أمين المجلس الأعلى للجامعات يفتتح فعاليات يوم العلوم الألماني 2025    عضو التطوير العقاري: شراكة الدولة والقطاع الخاص الحل الأمثل لمشكلة الإسكان لمحدودي ومتوسطي الدخل    وزير الخارجية يفتتح مصنع «سيلتال» المصري لإنتاج الأجهزة الكهربائية في السنغال    أبرزها قيادة باكستان للمخابرات الأمريكية، كتاب المهمة يكشف فضائح ال CIA على مدار سنوات    خارجية فلسطين تثمن دور مصر الداعم لحقوق الشعب الفلسطينى    التحالف الوطني: جاهزون لاستئناف قوافل دعم الأشقاء في غزة فور عودة حركة المعابر لطبيعتها    زيلينسكي: أوكرانيا بحاجة إلى مزيد من التمويل لمواصلة الحرب ضد روسيا    ياسين مرعي: انضمامي للأهلي شرف كبير.. وأنا الإنجاز الأكبر لوالدي    «الخطيب هو إللي عمل كدة».. نقاش حاد على الهواء بين إكرامي وأحمد سليمان    سعود عبد الحميد يقترب من الرحيل عن روما.. وتحديد وجهته المقبلة    هل تحليل المخدرات المفاجئ قانوني؟ التشريع يجيب    السقا: لولا وجود هنيدي مكنش حد فينا هيكون موجود.. وإبراهيم الأبيض محدش يقدر يعمله    وزير الأوقاف: الحشيش حرام كحرمة الخمر سواء بسواء.. والادعاء بحِلِّه خطأ فادح    يسرى جبر: حديث السقاية يكشف عن تكريم المرأة وإثبات حقها فى التصرف ببيتها    وكيل وزارة الصحة بالإسكندرية يتابع جهود الفرق الطبية باحتفالات العيد القومي    علاقة التوتر بارتفاع ضغط الدم وتأثيره على صحة القلب    الشيوخ اختبار الأحزاب    أحمد سعد ل علياء بسيوني: «كل سنة وانتي فاكهة حياتي» | شاهد    «الجوز» ومرض السكري.. وجبة مثالية بفوائد عديدة    حدث في 8ساعات| دخول 161 شاحنة مساعدات لقطاع غزة.. وموعد انكسار الموجة شديدة الحرارة    بالأسماء.. إصابة 8 عمال زراعيين في انقلاب سيارة على صحراوي البحيرة    عالم أزهري: خمس فرص ثمينة لا تعوض ونصائح للشباب لبناء المستقبل    «ابتدينا» لعمرو دياب يواصل اكتساح منصات الموسيقى العربية    ترامب: لم نركز على اتفاقية تجارية مع كندا    جامعة دمنهور الأهلية تعلن فتح باب التسجيل لإبداء الرغبة المبدئية للعام الجديد    ضبط مواد غذائية غير صالحة وسجائر مجهولة ودقيق مهرب بالإسكندرية    رددها الآن.. أفضل أدعية لاستقبال شهر صفر 1447 هجريًا    ترامب: أُفضل الدولار القوي رغم فوائد انخفاضه لقطاع التصنيع    برلماني: الدولة المصرية تُدرك التحديات التي تواجهها وتتعامل معها بحكمة    أنوشكا: تخوفت من فارق السن مع كريم فهمي في «وتقابل حبيب» (فيديو)    معهد بحوث تكنولوجيا الأغذية يواصل جهودة لدعم التصنيع الغذائي في مصر    «كونغرس العربية والصناعات الإبداعية» يعقد فعالياته في أبوظبي    مهرجان البحرين السينمائي يكشف عن هويته الجديدة ويستعد لدورة خامسة تحت شعار قصص عظيمة    أسعار حديد التسليح مساء اليوم الجمعة 25 يوليو 2025    جيسوس يوجه رسالة إلى جماهير النصر    نيابة باب شرقي تطلب تحريات اتهام شخص بهتك عرض طفل في الإسكندرية    مصرع شخصين وإصابة 2 آخرين في تصادم موتوسيكلين بالشرقية    وزير العمل عن دمج وتوظيف ذوي الهمم: قضية تحتاج تكاتف المؤسسات    الجيش اللبناني يُشارك في إخماد حرائق بقبرص    ثلاثي وادي دجلة إلى نصف نهائي بطولة العالم لناشئي الاسكواش    وزير الاستثمار والتجارة الخارجية يلتقي مسؤولي 4 شركات يابانية لاستعراض مشروعاتها وخططها الاستثمارية بالسوق المصري    برنامج تأهيلي مكثف لنجم الهلال السعودي    محافظ الجيزة يوجه بضبط «الاسكوتر الكهربائي للأطفال» من الشوارع    نائب وزير الخارجية الإيراني: أجرينا نقاشا جادا وصريحا ومفصلا مع "الترويكا الأوروبية"    باستقبال حافل من الأهالي: علماء الأوقاف يفتتحون مسجدين بالفيوم    «100 يوم صحة» تقدّم 14.5 مليون خدمة طبية مجانية خلال 9 أيام    أسعار الأرز في الأسواق اليوم الجمعة 25-7-2025    شرطة النقل تضبط 1411 قضية متنوعة في 24 ساعة    إزالة 196 حالة تعدٍ على أراضي أملاك الدولة بأسوان خلال 20 يومًا - صور    بعض الليالي تترك أثرا.. إليسا تعلق على حفلها في موسم جدة 2025    الحكومية والأهلية والخاصة.. قائمة الجامعات والمعاهد المعتمدة في مصر    واشنطن تدعو إلى وقف فوري للاشتباكات بين تايلاند وكمبوديا    متحف الفن المعاصر بجامعة حلوان يستعد لاستقبال الزوار    مواعيد مباريات الجمعة 25 يوليو - الأهلي ضد البنزرتي.. والسوبر الأردني    نجم الزمالك السابق يوجه رسالة خاصة ل عبد الله السعيد    شديد الحرارة والعظمى 44.. حالة الطقس في السعودية اليوم الجمعة    لا ترضى بسهولة وتجد دائمًا ما يزعجها.. 3 أبراج كثيرة الشكوى    فلكيا.. مولد المولد النبوي الشريف 2025 في مصر و3 أيام إجازة رسمية للموظفين (تفاصيل)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إسكات الأصوات الجائعة
نشر في اليوم السابع يوم 15 - 04 - 2010

برغم كفالة الدستور المصرى، وكذلك المواثيق الدولية المعنية بذلك الحق فى الحصول على أجر عادل مقابل العمل، وضرورة وضع حد أدنى للأجور يحقق العيش بكرامة ويضمن الحصول على حزمة من الاحتياجات الأساسية لحياة كريمة وإنسانية، غير أن الواقع يخالف ذلك، فالأجور فى مصر أغرب من الخيال، ولا أعتقد أن هناك دولة فى العالم يوجد فيها هذا التفاوت فى الأجر مثلما يحدث فى بلدنا، إذ يمكن أن نجد المسئول الذى هو على درجة مالية معينة فى وزارة من الوزارات لا يحصل سوى على قدر محدود لا يتجاوز ألف جنيه أو ألف وخمسمائة جنيه، بينما نجد أن نفس المسئول فى ذات المستوى الوظيفى أو الدرجة يصل إجمالى ما يتحصل عليه يتجاوز الدخل السنوى مرات لزميله فى وزارة أخرى ليصل إلى حوالى 20 ألف جنيه شهرياً، فمن يعمل مثلاً فى شركة من شركات البترول التابعة لوزارة البترول وليست الشركات الدولية، يحصل على مرتبات ومكافآت إجمالية تتجاوز أضعاف مضاعفة زميله فى نفس الموقع الوظيفى، الذى يشغله فى شركة من شركات وزارة الإسكان مثلاً، ولا يوجد أى اختلاف أو أعباء يمكن الاستناد إليها لإبراز هذا التفاوت.
والأمر ليس قاصراً على موظفى الحكومة والمسئولين، فالأرقام والإحصائيات تكشف التفاوت بالأجور بين القطاعات الحكومية المختلفة، وذلك وفقاً لموازنة وزارة المالية خلال السنوات الماضية ففى موازنة عام 2008/2009 بلغ نصيب الجهاز الإدارى نحو 38.8 مليار جنيه مقابل 31.34 مليار جنيه للمحليات، مقابل 8.9 مليار للهيئات الخدمية، أما فى موازنة عام 2007/2008، فقد استحوذت المحليات على النسبة الغالبة من الأجور المدفوعة للعاملين بالقطاع الحكومى، حيث وصل ما يحصل عليه هؤلاء إلى 26.5 مليار جنيه، مقابل 25.8 مليار جنيه للجهاز الإدارى و7.9 مليار للهيئات الخدمية، أما فى موازنة عام 2006/ 2007، فبلغ نصيب المحليات نحو 24 مليار جنيه، مقابل 20.1 مليار للجهاز الإدارى، و7.1 مليار للهيئات الخدمية، وفى موازنة عام 2005/2006، فبلغ نصيب المحليات نحو 21.7 مليار جنيه مقابل 18 مليار جنيه للجهاز الإدارى، و6 مليار جنيه للهيئات الخدمية.
ومن ناحية ثالثة، نجد أن اختلالات منظومة الأجور ليست بين القطاع الحكومى ونفسه، بل بين الحكومى ونظيره الخاص، فالحد الأدنى لأجر العامل فى الحكومة أعلى من القطاع الخاص!!، إذ يصل متوسط الأجر الشهرى للذكور شاملاً الحوافز والمكافآت والبدلات العاملين فى القطاع العام إلى 684 جنيهاً مقابل 576 لدى القطاع الخاص، وبالمثل يصل هذا الرقم للإناث العاملات فى القطاع العام إلى 684 جنيهاً مقابل 444 جنيهاً لدى القطاع الخاص، وبرغم هذا الاختلال بين القطاعين عير أن الحد شديد التدنى فى كليهما.
ومن ناحية رابعة، تلقى اختلالات الأجور بظلالها بشكل أو بآخر على منظومة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ففى ظل تدنى معدلات الأجور وارتفاع تكلفة القطاعات الخدمية وانخفاض المخصصات المالية لهذه القطاعات من الموازنة العامة، نجد أن هناك تفاوتات رهيبة ما بين الأفراد فى حصولهم على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، إذ يستطيع ذوى المرتبات العالية أن ينال "رعاية صحية مناسبة، سكن مناسب، ملبس مناسب، تعليم مناسب"، ولكن من هم دون ذلك فإنهم يقعون خارج إطار المنظومة، وهذا بخلاف ما تؤكد عليه الأرقام والإحصائيات والتقارير الحكومية من تحسن وضعية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
ملخص القول إن الأجور فى مصر تفتقد بأى شكل من الأشكال للمعايير الدولية أو الإنسانية أو القانونية المعنية بوضع الحد الأدنى للأجور، فالحدّ الأدنى للأجور فى مصر هو أدنى بكثير من خطّ الفقر المدقع، والمقرّر دولياً بدولارين فى اليوم للفرد، فوفقاً لدليل السياسة الاجتماعية الذى صدر عن الأمم المتحدة فى شهر يناير 2009 نجد أن الحد الأدنى للأجور فى الحكومة والقطاع الخاص والبالغ 142 جنيهاً، أقل من خط الفقر الأدنى فى مصر، والذى يبلغ 150 جنيهاً فى الشهر، ووفقاً للدليل احتلت مصر الترتيب الخامس على مستوى منطقة الشرق الأوسط، فيما جاء ترتيبها العالمى فى المركز 62 ضمن 112 دولة شملها البحث، كما تشير البيانات الصادرة عن البنك الدولى إلى أن الحدّ الأدنى للأجور فى مصر يبلغ 425 دولاراً سنوياً فى مقابل 875 دولاراً للعامل الجزائرى و1675 للمغربى و1775 دولاراً فى تونس و1850 دولاراً فى السنغال!! مع ملاحظة أنه يزيد من انخفاض الحدّ الأدنى للأجور فى مصر زيادة ساعات العمل التى تتراوح بين 54 و58 ساعة أسبوعياً، وذلك وفقاً لبيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء.
وفى ضوء استفحال أزمة الأجور والمرتبات نتيجة التجاهل الحكومى للسياسات الاجتماعية، التى يجب أن توازن بين الأجور والأسعار، بالإضافة لغياب المجلس القومى للأجور وامتناعه عن تحديد حد أدنى للأجور حتى الآن، فضلاً عن تداعيات ذلك على منظومة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، فلابد من مراجعة الحد الأدنى للأجور بحيث ألا يقل هذا الحد عن تكلفة الحاجات الأصلية من الضروريات والحاجيات، ليصبح 1200جنيه، كما يجب تحريك الحد الأدنى للأجور كل فترة زمنية قصيرة فى ضوء الارتفاع فى الأسعار، والعمل على دعم السلع والخدمات الضرورية للحياة المعيشية التى تقدم للطبقة الفقيرة، كما أؤكد مدى أهمية الاستفادة من التجارب الدولية المطروحة فى هذا الصدد، لقد تبين من تجارب العديد من الدول ورصد المستويات الفعلية للحد الأجور للأجور فى مصر مدى أهمية وجود أكثر من حد أدنى للأجور سواء على المستوى القومى، أو وفقاً لنوع النشاط الاقتصادى، ومن ثم نحتاج إلى وجود آليات أخرى مكملة لدور المجلس القومى للأجور، وذلك من قبيل تفعيل آليات التفاوض الجماعية، وإعادة النظر فيها لتوضيح طبيعة الشركات المساهمة فيها وقواعد المشاركة وآليات التنفيذ المستخدمة وضمان مشاركة العمال فيها، وذلك لإرساء قواعد المشاركة العمالية، ومن جانب أصحاب الأعمال فى تحديد الحد الأدنى للأجور، وتتضح أهمية ذلك فى ضوء اعتبار قدرة الصناعة على دفع الحد الأدنى للأجور أحد المحددات لقيمة هذا الحد‏.
ونهاية، فإنه لا يجب إطلاق فزاعات من نوع أن زيادة الأجور أو رفع الحد الأدنى، سوف يؤدى إلى ارتفاع معدلات التضخم أو أن هذا سيؤدى إلى هروب رأس المال الذى يعتمد بالأساس على الأيدى العاملة الرخيصة، فإذا حسنت النوايا ودخلنا فى حوار مجتمعى موسع تشترك فيه كافة أجهزة الحكومة ومنظمات قطاع الأعمال والقطاعات العمالية والنقابية المختلفة ومنظمات المجتمع المدنى المعنية بذلك بهدف هيكلة منظومة الأجور فى مصر بالشكل الذى يضمن حياة كريمة لكل مواطن، كما يضمن له فى نفس الوقت الحصول على حقوقه الاقتصادية والاجتماعية بدلاً من "تسولها" من رجال الأعمال، أو من خلال الدخول فى اعتصامات وإضرابات وافتراش الأرصفة أمام مجلس الشعب، وهنا يجب أن ندرك أن التغيير الحادث فى وسائل الإعلام، وتعلم المواطنين طرق الضغط للمطالبة بحقوقهم لا يعطى إلا فرصة أو قدرة للاستبداد أو القمع لإسكات الأصوات الجائعة.
رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.