دائمًا ما توصف العلاقات بين مصر والسودان بالتاريخية والأزلية، رغم ما يشوبها في بعض الأوقات من تجاذبات ونقاط الضعف التي تعتري وتعكر صفو تلك العلاقات من وقت لآخر نتيجة، لكن في النهاية فإن هناك عدة قواسم مشتركة تجمع البلدين لعل أبرزها نهر النيل، هذه العلاقات المصرية السودانية امتدت خلال السنوات القليلة الماضية لتشمل دولة الجنوب الوليدة. العلاقات بين مصر والسودان كانت ولا تزال تشهد حالات شد وجذب بين الحين والآخر، باختلاف وتعاقب الحكومات والأحداث السياسية في البلدين، وأضرت هذه الاضطرابات التي شهدتها القاهرة مؤخرا بدورها الريادي في القارة، بل وأضعفت العلاقات المصرية العربية الإفريقية عموماً، والعلاقات المصرية السودانية على وجه الخصوص، لكن تغير السياسة المصرية الخارجية واستعادة السيادة المصرية من شأنه أن يُعيد تلك العلاقات لسابق عهدها. وصل رئيس جنوب السودان "سلفاكير ميارديت" عصر أمس الخميس إلى القاهرة على رأس وفد رفيع يضم 8 وزراء، هم الخارجية، والكهرباء والري والسدود والنفط والتعليم والصحة والاتصالات والشباب والرياضة والثقافة ووزير مكتب الرئيس، في زيارة تستغرق يومين، حيث يلتقي خلال الزيارة نظيره المصري "عبد الفتاح السيسي"، وتعد هذه الزيارة الأولى منذ تولي الرئيس "السيسي" رئاسة الجمهورية، حيث جاءت بناءً على الدعوة التى وجهها الرئيس "السيسى" ل"سلفاكير" على هامش أعمال القمة الأفريقية التى عقدت بمالابو في غينيا فى شهر يونيو الماضى. كان في استقبال "سلفاكير" بمطار القاهرة رئيس الوزراء "إبراهيم محلب"، حيث توجه رئيس جنوب السودان إلى القصر الرئاسي للقاء نظيره المصري، قبل أن يعقد الوزراء الثمانية لقاءات ثنائية مع نظرائهم المصريين، وأعلنت الجامعة العربية أن "نبيل العربي" الأمين العام للجامعة، سيلتقي اليوم الجمعة رئيس دولة جنوب السودان، ومن المقرر أن يبحث "العربي" و"سلفاكير" في لقائهما، تطورات الأوضاع في المنطقة وتعزيز التعاون بين الجامعة العربية ودولة جنوب السودان ومواصلة جهود التنمية والاستثمار هناك. وصف السفير "إنطونى كون" سفير جنوب السودان لدى مصر، موقف مصر الداعم لجنوب السودان ب"غير المحدود" ومتواصل ومستمر فى أشكال مختلفة خاصة فى مجالات التعليم والصحة، وعن موقف دولة جنوب السودان من مشروع سد النهضة، أكد سفير جنوب السودان أن بلاده تحرص على أن يكون هناك انفراجة فى هذا الموضوع لا سيما وأن جوبا ترتبط بعلاقات مع كافة الدول، مشيرا إلى أن بلاده تثق وتأمل فى أن هذه الانفراجة ستفتح أفاقا جديدة للتعاون بين حوض النيل وأن جنوب السودان ستبذل قصارى جهدها من أجل المساهمة فى حل المشكلة لأن مصر تشكل قوة كبيرة لدول حوض النيل. أثمرت الزيارة عن توقيع مصر ودولة جنوب السودان غداً السبت على أول اتفاقية للتعاون الثنائي في مجال إدارة الموارد المائية وإقامة المشروعات المشتركة، وتشكيل هيئة مشتركة بين البلدين مما يتيح تواجدا دائما ورسميا لبعثة الرى المصرى بجنوب السودان على غرار البعثة الموجودة فى السودان. وقال الدكتور "حسام مغازي"، وزير الموارد المائية والري إن الاتفاقية سيكون لها عظيم الأثر في تدعيم الجهود المشتركة لمواجهة التحديات المستقبلية التي ستسهم في تقوية مسيرة التعاون بين مصر وجنوب السودان، نحو تحقيق المصالح والأهداف المشتركة للدولتين في مجالات المياه، الأمر الذي تعتبره مصر حتميا للنهوض بالأجيال القادمة. لا شك أن هذه الزيارة ستفتح آفاقا جديدة للعلاقات بين القاهرةوجوبا، وستنعكس إيجابا على عدة قضايا مشتركة داخل أفريقيا أبرزها ملف سد النهضة والاضطرابات الأمنية التي تشهدها الدول الأفريقية، فضلا عن أنها تشير لعودة مصر إلى القارة مجددا بعد رفع تجميد عضويتها بالاتحاد الأفريقي.