انطلقت مناقشات بشأن زيادة الحد الأدنى للأجور فى مصر حيث أكدت بيانات البنك الدولى لعام 2001 أن الحد الأدنى للأجور فى مصر للفترة من 1995: 1999 يبلغ 415 دولاراً سنوياً فقط. فى حين يتراوح فى كل من تونس والجزائر من 1300 و1500 دولار، واذا وضعنا في الاعتبار أن نسبة الإعالة في مصر حوالي3 إلي1 حسب تقرير التنمية البشرية2006 فسنجد أن الحد الأدني للأجر هو أدني بكثير من خط الفقر المدقع والمقرر دوليا بدولار واحد في اليوم. يأتي ذلك في الوقت الذي وصف فية بعض الأقتصاديين هذا الأمر' بالكارثي' بالنسبة للموازنة العامة للدولة حال الاستجابة له وتطبيقه علي الموظفين بالدولة البالغ عددهم6 ملايين موظف, في حين ان الأمر يحتاج الي السيطرة علي الأسعار وتحسين الخدمات للمواطنين في المقام الأول وإلا أصبح الحد الأدني للأجور مدخلا لزيادة الأسعار. ولذا كان هذا التحقيق. وفقا للإحصائيات الرسمية للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء فقد بلغ إجمالي عدد المنشآت القطاع العام/الأعمال العام والقطاع الخاص15086 منشأة عام2008 مقابل16098 منشأة عام2007 بانخفاض قدرة1012 منشأة بنسبة29,6%. وبلغ عدد العاملين فيها1643496 عاملا عام2008 مقابل1606115 عام2007, بزيادة قدرها37381 عاملا بنسبة33,2%. في حين وصل متوسط الأجر الأسبوعي في كل منشآت القطاع العام/قطاع الأعمال والقطاع الخاص329 جنيها للفرد عام2008 مقابل252 جنيها عام2007 كما بلغ متوسط ساعات العمل56 ساعة في الأسبوع عام2008 مقابل55 ساعة عام.2007 و من الملاحظ ان راتب المواطن الذي كان يمنحه نوعا من الحياة الكريمة مع بعض الصعوبات, تحول إلي كابوس لا يستطيع الفرار منه في ظل عجزه عن الوفاء بأبسط الالتزامات, برغم ارتفاع بند الأجور في الموازنة العامة2009-2010 إلي نحو86 مليار جنيه, ومن المتوقع أن يصل في خطة موازنة2010 2011 إلي95 مليار جنيه, ومما يدلل علي عجز المواطن وضيقه من عدم القدرة علي التوفيق بين دخله وإنفاقه, عدد الإضرابات والاعتصامات التي شهدها عام2009, الذي بلغ نحو34 اعتصاما, و17إضرابا, و31 وقفة احتجاجية. إضافة إلي اعتصامات مطلع عام2010 لعدد من موظفي الشركات والمصانع, وبات الحد الأدني للأجور الذي يطالب به المواطنون لا يقل عن1200 جنيه شهريا وهو ما يعادل220 دولارا أمريكيا. كما أن متوسط أجر العامل المصري طبقا للميزانية الأخيرة2009 2010 يبلغ بالفعل1200 جنيه ولكن الملاحظ أن الفارق في الأجور يحدث بين نسبة الأجر الأساسي الذي يبلغ خمس الأجر الشامل, إلي الأجر المتغير الذي يقدر لدي عامة العاملين في الدولة بنسبة75% من الأجر الأساسي, وهكذا فإن متوسط الأجر الأساسي لما يقرب من6 ملايين عامل لا يتجاوز240 جنيها شهريا. ولذا وصف المرصد المدني لحقوق الانسان إن تفشي البطالة وتدني مرتبات واجور الغالبية العظمي من الشعب المصري يهدد الحق في الغذاء في مصر ويعد انتهاكا للمادة11 من العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية الذي صادقت عليه مصر في بداية الثمانينات. إن قضية الحد الأدني للأجور معمول بها في الولاياتالمتحدة, حيث تحددها ب7 دولارات تقريبا للساعة. ولكن بالنسبة لمصر فان بيانات البنك الدولي عن الحد الأدني للأجور تتوقف قبل عام2000, حيث من الملاحظ أن الحدود الدنيا للأجور التي تقبل بها التأمينات الاجتماعية في عقود العمل تتراوح بين120 و150 جنيها شهريا, وهو ما يقل عن الحد الأدني الذي يشير إليه تقرير البنك الدولي إذا أخذنا في الاعتبار الأسعار الجارية للدولار. وإذا وضعنا في الاعتبار أن نسبة الإعالة في مصر نحو3 إلي1 حسب تقرير التنمية البشرية2006, وهو ما يعني أن الأجر ينفق منه علي ثلاثة أفراد, سنجد أن الحد الأدني للأجر هو أدني بكثير من خط الفقر المدقع والمقرر دوليا بدولار واحد في اليوم للفرد. بعض رجال الاقتصاد وصفوا المطالب الخاصة بوضع حد أدني للأجور, ب الكارثي حال الاستجابة لها وتطبيقها علي الموظفين بالدولة قد والبالغ عددهم6 ملايين موظف, في الوقت الذي شدد الكثيرون علي أن تحسين مستويات المعيشة لا يتم بزيادة الأجور فقط وإنما بالسيطرة علي الأسعار وتحسين الخدمات للمواطنين, حيث سيمثل كارثة علي مستوي الموازنة العامة للدولة المرتبكة بالفعل نتيجة إقرار علاوة سنوية للموظفين قدرها30% في مايو2008 يأتي ذلك في الوقت الذي يعتبر فيه نصف العاملين في الجهاز الإداري بالدولة قد تم تعيينهم في فترات زمنية كانت تسمح بتعيين الآلاف دون رقيب أو تقييم, وفي بعض الأحيان بالمجاملة, الأمر الذي أدي إلي أن أكثر من50% من هؤلاء الموظفين غير مستغلين بشكل حقيقي, وهو ما دفع الحكومة مؤخرا إلي وقف التعيينات للحد من ترهل الجهاز الإداري. الموازنة العامة يأتي ذلك في الوقت الذي أوضح د. يوسف بطرس غالي وزير المالية في تصريحات سابقة له إن قيمة العجز في الموازنة العامة للدولة لعام2011/2010 يصل إلي نحو106 مليارات جنيه بزيادة تبلغ ثمانية مليارات عن العام المالي الحالي, وكان العجز حوالي71 مليارا في عام2008,2007. المحسوبية من ناحية اخري أكدت دراسة حديثة أن سياسة الأجور المتبعة في مصر حاليا تفتقر إلي العدالة ولا تشجع علي الاستثمار لكونها مرتبطة بالمؤهل وليس بالمهارة او التصنيف المهني, كما أن الترقيات تقوم علي الاقدمية لا الكفاءة. من جانبة اوضح د. صلاح جودة رئيس مركز الدراسات الاقتصادية من الملاحظ أنه منذ بداية تنظيم الوظيفة العامة في مصر في منتصف الثلاثينيات من القرن العشرين, أن السعي نحو العدالة والمساواة كان يصطدم دائما ببيئة اجتماعية وثقافية ووظيفية مسكونة بالمحسوبية والوساطة, ومن ثم إهدار مفاهيم الجدارة والكفاءة والإبداع. ولم تفلح محاولات الحكومات خاصة بعد عام1978 عبر الزيادة السنوية المستمرة في بنود الأجور المتغيرة في ربط هذا المتغير الجديد بمفهوم الإجادة أو ما يسمي في الأدبيات الإدارية مبدأ الثواب والعقاب, وإنما تحول في الواقع إلي مجرد محاولة عشوائية لتدعيم القيمة النقدية للأجر أو المرتب لموظفي الجهاز الإداري للدولة والهيئات العامة. واضاف د. صلاح جودة ان نموذج التنمية الاقتصادية الذي تتبعه الحكومة المصرية يعتمد بشكل كبير علي جذب الاستثمارات الأجنبية بعوامل مثل تدني أجور العمال, واتسام القوي العاملة المصرية بالطاعة, وضعف تشريعات عمل الأطفال والصحة والأمان, بحسب ما جاء في تقرير صادر عن مركز التضامن الأمريكي, والذي أكد أن هذا النموذج لن يؤمن النجاح الاقتصادي أو الاستقرار الاجتماعي طويل المدي, كما أنه يقوض شرعية الحكومة ويلوث سمعة مصر الدولية. ويحذر التقرير الذي يحمل عنوان العدالة من أجل الجميع.. الصراع من أجل حقوق العمال في مصر من أن هناك خطرا كبيرا بأن تقود مصر المنطقة إلي سباق تجاه القاع. واكد د. صلاح جودة أن أن الحد الأدني الذي ينادي به الجميع بمعدل1200 جنيه يمكن تطبيقه في جميع القطاعات بمنتهي السهولة دون حدوث أي تضخم, وذلك عن طريق العدالة في توزيع فائض القيمة كما طالب بأن تكون الضريبة تصاعدية حتي لا يتساوي الفقير بالغني.