«القيم والأخلاق والمواطنة» شعار الأوقاف فى مركز شباب الجزيرة

فى إطار خطة وزارة الأوقاف للتواصل مع الشباب وتصحيح المفاهيم المغلوطة، والرد على أكاذيب الجماعات الإرهابية، جاء انعقاد ملتقى الشباب تحت عنوان «القيم والأخلاق والمواطنة»، بمركز شباب الجزيرة، بالتعاون بين وزارتى الأوقاف والشباب والهيئة الوطنية للإعلام.
ويشهد الملتقى يوميا مناقشات وحوارات مفتوحة بين علماء الدين والمفكرين مع الشباب، حول مختلف القضايا الدينية وقيم التسامح والتعايش السلمى والمواطنة، وتفنيد أغاليط الجماعات المتطرفة التى تسعى دائما للتأثير على الشباب وتجنيدهم ضد أوطانهم، ومن هنا كانت أهمية الملتقى الذى يعقد فى أكبر تجمع شبابى فى القاهرة.
وحول أهداف ودور الملتقى الذى يعقد يوميا على مدى شهر رمضان بمركز شباب الجزيرة بالقاهرة تحت عنوان: «ملتقى القيم والأخلاق والمواطنة» بالتنسيق مع وزارة الشباب والرياضة، يقول الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، إن تلك المبادرة تأتى فى ضوء توصيات المؤتمر الوطنى الأول للشباب بمدينة شرم الشيخ وما انبثق عنه من مؤتمرات شهرية ولقاءات على مستوى المحافظات، ويهدف إلى ترسيخ منظومة القيم والأخلاق، وتعزيز روح الانتماء الوطنى وبخاصة لدى الشباب، من خلال اللقاء المباشر بين الشباب والفتيات على اختلاف أطيافهم السياسية ومشاربهم الثقافية وتنشئتهم الاجتماعية وعلماء الدين والنفس والاجتماع والمفكرين والمثقفين والأدباء والسياسيين والإعلاميين والمسئولين التنفيذيين فى جلسات حوار فكرى وثقافى ووطنى بنّاء، لمناقشة مختلف القضايا، والاستماع الجيد إلى رؤى الشباب فيها، والخروج فى نهاية الملتقى بتوصيات قابلة للتطبيق.
وأشار جمعة إلى أهمية إحياء منظومة القيم والأخلاق والمواطنة لما لها من انعكاس على الأداء فى مختلف المجالات، فبترسيخ القيم والأخلاق نسهم فى القضاء على مثالب اجتماعية خطيرة كالغش والاحتكار والاستغلال والتربح واستغلال النفوذ وسائر أنواع الفساد المترتبة على الضعف البشرى وغياب الوازع الدينى والقيمى، ببيان أن الإتقان والالتزام بالقيم سيعود بالنفع على صاحبه فى الدنيا والآخرة.
وفى سياق متصل يقول الشيخ جابر طايع، رئيس القطاع الدينى بوزارة الأوقاف، إن هذا الملتقى الذى يأتى انعقاده يعد ضمن الخطة الدعوية للوزارة فى شهر رمضان، يهدف إلى توعية الشباب وعودة منظومة القيم التى عاش عليها المجتمع قرونا طويلة، كما يهدف إلى حماية الشباب من الفكر المتطرف، وخلال الأسبوع الأول من شهر رمضان المبارك شهد الملتقى العديد من القضايا التى تهم الشباب، كما شهد إقبالا شبابيا كبيرا، نظرا للإعداد الجيد واختيار الموضوعات لمناقشتها طول أيام رمضان.
الهوية المصرية
من جانبه أوضح الدكتور محمد كمال إمام، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الإسكندرية، أن المجتمع المصرى على امتداد تاريخه قائم على أسس منها، الجوار السمح فالجميع يتعاملون بالحسنى، وهو مجتمع قادر على معالجة مشكلاته بنفسه دون اللجوء إلى السلطة, مشيرا إلى أن هناك مشكلة ظهرت على السطح، وهى الانفصام بين الدين والسلوك، فنحن نعلم أن الدين يصنع الثقافة, والثقافة تصنع التدين، فالدين علاقة مباشرة مع الله عز وجل، تنعكس على منظومة الأخلاق والدفاع عن الأرض والوطن والعرض, لكن كل ذلك يتلاشى نتيجة تدين مغلوط، بسبب الجماعات المتطرفة يتسبب فى الهدم وعدم الاستقرار، فنحن نحتاج إلى تطور فى الخطاب الديني، وهو أمر بالغ الأهمية.
وأكد الدكتور حسن خليل الباحث بمشيخة الأزهر الشريف أن كل عبادات الإسلام تدعو إلى تهذيب الأخلاق، فالشعائر التعبدية إذا لم تنطبق على سلوكياتنا فلا فائدة منها, فالصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ومن لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر فلا صلاة له, وكذا الصيام يؤدى للتقوى (لعلكم تتقون). ويجب أن نعمل معًا فى سبيل البناء والتعمير والتنمية فى شتى المجالات الفكرية والثقافية والاقتصادية والتنموية والمجتمعية، كما نعمل على تصحيح المفاهيم الخاطئة والأفكار المنحرفة، وترسيخ منظومة القيم والأخلاق والمواطنة، وعلى اجتثاث الإرهاب من جذوره، فمع الإرهاب لا أمن ولا تنمية ولا استثمار.
وفى السياق نفسه أكد الدكتور أحمد زايد أستاذ علم الاجتماع، أن مصر بتكوينها الفريد تمثل شخصية لا نظير لها فى العالم, وهناك خصائص ثابتة للشخصية المصرية أهمها: الاستمرار عبر التاريخ, والقدرة على التكيف مع كل الحضارات التى طرأت عليها, والتعايش مع مختلف المتغيرات، والعمق التاريخى منح الشخصية المصرية القدرة على الصبر، والتجانس فى العادات والتقاليد بين أفراد المجتمع على اختلاف أديانهم، فلا يوجد تباين فى سمت الحياة، وهناك مشترك عام فى مختلف التصرفات، وهذا جعل التدين المصرى يتميز بالتسامح والحب والسلام .
إحياء منظومة القيم
كما يناقش الملتقى أيضا قضية إحياء منظومة القيم، وأكد الدكتور عبدالله النجار عضو مجمع البحوث الإسلامية، أن الأخلاق غاية إنسانية نبيلة، وبالأخلاق القويمة نصل إلى أهدافنا بطريقة آمنة وسليمة، مشيرا إلى أن أخلاق النبى صلى الله عليه وسلم، كانت هى سر نجاح دعوته، حيث كان يتصف بالخلق القويم قبل البعثة وبعدها، فكان أهل مكة يطلقون عليه الصادق الأمين، ولم يثبت عليه صلى الله عليه وسلم، أنه فعل شيئا ينافى الأخلاق، وهو الذى وصفه رب العزة سبحانه فى كتابه العزيز فقال «وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ»، وقالت عنه السيدة عائشة رضى الله عنها «كان خلقه القرآن»، وقالت «كان قرآنا يمشى على الأرض»، فما أحوجنا اليوم إلى بث قيم الأخلاق، والتحلى بها فى جميع جوانب حياتنا.
العنف ضد المرأة
ولم تكن قضايا المرأة غائبة عن مناقشات الملتقى فقد حظيت باهتمام وزارة الأوقاف ، حيث ناقش علماء الدين وخبراء الاجتماع قضية العنف ضد المرأة، وأوضح الشيخ محمد الدومى إمام وخطيب بالأوقاف، أن العنف ضد المرأة ينتج بسبب التربية الخاطئة وغرس القيم السلبية، موضحا أن التحرش ليس عنفا موجها ضد المرأة وحدها بل للمجتمع بكامله، كما أوضح أن تأخر سن الزواج ليس مبررا للتحرش، والدين لا يسمح بالتعدى على الآخر لا بالقول أو الفعل، فالتحرش جرم لا يجب فعله، ولا بد من المواجهة الحاسمة.