاذ أكثر من 60 آخرين فى بحر المانش    سرعة الانتهاء من الأعمال.. محافظ القليوبية يتفقد أعمال تطوير مستشفى النيل    وزير العمل: قريباً توقيع اتفاقية توظيف للعمالة المصرية في صربيا    هل يجوز للمرأة أداء فريضة الحج عن زوجها أو شقيقها؟.. أمينة الفتوى: هناك شروط    «للرجال 5 أطعمة تحميك من سرطان البروستاتا».. تعرف عليهم واحرص على تناولهم    خالد الجندي: الحجاب لم يُفرض إلا لحماية المرأة وتكريمها    مزارع الدواجن آمنة إعلامى الوزراء: لم نرصد أى متحورات أو فيروسات    ما حكم صيام يوم عرفة للحاج وغير الحاج؟    موعد امتحانات الشهادة الإعدادية بالمنيا 2025.. جدول رسمي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مسلسل الجماعة بين الفن والتاريخ
نشر في الأهرام اليومي يوم 04 - 07 - 2017

الفرق بين الفن والتاريخ قضية جرى حسمها منذ زمن بعيد وبالتحديد منذ أرسطو حيث رأى أن الفن أفضل من التاريخ ومن الفلسفة. وجاء من بعد أرسطو الكلاسيكيون القدماء والجدد من أمثال هوراسي وسكالفيرو وفيليب سيدنى وبوالو ودرايدن ودكتور جونسون وبوب وأعلوا من قيمة الفن على بقية فروع المعرفة.
إن ما يثير الحيرة والاستفزاز عندما يحاول البعض الذين من المفترض أنهم على درجة عالية من الثقافة الخوض فى هذه القضية مرة أخرى وتطبيقها علي مسلسل «الجماعة» أن موقفهم يثير الحيرة والدهشة، بحيث يجعلنا نطرح سؤالا فى غاية الأهمية: هل كان الكاتب وحيد حامد يقصد كتابة تاريخ الجماعة وأقصد بالطبع جماعة الإخوان المسلمين أم كان يقصد كتابة عمل درامى فى شكل مسلسل للتليفزيون؟ من الواضح أن نتيجة الاجابة عن هذا السؤال وقوع الخلاف بين الذين كتبوا عن هذا المسلسل. لم يرض أهل التاريخ عما زعم الكاتب أنها حقائق تاريخية خاصة علاقة جمال عبدالناصر بالاخوان المسلمين وهى علاقة دعمتها الكثير من المراجع الموثوق بها ولكن الذين يتمسحون بالتاريخ استماتوا فى نفى هذه الحقيقة متجاهلين شخصية عبدالناصر المكيافيلية وادعوا أنها مجرد أكاذيب وافتراءات. فى حين أن أهل الفن وجدوا أن المسلسل مجرد سرد لمشاهد لا رابط بينها، وعديد من الشخصيات تظهر فجأة وتختفى فجأة والمشاهد طويلة وحوارية تفسد الايقاع فإن من قواعد كتابة السيناريو إذا كان هناك مشهد طويل أو أكثر فيجب الالحاق بمشهدين قصيرين لدفع الحدث إلى الأمام والمحافظة على الايقاع. ونلاحظ أن الحوار يعتمد فى كثير من أجزائه على الجمل المباشرة، وليس هذا من طبيعة الفن الدرامى ولكن من طبيعة الأعمال التسجيلية.
ومن خلال مشاهدتنا للمسلسل على اعتبار أنه يدور بجزءيه حول جماعة الاخوان المسلمين فكان لابد من التعرف على بطل المأساة أو البطل التراجيدى. وكان حسن البنا فى الجزء الأول هو البطل التراجيدى وتعاطف معه معظم من شاهدوا المسلسل رغم حذف الحلقة الأخيرة التى جرى فيها اغتيال حسن البنا. وكان نتيجة هذا التعاطف أن تحققت غاية المأساة وهو الخوف والشفقة. وربما كان السبب فى ذلك هو اختيار الممثل البارع الذى قام بدور حسن البنا ومنهج تمثيله المؤثر الذى رفضه برتولد بريخت فى كتابه «الأرجانون الصغير» حيث طالب فيه أن يكون الممثل موضوعيا للغاية ويبتعد تماما عن منهج ستانيسلافيسكى. نقول هذا الكلام ونحن نبحث عن البطل التراجيدى فى الجزء الثانى من مسلسل «الجماعة» فلا نجد أمامنا سوى سيد قطب وقد قام الممثل محمد فهيم بأداء هذه الشخصية ببراعة فائقة. وقد يقول البعض إن سيد قطب فى المسلسل شخصية شريرة تخلو من النبل فكيف نتعاطف معها؟ فنحن نقول لهم إن شكسبير لم يكن غافلا عندما كتب مسرحية «مكبث». فقد يبدو لنا لأول وهلة أن مكبث ليس شخصية تراجيدية تتسم بالنبل وترتكب الخطأ التراجيدى الذى يؤدى به إلى نهايته. فقد ارتكب مكبث خطأه بإدراك قوى وألحقه بأخطاء أخرى وهذا لايجعل منه بطلا تراجيديا تثير نهايته الخوف والشفقة. ولكن عبقرية شكسبير جعلته يتحول من شخصية شريرة تثير الكراهية إلى شخصية تستحق فى النهاية الشفقة والخوف عن طريق العذاب النفسى الفظيع حتى إنه لم يعد يستطيع النوم ونحن نذكر جملته الشهيرة «مكبث قتل النوم» وذلك كما شرحه الأستاذ برادلى فى كتابه الشهير «التراجيديا الشكسبيرية». وينطبق هذا الكلام على شخصية سيد قطب فهو ليس إنسانا عاديا ولكنه مفكر إسلامى وأديب وشاعر. ويقال إنه هو الذى أبرز قيمة نجيب محفوظ كروائى وليس كما وصفه عبدالناصر فى المسلسل. وعندما يتم تعذيب هذا النوع من البشر وإعدامه فإنه يصبح على الفوز شهيدا وبطلا تراجيديا يثير الشفقة والخوف.
ومشاهد تعذيب أفراد الجماعة بمثل هذه القسوة تثير دائما التعاطف عند المشاهدين. خاصة أنها مرتبطة فى أذهانهم بمشاهد التعذيب فى الأفلام المصرية للمناضلين الوطنيين على يد الفئة الباغية. وخاصة أن الصورة التى قدمها المسلسل لعبدالناصر وهى فى رأى الصورة الحقيقية على أنه شخصية مكيافيلية تسعى إلى السلطة بأى شكل من الأشكال لا عهد له، وكان التسلط وكرهه للديمقراطية وميله للقهر والاستبداد من صفاته وهذا ما وضح فى المسلسل فى علاقته بالرئيس محمد نجيب الذى أحبه الناس حبا حقيقيا والتفوا حوله ولو كان استمر فى الحكم لكان لمصر شأن آخر وربما أنقذنا من هزيمتنا فى اليمن وفى يونيو 1967.
لم يكن هناك داع أبدا لذكر هذا الكم من الكتب كمراجع للمسلسل، فهذا دليل على أن الكاتب لايريد أن يفرق بين الفن والتاريخ. فإذا كان هذا هو هدفه فكان عليه ألا يقحم نفسه فى فن الدراما ويكتفى بتأليف كتاب عن جماعة الاخوان المسلمين. فلم يذكر الذين كتبوا أعمالا فنية مستوحاة من التاريخ والمراجع التى استعانوا بها مثل شكسبير فى المسرح وسير والترسكوت فى الرواية، وكذلك توفيق الحكيم عندما كتب جوهرته «السلطان الحائر» وفريد أبوحديد ومحمد سيد العريان وعلى أحمد باكثير. فكان الوحيد الذى يذكر المراجع فى رواياته هو جرجى زيدان الذى كتب روايات خلفيتها التاريخ الاسلامى لأنه كان يدرك أنه يكتب عن أحداث دين غير دينه. نشيد بأداء الممثلين ياسر المصرى أفضل من قام حتى الآن بدور عبدالناصر والعظيم عبدالعزيز مخيون، وطبعا مرة أخرى محمد فهيم والممثل العبقرى الذى قام بدور حواش. فقد كانوا جميعا السبب فى تعاطف الناس مع أحداث هذا المسلسل، فهل كان هذا هو غاية المؤلف؟
لمزيد من مقالات مصطفى محرم ;


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.