كتب :هاني عسل مروى محمد إبراهيم شريف سمير رحاب جودة خليفة يسرا الشرقاوي رشا عبد الوهاب مها صلاح الدين محمد عبد القادر ياسمين أسامة فرج زكريا عثمان --------------------------------------------------- بعد أن تسلمها الرئيس عبد الفتاح السيسي «مشوهة» و«مهلهلة» من حكم «الإخوان» في منتصف 2014، ارتقت السياسة الخارجية المصرية في السنوات الثلاث الماضية إلى مستوى إيجابي ومتقدم لم يسبق له مثيل منذ عقود طويلة، لتتسم بالتقارب مع مختلف الدول، والتوازن الشديد بين القوى الدولية المختلفة، فضلا عن تحقيق اختراقات مهمة في طرق أبواب دول ومناطق جديدة، وذلك تحت عناوين رئيسية بارزة أهمها «مصلحة مصر أولا». فما بين علاقات وطيدة لا تؤثر فيها الهزات والخلافات مع الأشقاء العرب والأفارقة، وعلاقات نفعية متقدمة مع دول المحيط الأوروبي والآسيوي القريب، والوصول إلى مناطق علاقات دبلوماسية جديدة مثل أمريكا الجنوبية ودول العمق الإفريقي، حققت السياسة الخارجية مكاسب لافتة في غضون ثلاث سنوات، رغم وجود الكثير من التحديات والأزمات، والظروف الطارئة، ومحاولات الوقيعة واقتحام الشأن الداخلي المصري في بعض الأحيان. عربيا .. ترميم ما أفسده مرسي! شهدت العلاقات المصرية العربية تحسنا جذريا فى عهد الرئيس السيسى، رغم بعض التوترات العابرة، والتى لم تؤثر فى عمق ومتانة العلاقات بين الأشقاء. وللتأكيد على هذا الأمر، فقد كانت أولى زيارات الرئيس الخارجية إلى الجزائر فى 24 يونيو 2014، لتصبح أول زيارة لرئيس مصري منذ خمس سنوات، والتقى خلالها بالرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وبحثا تطورات الأوضاع في المنطقة العربية، وخاصة في ليبيا وسوريا. ومن ضمن 23 جولة خارجية للرئيس السيسى فى العام الأول لتوليه الرئاسة كانت هناك ست زيارات لدول عربية، شملت إلى جانب الجزائر والسودان والسعودية، دول : الأردن والكويت والإمارات أيضا. ومع حلول عام 2015، كانت أولى زيارات الرئيس الخارجية إلى الكويت في 5 يناير، كما شملت الزيارات خلال هذا العام أيضا الإمارات والسودان والسعودية. وخلال عام 2016، كان للدول العربية النصيب في ثلاث جولات خارجية من ضمن 13 جولة قام بها الرئيس، تلك التى بدأت بالمملكة العربية السعودية فى مارس، ثم كانت الزيارة الثالثة للرئيس السيسى للسودان. وفى أوائل ديسمبر، قام الرئيس السيسي بزيارة رسمية إلى الإمارات في إطار متابعة التشاور والتنسيق المستمر بين الدولتين الشقيقتين، فضلا عن مشاركة الرئيس فى احتفالات عيد الاتحاد. وفى مايو الماضى، قام الرئيس السيسى بجولة خليجية شملت الإمارات والكويت والبحرين، ثم منها إلى السعودية، وحملت زيارات الرئيس السيسى المتكررة إلى الدول العربية التأكيد على مبدأ الحفاظ على وحدة وتماسك دولة المنطقة. استقبال حافل من خادم الحرمين الشريفين للرئيس السيسى فى الرياض أما فيما يخص الشأن السوري، فقد سعت مصر للتوصل إلى حل سياسي يضمن بقاء الدولة السورية موحدة، ويؤدي إلى الانتقال الآمن للسلطة. وعلى مستوى الأزمة الليبية، فقد قامت مبادرة دول الجوار التي تبنتها مصر على ثلاثة مبادئ هي: احترام وحدة وسيادة ليبيا وسلامة أراضيها، وعدم التدخل في الشئون الداخلية لليبيا، والحفاظ على استقلالها السياسي، علاوة على الالتزام بالحوار الشامل ونبذ العنف. كما شكلت دعوة مصر لإخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل أحد ملامح توجهاتها الخارجية، إلى دعم مصر ضرورة التوصل إلى حل سياسي شامل وعادل للقضية الفلسطينية. أمريكا .. كيمياء مشتركة وإذا عرجنا على القوى الأكبر في العالم، نجد أن العلاقات مع الولايات المتحدة شهدت أقوى هذه التحولات الإيجابية وأبرزها، فمنذ انطلاق ثورة 30 يونيو لتصحيح الأوضاع في مصر وإدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما تناصب مصر العداء، وتعارض إرادة الشعب المصري، وتجلى هذا العداء في تعليق المساعدات الأمريكية لمصر، وتجاهلت الإدارة الأمريكية حينها رغبة الشعب المصري في التغيير، وأصرت على الضغط لفرض إرادتها على المصريين وساندت التنظيم الإخواني، متجاهلة كل الشواهد التي تؤكد تورطه في العمليات الإرهابية التي شهدتها مصر بعد ثورة 30 يونيو. ولكن الأوضاع تغيرت 360 درجة مع صعود الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى السلطة، حيث اعترف بالحاجة الملحة للتحالف مع مصر في مواجهة الإرهاب الذي يفتك بمنطقة الشرق الأوسط، وأكد أن مصر من أهم الدول التي يجب التضامن معها للتصدي لتنظيم داعش الإرهابي، كما تعهد بعدم التدخل في شئون الدول الأخرى، أو فرض الرغبات أو المعايير الأمريكية على الدول الأخرى، وحتى قضية حقوق الإنسان والأكاذيب التي تثار في الإعلام الأمريكي في هذا الصدد، أصبحت تناقش فقط من وراء الكواليس، بعيدا عن لغة التهديد والضغوط وإلقاء «المحاضرات»، وأصبحت قصة «الكيمياء المشتركة» بين السيسي وترامب حديث الصحافة العالمية. الصين .. علاقات صلبة كانت الصين ولا تزال تتمتع بعلاقات صداقة قوية مع مصر، وظهر ذلك جليا في زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى بكين سبتمبر 2015، تلتها زيارة الرئيس الصيني شي شين بينج إلى القاهرة في يناير 2016، وما تم خلال الزيارتين من توقيع عدة اتفاقيات في مختلف المجالات، والتعاون في مشروعات محور قناة السويس ومشروع إحياء طريق الحرير، وتوجت تلك العلاقات بدعوة بكين للرئيس السيسي لحضور قمة «بريكس» المقرر عقدها في سبتمبر القادم، لتكون مصر أول دولة عربية تشارك في تلك القمة العالمية. إثيوبيا .. تنسيق وحكمة منذ إعلان إثيوبيا في 2 أبريل 2011 وضع حجر الأساس لبناء سد النهضة، بغرض توليد الكهرباء، بدأت العلاقات تتوتر مع مصر، ووصلت إلى أدنى مستوياتها فترة حكم المعزول محمد مرسي عام 2013، ولم يساعد إعلان المبادئ الذي وقعته الحكومات في القاهرة والخرطوم وأديس أبابا على تخفيف حدة التوتر. ومع ذلك فقد اتبعت مصر المسلك الدبلوماسى مع إثيوبيا فى حل هذه القضية، وخاضت عدة جولات من المفاوضات مع إثيوبيا لبحث تطمينات بأن السد لن يؤثر على تدفق نهر النيل. وعلى الرغم من محاولات الوقيعة بين البلدين، وخاصة بمحاولات إقحام مصر في بعض المشكلات الداخلية الإثيوبية، فإن التنسيق المستمر بين الجانبين كان كفيلا بتجاوز هذه العقبات، بدليل ما حدث من تنسيق في موضوع انتخاب وزير خارجية إثيوبيا السابق توادروس أدهانوم مديرا لمنظمة الصحة العالمية. حوض النيل .. الأمل الاستراتيجي «النيل الذى ظل رمزاً لحياة المصريين منذ آلاف السنين وإلى جانب استمراره كشريان حياة المصريين علينا أن نعمل ليصبح واحة للتنمية والتعاون فيما بين دول حوضه»، هذه كانت تصريحات الرئيس السيسي التي أكد فيها أهمية دول حوض النيل بشكل واضح ومباشر، كما قام بعدة زيارات لكل من أوغندا وكينيا ورواندا كان الهدف منها هذه ليس فقط إعادة العلاقات مع دول أفريقيا، لكنها الأمل الاستراتيجى لتحقيق الاستقرار فى القارة بأكملها، والتعامل الجيد مع دول حوض النيل، والنمو الاقتصادى، ومن هنا تحركت مصر نحو اتخاذ قرار بإنهاء تجميد عضويتها في مبادرة حوض النيل، بعد سبع سنوات مقاطعة، لتعود إلى ممارسة أنشطتها كاملة في المبادرة. وكان لهذه الجهود مردود إيجابي جاء الشهر الماضي عندما أخذت الاتفاقية الإطارية لدول حوض النيل «عنتيبى»، منحًا آخر، بعد أن حددت الرئاسة الأوغندية يوم 25 مايو المقبل، موعدًا لعقد القمة الرئاسية لدول حوض النيل، لحل الخلاف القائم بين دول المنبع، ودولتي المصب مصر والسودان. فرنسا .. صفقات ضخمة وآفاق مبشرة ازدهرت العلاقات المصرية الفرنسية في عهد الرئيس السيسي، حيث كان الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا أولاند من أبرز الحضور في حفل افتتاح قناة السويس الجديدة في 2015، كما شهدت زيارة أولاند للقاهرة العام الماضي توقيع اتفاقيات وصفقات تجارية وعسكرية تقدر قيمتها بأكثر من ملياري يورو، وتصل قيمة التبادل التجاري بين البلدين حاليا إلى نحو 2،6 مليار يورو سنويا. كما أعرب الرئيس الفرنسي الجديد إيمانويل ماكرون عن حرصه الشديد على التحالف مع مصر وبقوة في مواجهة الإرهاب الدامي الذي تواجهه فرنسا ومصر علي حد السواء، ومن الواضح أنه ستكون هناك آفاق كثيرة للتعاون بين البلدين في ظل رئاسة ماكرون. اليونان وقبرص .. ترسيم في وقته تعد اليونان وقبرص من أوائل الدول التي سارعت إلى مساندة مصر منذ ثورة 30 يونيو. ودفع هذا الموقف الرئيس السيسي إلى عقد لقاءات ثلاثية ومناورات عسكرية مشتركة ووصفها بأنها تفتح آفاقا من التعاون مع دول جنوب المتوسط ولا سيما في مجال مكافحة الإرهاب. وأسهم ترسيم الحدود البحرية مع هاتين الدولتين في مواجهة أطماع إقليمية إسرائيلية وتركية في مصادر الطاقة للدول الثلاث. ألمانيا .. صفحة جديدة خلال أقل من عامين، ورغم وجود «إشكالية» حول نشاط منظمات المجتمع المدني الألمانية في مصر، تبادل كل من الرئيس السيسي والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الزيارات التي توجت بتفاهم مشترك حول عدد من القضايا، أبرزها مكافحة الإرهاب وملف الهجرة، بالإضافة إلى توثيق العلاقات الثنائية بتوقيع اتفاقات ضخمة في مجال الطاقة بالذات تنفذها الشركات الألمانية العملاقة. ففى يونيو 2015، زار الرئيس السيسي برلين، حيث أكدت ميركل دور مصر كمرتكز للأمن والاستقرار في منطقة تمزقها الصراعات، كما تم توقيع اتفاق فى مجال الطاقة بقيمة تسعة مليارات من الدولارات، وقامت ميركل في مارس الماضي بزيارة القاهرة، حيث أكدت أن أن مصر وألمانيا يربطهما تاريخ طويل من العلاقات الخاصة، وأن مصر تلعب دورا محوريا فى المنطقة، كما شددت على ضرورة التعاون المشترك لمجابهة الإرهاب خصوصا في ليبيا. بريطانيا مصر كانت على حق على الرغم من الخلافات التي سادت بين لندن والقاهرة في أعقاب ثورة 30 يونيو، والتي تجلت بوضوح إبان زيارة الرئيس السيسي للعاصمة البريطانية ولقائه خلالها بديفيد كاميرون رئيس الوزراء البريطاني السابق، فإن كاميرون أكد مرارا أن مصر شريك مهم على المستويين الاقتصادي والأمني، رغم إصرار الجانب البريطاني على تجنب تصنيف جماعة الإخوان منظمة إرهابية. وفي أعقاب تولى تيريزا ماي رئاسة الحكومة البريطانية في 2016، طلب الرئيس السيسي فتح صفحة جديدة من العلاقات الثنائية، بينما أكدت ماي أن لندن ستوصل دعم القاهرة، كما أثنت على جهود مصر في مكافحة الإرهاب، إلا أن مسألة عودة السياحة البريطانية ما زالت مسألة شائكة بين الجانبين، على الرغم من قيام شركات بريطانية بالترويج للسياحة في المنتجعات المصرية. وجاء تعرض مصر وبريطانيا لسلسلة من الهجمات الإرهابية ليؤكد أن الإرهاب يشكل عدوا مشتركا بين الدولتين، وليثبت أيضا صحة وجهة النظر المصرية في ضرورة اعتبار جماعة الإخوان إرهابية، وبخاصة بعد ثبوت تورط عناصر لها في هجوم مانشستر الأخير. إيطاليا .. و«الوقيعة»! على الرغم من أن حادثة تفجير مبنى القنصلية الإيطالية وحادثة مقتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني شوهتا العلاقات التي بدأت قوية جدا بعد ثورة 30 يونيو، فإن الفرصة ما زالت قائمة كى تستعيد الدولتان الصديقتان زخم العلاقات الذي تجلى من خلال موقف روما القوي من دعم ثورة 30 يونيو في مهدها، وبخاصة عندما اعترف ماتيو رينزي رئيس الوزراء الإيطالي السابق بزعامة الرئيس السيسي، وبأنه الوحيد القادر على إنقاذ مصر من الأزمات التي تمر بها، كما قام باولو جينتيلوني رئيس الوزراء الجديد خلال توليه منصب وزير الخارجية بزيارة إلى القاهرة التقى فيها الرئيس في يوليو 2015 أكد فيها دعم بلاده لمصر ومساندته الكاملة لمكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية، فضلا عن كشف إيني الضخم لثروات الغاز في المتوسط. ولا شك في أن التعاون بين البلدين في تحقيقات قضية ريجيني كفيل بإيجاد بارقة أمل لكشف لغز هذه القضية «المفتعلة» التي استهدفت بالأساس الوقيعة بين البلدين. أوروبا .. والاتجاه شرقا في إطار توجه الرئاسة المصرية إلى تعدد وتنوع التحالفات الدولية على الصعيدين السياسي والاقتصادي، شهدت العلاقات مع دول شرق أوروبا تطورا واضحا، ويتأكد ذلك بتتبع مسار العلاقات مع بعض الدول الرئيسية في الكتلة الشرقية. وشهدت المجر أهم الخطوات التي تم اتخاذها لتوثيق وتطوير العلاقات المصرية مع دول أوروبا الشرقية في عهد إدارة الرئيس السيسي، وذلك باستهداف استعادة وتيرة التعاون القوي بين البلدين خلال عهد الخمسينيات والستينيات، كما شكلت العلاقة مع المجر حجر الزاوية بالنسبة لتوجه مصر توطيد الروابط مع دول شرق أوروبا، حيث حضرت مصر آخر اجتماعات تجمع بلدان «فيشجراد» والمؤلف من المجر والتشيك وبولندا وسلوفاكيا. واحتفلت مصر وبولندا في مايو الماضي بمرور 90 عاما على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، فيما يشهدان تطورا واضحا في ظل إدارة الرئيس السيسي، بما ساعدها على تجاوز بعض الأزمات العارضة، ويبلغ التبادل التجاري بين البلدين خلال عام 2016 أكثر من مليار دولار. كما شهدت العلاقات بين مصر والتشيك خلال السنوات الأخيرة إحياء للتعاون الوثيق بين البلدين في مجال العسكري والتسليح، ولعبت التشيك دورا أساسيا في دعم ترشيح مصر لنيل عضوية مجلس الأمن. روسيا .. صمود رغم الأزمات تعد روسيا أبرز دول شرق أوروبا التي شهدت تطورا في العلاقات مع مصر مع بدء رئاسة السيسي وعلى مختلف المستويات بما ساعد في صمودها أمام أزمة انفجار وتحطم الطائرة الروسية في منطقة شبه جزيرة سيناء عام 2015. ويتخذ التعاون بين البلدين أكثر من بعد أولهما التعاون فيما يخص المجلس العسكري، حيث يجري الجانبان الروسي والمصري مناورات عسكرية مشتركة، كما شهد التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين تطورا مستمرا خلال السنوات الأخيرة، حيث بلغ إجمالي التبادل التجاري بين مصر وروسيا أكثر من 4 مليارات دولار عام 2016. وتعد مصر موردا رئيسيا للخضروات والفاكهة والمنتجات الغذائية المصنعة إلى روسيا فيما تشكل الأخيرة أحد الموردين الرئيسيين للأخشاب والقمح ضمن منتجات أخرى إلى مصر. وترتكز العلاقات الاقتصادية بين الجانبين على عدد من المشاريع الاستراتيجية الكبرى أهمها مشروع إنشاء محطة الضبعة النووية الذي تم توقيعه في 2015، باستثمارات روسية تصل إلى 25 مليار دولار، يضاف إلى ذلك مشروع إنشاء المنطقة الصناعية الروسية في شرق بورسعيد. وتتجاوز العلاقات الروسية- المصرية هذه المجالات إلى التعاون الدبلوماسي وتنسيق المواقف الفعال فيما يخص عددا من القضايا الدولية والإقليمية أبرزها الأزمة في سوريا وتطورات الوضع في اليمن وليبيا. وبغرض تدعيم هذا التعاون الاستثنائي، تعد مصر سادس دولة على مستوى العالم ارتبطت مع روسيا بمشاورات بصيغة 2+2 والتي تقوم على التباحث الدوري بين وزراء خارجية ودفاع الدولتين وجرت ثلاث دورات لهذه المباحثات. تركيا أردوغان .. لا أمل «من سيىء إلى أسوأ» كان هذا هو اللفظ الأنسب للعلاقات المصرية التركية بعد 30 يونيو عام 2013، وبدأ التدهور بتخفيض مستوى العلاقات مع تركيا إلى قائم بالأعمال وطرد السفير التركي في القاهرة حسين عوني بوطصالي ثم امتد إلى العلاقات الاقتصادية، وتجمدت أعمال مجلس الأعمال المصري التركي لفترة. ورغم جهود الوساطة العربية بين القاهرة وأنقرة، ووجود علاقات اقتصادية، فإن تعنت الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وإصراره على التدخل في الشأن المصري، فضلا عن استضافة بلاده لعناصر مطلوبة أمنيا، ولاجتماعات مشبوهة، كلها عوامل تؤكد أن علاقات البلدين لن تعود إلى سابق عهدها في ظل استمرار رئاسة أردوغان. الهند .. زيارات متبادلة شهد العامان الأخيران زخما ملحوظا في الاتصالات السياسية مع الهند، حيث توالت زيارات مسئوليها للقاهرة، ومن أبرزهم وزير النقل الذي شارك في حفل افتتاح قناة السويس الجديدة، وفي المقابل، زار الرئيس السيسي نيودلهى مرتين، أولاهما في أكتوبر 2015 للمشاركة فى قمة منتدى الهند إفريقيا، والثانية في سبتمبر 2016 تلبية لدعوة من نظيره الهندي براناب موخيرجي، ووصف رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي السيسي بأنه «رجل الإنجازات المتعددة». استثمارات يابانية تربط مصر واليابان علاقات متميزة تقوم على الشراكة والتعاون في مختلف المجالات ومن أبرزها الاستثمار في محور قناة السويس، وأسهم رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي في تعزيزها بزيارة للقاهرة في يناير 2015 أكد خلالها محورية الدور المصري في استقرار ورخاء الشرق الأوسط. وبدوره زار السيسي طوكيو في فبراير 2016 ليدفع العلاقات الثنائية لأعلى مستوى لها في تاريخ البلدين. كوريا .. تعاون غير مسبوق وعلى الرغم من تغير الظروف السياسية التي عصفت بكوريا الجنوبية في الفترة الأخيرة، فإن سول لم تغير أبدا من موقفها الداعم لمصر في مختلف المجالات، فقد قام الرئيس بزيارة ناجحة لسول العام الماضي وقع خلالها عدة اتفاقات تعاون مشترك مع الرئيسة السابقة بارك كون هيه، وقبل أيام من انتخاب الرئيس الجديد مون جاي ين، أعلن سون جو يون سفير كوريا الجنوبية بالقاهرة أن بلاده تنشئ أكبر مصنع بتروكيماويات فى مصر بتكلفة 3،7 مليار دولار، وسينتهى العمل به نهاية يونيو 2018. وسياسيا، أكدت سول دعمها للقاهرة في حربها ضد الإرهاب، في حين أيدت مصر الموقف الكوري الجنوي المندد بتجارب بيونج يانج النووية والصاروخية، وما تثيره من توتر في شبه الجزيرة الكورية. دروس من سنغافورة «العلاقات مع سنغافورة تشهد تطورا فى جميع المجالات تزامنا مع الاحتفال بمرور 50 عاما على انطلاقها». تلك أبرز تصريحات الرئيس السيسي لدى استقباله نظيره السنغافورى تونى تان بالقاهرة في أكتوبر 2016 ليصف الروابط التي توجها بزيارة لهذا البلد في سبتمبر 2015 أشاد خلالها بتجربتها في تعليم مادة الرياضيات وفي التعايش السلمي بين شرائح المجتمع المختلفة. طرق الأبواب اللاتينية تحظى العلاقات المصرية مع دول أمريكا اللاتينية بمكانة خاصة منذ زمن بعيد، لكنها شهدت - بلا أدنى شك - دفعة قوية مؤخرا ولا سيما مع زيارة رئيس أوروجواى إلى القاهرة التى تعد أول زيارة رئاسية رسمية للبلاد منذ تدشين العلاقات بين مصر وأوروجواي عام 1932، بل ودعوته للرئيس السيسى لزيارة بلاده، حتى أن تصديق البرلمان الأرجنتينى مؤخرا على اتفاقية التجارة الحرة بين مصر وتكتل دول الميركوسور «البرازيل والأرجنتين وأوروجواى وباراجواي»، المعلقة منذ عام 2010، يعد مؤشرا إيجابيا على حرص الجانب اللاتينى على تعزيز العلاقات مع مصر، فالاتفاقية الجديدة من شأنها أن تفتح آفاقا تصديرية غير مألوفة للمنتج المصرى، وتعمل على جذب الاستثمارات اللاتينية إلى القاهرة كبوابة عبور لأفريقيا كلها.. وتشير الأرقام الرسمية إلى أن حجم التبادل التجارى القائم بالفعل بين مصر وأمريكا اللاتينية يصل إلى 4،2 مليار دولار، حيث تصدر مصر للجانب اللاتينى الأسمدة والخضراوات والملابس الجاهزة والسجاد والرخام والجرانيت والمنتجات البلاستيكية والدوائية، فى حين تستورد فى المقابل اللحوم والدواجن، ولا سيما من البرازيل.