مع حلول الذكرى السابعة والتسعين لتوقيع «معاهدة تريانون» التى اقرت تصفية آخر معاقل «امبراطورية النمسا- المجر»، واعادت رسم حدود بلدان وسط اوروبا، بدأ المجريون زحفهم صوب الاراضى التى اقتطعتها المعاهدة من بلادهم فى اعقاب الحرب العالمية الاولى، لتضمها الى ما جاورها من بلدان ومنها رومانياواوكرانياوسلوفاكيا. ذلك ما شهدناه مؤخرا تدفقت مئات الالوف من المجريين الى اراضيهم السابقة ضمن حدود الدولة الرومانية والتى كانت تسمى «ترانسلفانيا»، وتبلغ مساحتها ما يقرب من ربع مساحة الوطن. وكانت السلطات الرسمية فى المجر وفرت سبل الانتقال بالمجان للراغبين فى المشاركة ,فضلا عن تزعم رئيس المجر ادر يانوش وقرينته، وعدد كبير من ابرز المسئولين فى الدولة والحكومة، لهذه المسيرة، تحت شعار «لم شمل المجريين» ممن يبلغ عددهم خارج حدود الوطن، ما يزيد عن خمسة عشر مليونا يقطنون فى معظمهم فى كل من رومانياوسلوفاكيا وصربيا واوكرانيا والولايات المتحدة. وفى حديثنا مع الدكتور السيد حسن رئيس اتحاد الجاليات العربية والجالية المصرية، والمقيم فى المجر منذ عقود طويلة، قال ان هذه المناسبة باتت اشبه بحج المجريين الى اقليم «ترانسلفانيا» حيث جبل تشيك شوميو المقدس للمجريين الكاثوليك، وكنيسة السيدة مريم عليها السلام. أضاف ان المجريين يقيمون هناك صلواتهم، وانه ورغم العدد الهائل من المجريين الذى عادة ما يزحف الى اراض دولة مجاورة متخطيا كل الحدود، فان المسيرة تجرى بمباركة السلطات الرومانية وفى امان وسلام دون اية مضايقات». واستطرد ليقول «ان الشباب وكبار السن يشدون الرحال الى هناك تاكيدا على عدم نسيان «نكبة تريانون»، وسعيا وراء التواصل الروحى والانسانى مع اقرانهم من المجريين الذى شاءت الاقدار تبعيتهم لغير الوطن». ومن اللافت ان الحكومة المجرية تساهم بقدر كبير فى التخفيف من معاناة هؤلاء المجريين بالمساعدات المادية، وكل سبل التواصل الروحي، تدعمها فى ذلك ما اقرته معاهدة «شينجين» من فتح للحدود، وتسهيل سبل الاتصال بين مواطنى البلدان الاوروبية. اما عن معاهدة تريانون التى جرى توقيعها فى بهو قصر تريانون الكبير فى «فرساي» فى ضواحى باريس، فقد جرى توقيعها فى الرابع من يونيو عام 1920 ، بهدف انهاء وجود امبراطورية النمسا- المجر، واعادة رسم حدود «القارة العجوز»، وبما اسفر عن قيام دول جديدة مثل سلوفاكيا وكرواتيا فى يوغوسلافيا القديمة، وترانسلفانيا التى جرى ضمها الى رومانيا، وكلها قامت على اراض مجرية ، الى جانب ما جرى اقتطاعه من اراض فى شرق المجر لضمها الى اوكرانيا المجاورة. هذه المعاهدة لا تزال تبدو عقابا قاسيا للمجر لدورها المحورى فى الحرب العالمية الثانية ، بما افقدها مساحات هائلة من اراضيها، فضلا عن الابقاء عليها محصورة داخل مساحة برية ضيقة، لا تحدها اى من البحار المجاورة التى كانت تطل عليها قبل التوقيع على هذه المعاهدة التى يصفونها ب»الجائرة». وبهذا الصدد نصت المعاهدة على تسليم الحلفاء كل ما تملكه من اساطيل حربية وتجارية.