"إنت ماحدش بيعملك حساب".. هو أحد الإعلانات الذي يتم الترويج له على شاشات الفضائيات خلال شهر رمضان الكريم.. والإعلان لأسرة واحدة بها شاب مراهق وأختيه وأمه ووالده، ويظهر الوالد دائماً مضطهداً ابنه أو هكذا يصوره الإعلان. والإعلان يتم تصويره في مشاهد مختلفة للأسرة، تارة في محل عصير قصب والأب يسأل جميع الأسرة ما يرغبون في شرابه، فتختار الأم والبنت عصير مانجو، فيما يطلب هذا الابن (المضطهد) عصير قصب، فيسخر منه الأب ويقول له حتشرب مانجو، غير ملتفتاً لما يطلبه الابن، فيمتعض الشاب ويقول له: أنا عندي حساسية من المانجو.. وطبعاً يتجاهله الأب وأفراد الأسرة... وتارة أخرى في منزل الأسرة، حين يدق جرس الباب رجلاً ويفتح الشاب المراهق، فيجد رجلاً أمامه يقول له: "عاوز حد كبير أتكلم معاه"، فيجيبه الشاب: اتفضل.. فيكرر الرجل: عاوز حد كبير، حد مسئول.. فيأتي الأب من الداخل، ويدفع بابنه جانباً ويقول له: ادخل، ثم يكمل حديثه مع الرجل طارق الباب! والمشهد الثالث، حين يدخل الأب المنزل ومعه مجموعة من الأصدقاء، ثم يجد ابنه مستلقياً على الأريكة في غرفة الجلوس، فيقوم بإيقاظه بعنف، ويقول له: امشي ادخل نام جوا.. غير مهتماً بمشاعر ابنه على الإطلاق! والمشهد الأخير، حين يستيقظ الأب ويقوم لمشاهدة التلفاز في غرفة الجلوس ويجد ابنه يشاهد ماتش كرة، ويبدو أنه لفريق مفضلاً لديه، فيمسك الأب بالريموت كونترول ويقوم بتغيير المحطة، غير مهتماً بما يشاهده ابنه (من غير ما يعمله حساب). وكل هذه المشاهد السابقة، تنتهي برسالة واضحة في الإعلان، الذي يقوم بإنتاجه أحد البنوك، رسالة للشاب وهي أن (ما حدش بيعملك حساب) احنا عملناك حساب عندنا في البنك (الفلاني)! إذا قمنا بتقييم العمل كمنتج فني، سنجد أولاً أن الشاب يبدو مضطهد فعلاً داخل أسرته ولا أحد يكترث إليه وليس للشاب رأي في شيء، وربما أسرة هذا الشاب لن تدفع به أن يكون صانعاً للقرار في يوم ما... لكن الرسالة الأهم التي يحملها الإعلان ودون أن يأخذه في الاعتبار أنه بمجرد مشاهدة الشباب لمثل هذه الإعلانات - التحريضية-، من وجهة نظري، ستخلق لدى الشباب حالة من التمرد وعدم الرضا داخل أسرهم، وربما قد تصل للتطاول على والديهم ولا نعرف إيلام سينتهي الأمر! من قلبي: يجب مراعاة الدقة في اختيار المادة التي يتم الإعلان حولها والاهتمام بالإعلان كمنتج مؤثر دون الإضرار بأي فرد في الأسرة حتى لو كان الهدف اختيار فرد في الأسرة والتأثير عليه.. فبالرغم من نجاح الإعلان كسياسة في توصيل الرسالة التي يحملها، إلا أنه لم يحافظ على الكيان الأسري، بل وضرب به عرض الحائط ولم يضعه في خطته الإنتاجية. من كل قلبي: لا أحد يستطيع أن ينكر مدى تأثير الإعلانات على الأسرة المصرية، لذا، من الضروري جداً مراعاة تكامل العمل الإعلاني من جميع الجوانب وليس من زاوية واحدة فقط وهي نجاح الإعلان. [email protected] لمزيد من مقالات ريهام مازن;