سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
السيسى: أمن مصر القومى خط أحمر لا تهاون فيه أشقاء يمولون الإرهاب بمليارات الدولارات بسبب أوهام الزعامة الزائفة
الأزهر الشريف سيظل أهلا للفخار والثقة..وتجديد الخطاب الدينى مسألة حياة أو موت
طالب الرئيس عبدالفتاح السيسى المصريين وجميع الأجهزة الأمنية فى الدولة باليقظة الكاملة ورفع درجة الحذر خلال الأيام المقبلة وفرض جميع درجات التأمين للمنشآت الحيوية ودور العبادة فى مختلف ربوع مصر، مشيرا إلى أن هذه الفترة تمثل «موسم أهل الشر» لأنهم يفرحون بقتل المصريين وتدميرهم. وأكد الرئيس، خلال كلمته التى ألقاها فى الاحتفال بليلة القدر، أن الإرهاب يتطلب 4 عناصر لمواجهته والقضاء عليه، منها تجديد الخطاب الدينى والتعامل مع جميع التنظيمات الإرهابية بمعيار واحد وإعادة بناء الدولة الوطنية ومؤسساتها لاستعادة الاستقرار فى المنطقة ومنع تمويل الجماعات الإرهابية وإيقاف مدها بالسلاح والمقاتلين. وقال الرئيس:» بينما نبذل حكومة وشعبا أقصى الجهد فى مكافحة الإرهاب والتصدى له عسكريا وأمنيا وفكريا وسياسيا ونبذل كذلك أقصى الجهد فى دعم التسويات السياسية السلمية للأزمات القائمة فى المنطقة بما يعيد لدولها الاستقرار والامن ويقضى على الفراغ الذى يستغله الإرهاب ليتمدد وينمو؛ بينما نفعل كل ذلك، نجد أشقاءً لنا، وغير أشقاء، يقومون بدعم الإرهاب، وتمويله، ورعايته، نجدهم يوفرون لجماعات الإرهاب، وفكر الإرهاب، المنابر الإعلامية والثقافية، ينفقون عليها مليارات الدولارات سنوياً ليستميلوا أفئدة الشعوب العربية والإسلامية لهذا الفكر الإجرامى المدمر، ويستغلون التكنولوجيا الحديثة وما أنتجته الحضارة الإنسانية لضرب هذه الحضارة وهدم ما حققته الشعوب من مكتسبات وما تنعم به من أمان ابتغاء أوهام الهيمنة والسيطرة والعظمة الزائفة». وتساءل الرئيس قائلا: «هل أصبحت مقدرات الشعوب لعبة سياسية؟ هل تهون أرواح الشباب والرجال والنساء والأطفال من أجل أحلام الزعامة والمجد الكاذبة؟ هل تستحق هذه الأوهام إزهاق روح إنسانية واحدة؟». ووجه الرئيس حديثه للعالم بأهمية وضع حد لهذا الأمر ، مشيرا إلى أن التصدى للدول الراعية للإرهاب بكل حسم وقوة أصبح فرضا واجبا، مشيرا إلى أن استراتيجية مكافحة الإرهاب يجب أن تسير على أقدام ثابتة وليست مرتعشة وأن القضاء على خطر الإرهاب لا يمكن أن يتم دون تدمير بنيته التحتية سواء المالية أو الفكرية. وطالب الرئيس الدول الراعية للإرهاب قائلا:» كفاكم تماديا وتعالوا إلى كلمة سواء نجتمع فيها على التعاون والخير والبناء لما فيه صالح شعوبنا»، كما أكد الرئيس أن أمن مصر القومى خط أحمر لا تهاون فيه وأن مصر ستنتصر على الإرهاب بفضل الله وصمود المصريين وبفضل تضحيات رجال القوات المسلحة والشرطة. واحتفالا بليلة القدر، قال الرئيس: « نتوجه إلى الله سبحانه وتعالى بالرجاء بأن يجعلها على الدوام سلاما علينا وعلى أمتنا وعلى عالمنا بأسره». وأضاف أن شهر رمضان مضى سريعا ، وجاء فى موعده من كل عام ليحتفل به المصريون كعادتهم على طريقتهم الفريدة التى تجمع بين الدين والدنيا فى مزيج متفرد بحجم تفرد شخصية الشعب المصرى العظيم الكريم الذى عرف كيف يتصالح مع الزمن ويصادقه فاستحق أن توصف بلاده بأنها «أم الدنيا» وأن يكون هو المعلم للانسانية. وقال الرئيس:«إذا نظرنا إلى أحوالنا وتساءلنا بصدق وصراحة هل نحن راضون عما آلت إليه أحوالنا كمصريين وعرب ومسلمين هل نحن فى المكان الذى نريده لأنفسنا ولأبنائنا وسط دول العالم وحضاراته...هل نشارك بقوة وفاعلية وثقة فى صنع وقيادة الحضارة الانسانية الحالية..هل نحن فى موقع الصدارة فى تحقيق الاكتشافات العلمية والتكنولوجية؟...هل نصدر للعالم التسامح والتنوع والتعايش المشترك..هل انتهى المرض والفقر والجهل من بيننا وأصبحنا آمنين مطمئنين على مستقبلنا ومستقبل أولادنا؟». وقدم الرئيس ما وصفه بمحاولة متواضعة للتفاعل مع ما سبق من أسئلة من خلال مناقشة العلاقة بين ثلاثة مفاهيم وهي: الفهم الدينى والإرهاب والتنمية. وأشار الرئيس إلى أن هناك جماعات وأفرادا خرجوا من بين المصريين أساءوا فهم الدين وتعمدوا فى أحيان أخرى استغلاله لتحقيق أهداف سياسية ودأبوا على مدى عقود من الزمان على التأويل المتعسف للنصوص الدينية ليخرجوا منها ما يجعل الدنيا سوادا ويملأ القلوب كراهية ويغرس فى العقول أقصى معانى التطرف والانغلاق. وأكد الرئيس أن هذه الإساءة المتعمدة لفهم الدين وهذا الخطاب المتشدد لم يسهم فقط فى توفير البيئة الخصبة لانتشار الإرهاب والعنف والتطرف ولكن قام كذلك بتسميم مجمل نواحى الحياة بعيدا عن المبادئ التى أرستها الديانات المختلفة والتى تضمنتها الكتب السماوية. وشدد الرئيس على أن تصويب الفهم الدينى وتجديد مجمل الخطاب الدينى دون المساس بالثوابت هو قضية حياة أو موت لهذا الشعب وهذه الأمة، مشيرا إلى أهمية النظر بجدية إلى أفكارنا وما نردده وما ننقله وننشره وما نربى عليه أبناءنا وأن نعلم الناس الدين الصحيح البسيط السهل الذى يراعى حياة الناس وظروفهم وأن نأسس خطابا دينيا حديثا يبنى مجتمعا متماسكا يسوده التسامح والعدل والرحمة، خطابا يربى أجيالا قوية واعية مخلصة لوطنها وشعبها تعيد لمصر مجد ماضيها وتحافظ عليه إلى ما شاء الله. وأشاد الرئيس بدور مؤسسة الأزهر الشريف التى كانت على مدى أكثر من ألف عام ومازالت وستظل أهلا للفخار والثقة. وأكد الرئيس أن مسئولية تجديد الخطاب الدينى تقع على المجتمع بأسره الذى يتعين عليه أن يقف وقفة صادقة مع ذاته يقرر فيها أنه قد آن الأوان للنظر إلى المستقبل وبنائه بدلا من التعلق بأهداب الماضي، ويقرر فيها أنه قد آن أوان نبذ التطرف والإقصاء والانغلاق والتشدد والانفتاح على الدنيا بثقة وحب وتسامح ورحمة. كما أكد الرئيس ثقته المطلقة فى قدرة المؤسسات الدينية ورجال الدين والفقه والمجتمع وقوته الناعمة والمفكرين والمثقفين والعلماء والفنانين على أن تقدم مصر للعالم نورا يشع منها ونموذجا للخطاب الدينى المتطور يحقق به الحسنيين: إرضاء الله سبحانه وتعالى وتعمير الأرض وإسعاد البشر. وشدد الرئيس على ضرورة مراجعة أنفسنا فيما نحن فيه الآن بين كل الأمم والتوقف للتفكير وإعادة النظر فى تربية أولادنا، مشيرا إلى أنه تساءل منذ عامين: «هل نحن نتصف بأننا الأمة الأكثر نظافة وعلما وقراءة وأقل الأمم التهاما للطعام.. وهل تعليمنا أفضل تعليم فى العالم وهل تنشأتنا أفضل تنشئة وهل خلقنا أفضل خلق فى العالم، هل نحن كذلك أم فى كل مكان نتواجد فيه يكون هناك قتل ودمار وتخريب.. سنحاسب جميعا أمام الله على ما نقوم به ونقدمه وما نفكر فيه». وطالب الرئيس بعدم التفكير فى المصالح الشخصية وأن نقف إلى جانب الصالح العام وصالح الناس، مشيرا إلى أن الأمة الإسلامية تحتاج للتوقف وتدبر أمرها، فهناك أكثر من 50 دولة إسلامية يجب أن تتوقف وتتدبر أمرها. وأشار الرئيس إلى أن أهم ما يعيق تحقيق أهداف تجديد الخطاب الدينى وتبوؤ ما نتمناه من مكانة هو الإرهاب بكل ما يتسبب فيه من إزهاق للأرواح البريئة وألم فى الصدور وشعور بالقلق وعدم الأمان وإهدار للفرص الاقتصادية وتعطيل للتنمية وتأثير سلبى على مجمل الأوضاع السياسية والاجتماعية. وأضاف الرئيس أن الضلع الثالث من مثلث التقدم، وهو تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وثيق الصلة بما سبق من مفاهيم. وأشار إلى أن التنمية الحقيقية الشاملة التى تنقلنا من حال إلى حال، تحتاج لكى يتوافر المناخ الملائم لها، إلى خطاب دينى وفكرى وثقافى متطور، ومجتمع ودولة خاليين من الإرهاب بصوره المختلفة. وأضاف أنه بدون ثورة فكرية شاملة، نغير بها طريقة نظرنا للأمور، ونوثق اتصالنا بالعالم الحديث، وروحه العصرية المنطلقة، لن يمكن تحقيق التنمية التى نصبو إليها، فالتنمية لا تقوم على الأساس المادى فقط، بل تستلزم أساساً فكرياً ومعنويا وروحياً، قائلا:» لا أجد أدل من كلمات الكاتب الراحل الدكتور يوسف إدريس عندما تحدث عن «فقر الفكر، وفكر الفقر»، فالحقيقة أننا نحتاج إلى غنى الفكر وثرائه وتجديده وانفتاحه ومرونته، وإلى فكر الغِنى والرخاء بدلاً من الضيق والعوز، نحتاج بجانب ما نحققه من إنجازات تنموية تتزايد يوماً بعد يوم، إلى تجديد منهج فكرنا، ومواجهة الإرهاب وإضعافه وصولاً للقضاء عليه نهائياً، بحيث تنطلق التنمية بسرعة أكبر ووسط ظروف أكثر ملاءمة». وأضاف الرئيس قائلا: «بينما نسير على هذا الطريق، طريق تمهيد الأرض لتنميةٍ مستدامة حقيقية، لم نُغفل أن لدينا مسئولية كبرى تجاه شعبنا العظيم، باحتياجاته المعيشية والتنموية، ولذلك، فَضّلنا بدلاً من إضاعة مزيد من الوقت وإهدار مزيد من الجهد فى التحايل على مشكلتنا الاقتصادية، أن نواجهها ونتعامل مع جوهرها، كنا وما زلنا فى سباق مع الزمن، لتصحيح الاختلال فى الاقتصاد، وتوفير سبل المعيشة الكريمة للمصريين، قطعناً طريقاً صعباً، ونحقق تقدماً سريعاً تشهد عليه المؤسسات الدولية فى وقت قياسي». وأضاف أن الدولة حاولت مواجهة المشاكل بكل صدق وأمانة، رغم إدراكها لمخاطر الإصلاح الاقتصادى إلا أنها فضلت اللجوء إلى الطريق الصعب ونحت جانباً أى مصالح شخصية، وتبنت طريق البناء والتقدم والرخاء والتنمية، قائلا: «نأخذ بالأسباب ونتوكل على الله دون تواكل، ويجب علينا جميعاً أن نعمل للوصول إلى تلك الأهداف». وأوضح الرئيس أن احتياطى مصر من النقد الأجنبى قد ارتفع إلى معدلات غير مسبوقة منذ عام 2011، بفضل الله ثم بفضل جهود المصريين جميعاً وحسن التخطيط لمواردنا، قائلا: «هذه مجرد بداية لما نرجو الوصول إليه، وأن الاحتياطى النقدى المتزايد، والصادرات التى يرتفع حجمها، والنمو المطرد فى الناتج المحلى الإجمالي، كل هذه مؤشرات تطمئن قلوبنا على أننا على الطريق الصحيح، وأننا برغم ما نتكبده من عناءٍ ومشقة فى طريق الإصلاح الاقتصادي، فإننا عاقدون العزم على الاستمرار حتى نحصد ثمارَ صبرنا رخاءً وتقدماً وكرامةً واستقراراً، لنا ولأبنائنا وبناتنا من بعدنا، جيلاً بعد جيل. وكان الرئيس السيسى قد شارك فى احتفال وزارة الأوقاف بليلة القدر، وذلك بحضور المستشار عدلى منصور رئيس الجمهورية السابق، والدكتور على عبدالعال رئيس مجلس النواب، والمهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء، وفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، وعدد من الوزراء وكبار المسئولين، وشيوخ وأئمة الأزهر والأوقاف. وألقى كل من فضيلة الامام الأكبر شيخ الأزهر والدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف كلمة بهذه المناسبة، وقام وزير الأوقاف بإهداء الرئيس نسخة من موسوعة «الدروس الأخلاقية» التى أخرجها شباب علماء وزارة الأوقاف ونسخة من كتاب «الزهروان فى متشابهات القرآن» لعدد من الباحثات المصريات والواعظات من وزارة الأوقاف. كما كرم الرئيس عدداً من المصريين والعرب والناطقين باللغة العربية الفائزين فى مسابقة حفظ وتفسير القرآن الكريم.