توجد دائرة متخصصة تقع ضمن نطاق مكتبة الكونجرس الأمريكى تقوم كل يوم بعملية تحديث لتقارير وأبحاث بشأن طائفة واسعة من قضايا السياسة الداخلية والخارجية وتقوم بكتابة مذكرات ردا على استفسارات النواب، أو فريق العمل فى مكاتب النواب، ومعظم التقارير متاحة لأى شخص لديه حق الوصول إلى الشبكة الداخلية للكونجرس. وهناك تقارير غير سرية أيضا تقدمها دائرة الأبحاث دون إذن من الكونجرس باعتبارها خدمة عامة للرأى العام ليعرف أين تقف الولاياتالمتحدة من قضايا شتي. فى التاسع من يونيو الحالى أصدرت الدائرة تقريرا عن العلاقات الأمريكيةالقطرية بعنوان قطر: الحكم والأمن والسياسة الأمريكية للباحث كينيث كاتزمان المتخصص فى شئون الشرق الأوسط. التقرير الذى يصل إلى كل مكتب للنواب فى مجلسى النواب والشيوخ يُوصف طبيعة العلاقات الثنائية، وأهمية التعاون مع بين واشنطنوالدوحة فى مجالات كثيرة، من بينها أدوار الوساطة القطرية فى ملفات إقليمية فى العقد الأخير إلا أن هناك أجزاء فى التقرير تحتاج إلى تسليط الضوء عليها وهى الخاصة بقضايا تمويل الإرهاب ورغم محاولة التوازن فى العرض من أجل المصلحة الأمريكية فى استمرار التعاون مع الحكومة القطرية فإن الشواهد الظاهرة للعيان لم يستطع تجاوزها. فهو يقول وفقا للمسئولين الأمريكيين، «تواصل الكيانات والأفراد داخل دولة قطر أن تكون مصدرا للدعم المالى للجماعات المتطرفة الإرهابية والتى تمارس العنف، وبخاصة الجماعات الإقليمية التابعة لتنظيم القاعدة مثل جبهة النصرة». وينقل التقرير عن دانيال جلاسير من مكتب مكافحة الإرهاب والاستخبارات المالية، ما قاله أمام أحد معاهد الأبحاث بواشنطن العاصمة بأنه خلال العقد الماضى أحرزت قطر تقدما أقل فى مكافحة تمويل الإرهاب (من السعودة) وأن الولاياتالمتحدة قد فرضت عقوبات على العديد من الأشخاص الذين يعيشون فى قطر، بمن فيهم مواطنون قطريون، بسبب قيامهم بجمع أموال،أو تقديم تبرعات لتنظيمى القاعدة وداعش. وفى أواخر فبراير الماضي، (ربما) فى محاولة لإظهار تعاونها، استضافت قطر اجتماعا لمجموعة العمل العالمية «إيجمونت جروب» المكونة من 152 وحدة استخبارات مالية من كل البلدان! فى موضع آخر، يشير التقرير إلى الحالة الراهنة لعلاقات قطر مع الأطراف الإقليمية المؤثرة مثل مصر ودول الخليج وإيران إلا أن ما يقوله عن دعم الإرهاب فى سوريا واضح تماما ولا لبس فيه على خلاف كل الروايات القطرية وأصدقاء النظام الحاكم وإعلامه فهو يقول: «كانت قطر نشطة فى دعم المتمردين المناهضين للأسد فى سوريا، بما فى ذلك عمليات توفير الأسلحة. ومع ذلك، فقد دعمت قطر فصائل تتنافس مع بعض الفصائل المناهضة لبشار الأسد والتى تدعمها دول خليجية أخري. وعلى وجه الخصوص، أقامت قطر علاقات مع جبهة النصرة، التى تصنفها الولاياتالمتحدة كمنظمة إرهابية أجنبية، ولا تدعمها أى من دول مجلس التعاون الخليجى الأخرى. وكانت نية قطر المعلنة هى حث جماعة النصرة على قطع علاقاتها مع القاعدة، وقد فعلت ذلك رسميا فى يوليو 2016، على الرغم من أن المراقبين يرون أن الجماعة لا تزال على تواصل مع قيادة القاعدة..». ويتناقض التقرير فى موضع آخر عندما يقول إن «التعاون بين الولاياتالمتحدةوقطر ضد الجماعات التى تتفق الدولتان على تصنيفها جماعات إرهابية، مثل تنظيم «داعش» هو تعاون واسع النطاق. ومع ذلك، وكما ذكرنا آنفا، تعتبر قطر بعض المجموعات التى تعتبرها الولاياتالمتحدة منظمات إرهابية هى نفسها حركات مشروعة تسعى لتحقيق أهداف يتفق عليها المسئولون والمواطنون القطريون فى كثير من الأحيان. وأشار بعض الخبراء إلى أن الحكومة القطرية قد انتهكت تعهدها للولايات المتحدة بعدم السماح للأئمة (القطريين) بالقيام بما يعتبره البعض تحريضا دينيا... فى الماضي، ربما قبل ظهور التهديد العالمى لتنظيم القاعدة بشكل حاد فى هجمات 11 سبتمبر، قدم مسئول قطرى رفيع المستوى الدعم لأفراد القاعدة المقيمين فى قطر أو من عبروا من خلالها، بما فى ذلك مساندة مدبر هجمات نيويورك خالد الشيخ محمد»!! وعن العلاقة بين الدوحة وموسكو، يقول تقرير دائرة أبحاث الكونحرس إنه «فى أعقاب تدخل روسيا فى النزاع السورى فى سبتمبر 2015، زار الأمير تميم روسيا فى يناير 2016، وأكد مجددا دعم قطر الثابت لحل تفاوضى للصراع. وفى أواخر نوفمبر 2016، أعلن وزير خارجية قطر أن الدوحة ستواصل تسليح المتمردين السوريين حتى لو توقفت إدارة دونالد ترامب عن دعم فصائل المتمردين. وأضاف أن قطر لن تزود المتمردين بالأسلحة المضادة للطائرات المحمولة كتفاً فى غياب قرار متعدد الأطراف للقيام بذلك. وفى الوقت نفسه، ومع الاعتراف بالنفوذ الروسى فى سوريا، وربما فى المنطقة على نطاق أوسع، زاد صندوق الثروة السيادية القطرى من استثماراته فى روسيا، وبخاصة فى شركة الطاقة العملاقة «روزنيفت». ويظهر الاهتمام الأمريكى بمصير «صندوق الثروة السيادية» الذى تديره هيئة قطر للاستثمار، ويقدر حجم أمواله بنحو 250 مليار دولار. ويقول التقرير إن «الصندوق يمكن أن يمنح قطر حماية كبيرة من تداعيات استمرار انخفاض أسعار الطاقة على الأقل فى السنوات القليلة القادمة». ويكشف التقرير أن «قطر كانت مترددة فى الاعتماد عل هذه الأصول لتمويل عمليات ميزانيتها حيث إن العديد من استثمارات هيئة الاستثمار القطرية تتكون من العقارات وغيرها من الأصول غير السائلة نسبيا. وفى مايو 2016، عرضت قطر سندات ب 9 مليارات دولار كوسيلة لجمع الأموال دون سحب استثماراتها الإستثمارية وخفضت بعض صور الدعم لمعالجة النقص فى الميزانية». هذا بعض مما يوضع على مكاتب نواب الكونجرس بشأن قطر وأزمة تمويل أنشطة الإرهاب اليوم.. يحمل إدانة لممارسات سلطة غير مسئولة، ولكنه يحمل أيضا رائحة «البراجماتية» السياسية التى تضع مكاسب الدولة العظمى فوق المبادئ وتضع خط رجعة عن مواقف حازمة مطلوبة .. أو هكذا نتصور! [email protected] لمزيد من مقالات عزت ابراهيم;